عاش عشاق موسيقى كناوة ومختلف الأنماط الموسيقية ذات الأصل الإفريقي في العالم، طيلة ثلاثة أيام كاملة بلياليها، منذ افتتاح مهرجان كناوة موسيقى العالم، لحظات مميزة من المتعة والموسيقى الكناوية، التي أخرجت مدينة الصويرة الصغيرة من رتابتها إلى العالمية من خلال الجماهير والسياح التي حجت لمواكبة المهرجان. وخلال أيام مهرجان الصويرة كانت المدينة التي تستيقظ عادة على صيحات طيور النورس، يستمر استيقاظها إلى أوقات متأخرة من الليل على أنغام قراقيب معلمي كناوة وآلات الكنبري برفقة موسيقيين مرموقين من كل أرجاء العالم. وأبى الجمهور الصويري وعشاق الموسيقى الكناوية، الذي اكتسح منصات المهرجان في يومه الثالث، إلا أن يحتفي بألمع المعلمين ونجوم الموسيقى العالمية، التي صدحت اصواتها عاليا في سماء هذه التظاهرة، فكان الموسيقار الأميركي الكبير، وعازف الساكسفون وموسيقى "الفانك"، ماسيو باركر، في الموعد مع جمهوره في منصة مولاي الحسن، حيث أدى أجمل أغانيه التي سحرت مشاعر المعجبين بموسيقى الجاز، خصوصا وأنه يعتبر من بين الفنانين القلائل الذين لا زالوا ينشطون ويبدعون في لون "الفانك" الأصيل الذي برز سنوات السبعينات. وطيلة أيام المهرجان حج آلاف الأشخاص من المغاربة والأجانب، عشاق التراث الكناوي، إلى المنصات الأربعة التي أقيمت خصيصا لهذه المناسبة، للاستمتاع بهذا التزاوج الروحاني الأصيل والمتجدد في الوقت ذاته بين إيقاعات "كناوية" وأخرى غربية عصرية قدمتها مجموعة من الفرق الكناوية من ضمنها مجموعة المعلمين عبد الكبير مرشان وعزيز باقبو وحميد القصري من الرباط، وغيرهم. وشهدت فضاءات كل من دار الصويري وبرج باب مراكش تم المنصة الجديدة لباب المرسى، حفلات حميمية خاصة ، أحياها "المعلمين" رشيد حمزاوي وعبد اللطيف المخزومي وعبد النبي الكداري وعبد الكبيرمرشان ومحمد كيو والنادي البحري وعزيز باقبو وماجدة اليحياوي، قدموا من خلالها الموروث التقليدي الكناوي. واهتز جمهور منصة ساحة مولاي الحسن، على إيقاع أصوات المعلمين التي امتزجت بأصوات الطبول ، والأناشيد الروحانية ذات الجدور الإفريقية والتي قابلتها أحاسيس ملؤها الفرح من قبل الجماهير الغفيرة الحاضرة بمدينة موكادور ليعلن المهرجان على انصهار وتنوع عرقي وثقافي بالمغرب، بعدها اعتلى المعلمين الكناويين منصة الساحة التي تعتبر فضاء يعبق بتاريخ حاضرة الصويرة في مزيج فني متفرد، مبهرين الجمهور بحماسهم وبقدرتهم على حمل رسالة التراث المغربي وإيصاله إلى الآخرين وكسب احترام المبدعين في جميع أنواع الموسيقى،إضافة إلى أن العروض الفنية نجحت في ربط التواصل بالجدور الإفريقية للفن الكناوي وأن هذه الموسيقى تؤكد على كونية التعبير الإنساني في أرقى تجلياته تعبيرا عن انصهار الكل المتنوع في إطار ثقافة إنسانية كونية ومتعددة المشارب.