أجبرت موجة الحرارة التي تعرفها مدينة مراكش منذ نهاية الاسبوع الماضي، مجموعة من المراكشيين على البقاء في منازلهم إحتماء من حرارة الشمس الحارقة، و مع غروب الشمس يهاجر العديد من سكان المدينة منازلهم باتجاه مساحات خضراء شهدت إقبالا كبيرا. كما تحولت بعض النافورات خصوصا تلك المتواجدة بحي جيليز وشارع محمد السادس إلى مسابح عمومية للهاربين من حرارة شمس مراكش الحارقة ، والذين اضطروا إلى الإستحمام فيها بملابسهم لعدم تحملهم للحرارة المفرطة وقوة أشعة الشمس، في المقابل اضطرت مجموعة من الفتيات إلى تلثيم وجوههن خوفا من أن تحترق بشرتهن بأشعة الشمس الحارقة.
في حين اضطر البعض الآخر لقضاء فترة طويلة من يوم الأحد ببعض الأسواق الممتازة، التي تنعم ببرودة المكيفات الهوائية، عكس الأسواق البلدية التي هاجروها المراكشيين درءا لحرارتها المفرطة يزيدها شكل السقوف من الزنك استفحالها.
و دفع ارتفاع موجة الحرارة التي شهدتها مدينة مراكش نهاية الأسبوع الماضي، العديد من المراكشيات والمراكشيون، إلى ابتكار أساليب طريفة لمقاومة الوضع، والبحث عن مبردات تقليدية، ففي الوقت الذي فضل الشبان والسواقي، والارتماء في أحضانها،لجأ البعض الآخر إلى الإستعانة بأكياس بلاستيكية، محملة بقطع الثلج، ووضعها على الرؤوس الساخنة.
مواطنات ومواطنون بسطاء، أرغمتهم إكراهات الحياة،ومتطلبات العيش، إلى مغادرة ظلال جدران البيوت، والخروج للشوارع القائضة، التي تنفت في وجوههم شأبيب حرارتها، وتحت إكراهات الأجساد المتهالكة، كان الكل يبحث عن مياه النافورات والسواقي أو الكرابة لسقي الجسد الظمآن .
وعلى العموم شهدت حركة الجولان انخفاضا كبيرا وتقلصت حركية الشارع المراكشي، في الوقت الذي ظل بعض السياح يجبون المدينة تلفحهم أشعة الشمس بأسواق شبه مغلقة، وقد استلقى أصحابها في غفوات نوم خفيفة، باستثناء ساحة جامع الفنا التي يقتنون منها المياه المعدنية وعصير الليمون لعله يلطف ما بداخل أجسادهم من حرارة اضطروا أحيانا لاستعمال رشاشات صغيرة لتلطيف حرارة أجسادهم، أو التقاط صور مع مروضي الثعابين وبائعي المياه ( الكرابة ) بزيهم المزركش، في حين طلب بعضهم برش أجسادهم بخرطوش المياه.
في الوقت الذي فضل البعض الذهاب إلى المناطق الجبلية المحيطة بالمدينة، كأوريكا، مولاي إبراهيم، أسني وإمليل، أو توفليحت، بحثا عن جو رطب يعوضها حرارة مراكش، لقضاءفترة بين فجاجها أو على ضفاف الوادي حيث تنتشر العديد من المقاهي تقدم وجبات غذائية متنوعة على إيقاع أنغام موسيقية أمازيغية يتردد عازفوها بين الفينة والأخرى لتكسير صمت المنطقة.
كما شهدت حدائق المنارة وأكدال خلال نهاية الأسبوع إقبالا كبيرا من طرف سكان المدينة الذين فضلوا تناول وجبة الغذاء تحت ظلال أشجار الزيتون والحوامض في حين فضل العديد من السكان البقاء بمنازلهم خصوصا الشيوخ الذين لم يستطيعوا التأقلم مع درجة الحرارة،و درءا لمخلفات أشعة الشمس الحارقة والتي أرغمت النساء على ارتداء أقنعة لحماية وجوههن منها أثناء ركوبهن على متن دراجات نارية.
في حين فضل البعض الآخر فنادق تتوفر على مسابح يقضون بها طيلة اليوم ليغادروها ليلا إلى طلوع الفجر بملاهي وكابريات مكيفة تقيهم حرارة المدينة، التي استمرت أزيد من ثمانية وأربعين ساعة.
وفي المساء تشرع ساحة جامع الفنا في استرجاع حيويتها حيث يشرع أصحاب المطاعم المتنقلة في ترتيب طاولاتهم لعرض أطباق مختلفة من المأكولات تثير انتباه الزائر الذي لا يشعر إلا وقد أخذ مكانا بها ينسيه مذاقها حرارة النهار ، وبجانبها تنتشر الفرجة والتسلية من خلال حلقات غنائية تلقى إقبالا من طرف بعض الشبان الذين يصرون على الرقص بأجساد نصف عارية على إيقاع كناوة أو مجموعات متخصصة في الغناء الشعبي يلتف حولهم العديد من المتتبعين.
مع بداية الأسبوع الجاري، عانى تلاميذ المؤسسات التعليمية، مع أشعة الشمس وارتفاع درجة الحرارة، ففي الوقت الذي يصر الشبان على وضع قبعات واقية، وتبليلها بين الفينة والأخرى بالماء، تعمد الفتيات إلى وضع مساحيق، أو لٓفٌِ وجهوههن بأقنعة، لعلها تقيهم مخلفات الشمس الحارقة.
تستمر الحرارة بمدينة النخيل، لتنطلق تساؤلات المراكشيين عن ظروف شهر رمضان إذا استمر الحال كما هو عليه، حيث شرع البعض في التفكير في مغادرة المدينة باتجاه المدن الشاطئية أو الجبلية درءا للحرارة التي تنهك الحسد خصوصا مع طول مدة الصيام.