عقدت الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة مؤخرا بمراكش أشغال اللجنة الوطنية للانتخابات، ترأسها كل من مصطفى البكوري الأمين العام للحزب، ونائبه إلياس العماري، والحبيب بنطالب رئيس اللجنة الجهوية للانتخابات بجهة مراكش، وخُصصتلدراسة وضعية الحزب واستعداداته لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وفي كلمة له ذكر عبد السلام الباكوري أن وضعية الحزب جيدة وعلى أهبة الاستعداد لولوج المعترك الانتخابي. فهل ينطبق ذلك على واقع الحزب بالجهة؟ وهل مكونات حزب الجرار على وفاق تام كما يقول عبد السلام الباكوري؟ انعقاد هذا اللقاء يُعيد إلى الواجهة الجدل القائم حول وكلاء اللوائح الانتخابية الذي يخفي تقاطبات وتجاذبات داخلية بين رفاق البام بجهة مراكش. مراكش: مهد حزب الجرار…الذي قد تقوضه صراعات "الرفاق الخصوم" تعد جهة مراكش القاعدة الانتخابية الأولى لحزب الأصالة والمعاصرة إلى جانب مدينة طنجة، إذ اكتسح الانتخابات الجماعية لعام 2007 وفاز بعدد من الجماعات الحضرية والقروية ويرى عدد من المتتبعين أنه كان بإمكانه حصد نفس النتيجة في الانتخابات البرلمانية لولا وصول نسائم الربيع العربي إلى المغرب ومطالبة حركة 20 بإسقاط عدد من رموز الحزب، فاضطر قياديو البام إلى إحناء رؤوسهم حتى تمر العاصفة لإعادة التموقع من جديد، وهو ما ستتضح ملامحه مع الاستحقاقات الجماعية المقبلة التي سيسعى من خلالها البام تحصين قاعدته الانتخابية والمحافظة على مهده الأول لإعادة سيناريو انتخابات 2007 وفي حالة فشله فقد تكون بداية نهايته. في خضم هذا الرهان وعلى بعد أيام قليلة من إعطاء انطلاقة المعترك الانتخابي بدأت تظهر ملامح صراع داخلي خفي بين قادة البام تحركها نزوعات من أجل إعادة التموقعاستعدادا للمرحلة الجديدة وقد اتضحت أعراض حمى هذا الصراع الداخلي المحموم من خلال ملتقى مراكش الذي رفع فيه خطاب ضرورة تجاوز الصراعات الداخلية، وسنقف في هذه الورقة على جانب من هذه الصراعات المستثيرة والسيناريوهات المحتملة في الاستحقاقات المقبلة. فاطمة الزهراء المنصوري.. مُدلّلة الحزب التي تبحث عن إعادة التموقع فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مدينة مراكش هي أول امرأة تترأس المجلس الجماعي لمراكش، تم انتخابها عمدة للمدينة سنة 2009، حصلت على مجموعة من الجوائز التي أعطت صورة إيجابية عن المغرب في عدد من المحافل الدولية، حيث تم تتويجها من طرف مجلة (فورس) الأمريكية في الرتبة الأولى ضمن عشرين امرأة شابة في القارة السمراء. إذا كانت هذه نقط قوة فاطمة الزهراء المنصوري فإن نقط ضعفها قد تحجب عنها هذه العلامات الإيجابية وتزيحها للهامش، أولى هذه الكبوات ما تم تداوله إعلاميا في الفترة الأخيرة على مساعدتها لأحد أقربائها على إقامة مشروع ربحي بأبعاد تجارية بالقرب من السور التاريخي بشرق المدينة المدينة الحمراء، لاسيما بعد دخول الهيئة الوطنية لحماية المال العام على الخط ومطالبتها بفتح تحقيق في الموضوع. ما يعاب على العمدة المنصوري أنها متوارية في الخلف وناذرا جدا ما تتواصل إعلاميا عكس باقي رفاقها في الحزب، وسيناريو صمتها يعود إلى ما قبل سنة 2011 عندما كان حميد نرجس رئيس الجهة آنذاك هو المبادر والمتحكم الفعلي في تسيير مجلس المدينة وهو ما أدى إلى تهميشها، فعمدت نتيجة ذلك إلى تقديم شكاية إلى القيادة المركزية للحزب وضعت على إثرها طلب الاستقالة قبل أن تُجمدها فيما بعد. استمر سيناريو حضورها الغائب لغاية 2011، عندما بدأت الظهور من جديد ترويجا لحملتها الانتخابية البرلمانية فحصلت على المرتبة الثالثة. حصيلة أدائها البرلماني تبقى ضعيفة جدا، إذا لا تواكب على الحضور المنتظم داخل قبة البرلمان، وحتى عندما تكون حاضرة فهي لا تطرح أي سؤال، يرى عدد من المتتبعين أن المسار السياسي لفاطمة الزهراء المنصوري قد يتراجع إلى الخلف مع إقرار حالة التنافي واستحالة جمعها بين وظيفيتين (البرلمان و مجلس المدينة) وهذا ما أكده زميلها فؤاد العماري عمدة مدينة طنجة في ملتقى المغرب العربي للأنباء، الذي دافع عن حالة التنافي بسبب أدائه البرلماني الضعيف الذي يبقى أحسن من أداء عمدة مراكش. وإذا ما تراجعت فاطمة الزهراء المنصوري إلى الخلف على مستوى البرلمان أو على مستوى رئاسة المجلس الجماعي، فإن ذلك قد يحرك ميولها لرئاسة الجهة، لكن هذا الطموح قد يجعلها تصطدم بأحمد التويزي. فمن منهما سيتقبل طعم الهزيمة المرة؟ أحمد التويزي: رئيس جهة يقاوم موته السياسي الوشيك دخل أحمد التويزي رئيس الجهة الحالي غمار الانتخابات سنة 1992 وتقلد مهمة رئيس بلدية أيت أورير بإقليمالحوز، ثم انتخب برلمانيا عن إقليمالحوز، وهو يعد من أقدم أعضاء البرلمان الدولي، تقلد منصب نائب رئيس مجلس الجهة سنة 2003 فكاتبا للمجلس ذاته، تم اختياره أمينا جهويا لحزب الأصالة والمعاصرة لمدة سنة واحدة فأصبح رئيسا لمجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز سنة 2011، حيث كان من المقرر آنذاك أن يتم إجراء الانتخابات سنة 2013 فتمدد موعدها مع حراك الشارع المغربي إلى الفترة الحالية. يرى عدد من المتتبعين أن أحمد التويزي وصل مرحلة البلوكاج السياسي بعدما ظهرت مؤشرات طمع عدد من الوجوه السياسية والديناصورات الانتخابية المعروفة في الجهةفي الفوز بمنصب رئيس الجهة الذي ستصبح له صلاحيات واسعة (الآمر بالصرف)، كما أن قيام الجمعية المغربية لحماية المال العام بوضع شكاية ضده بخصوص تدبير عدد من المرافق العمومية بأيت أورير قد يسهل على خصومه السياسيين إزاحته وإن كان البث في هذه الشكاية لن يتم إلا بعد نهاية المعترك الانتخابي بعد القرار الأخير لوزير العدل مصطفى الرميد القاضي بتجميد المتابعة القضائية ضد رؤساء الجماعات المحلية إلى ما بعد الانتخابات المقبلة. عدنان بن عبد الله: مشروع عمدة مع وقف التنفيذ.. يستقوي بخصوم حزبه ضد رفاقه كان عدنان بن عبد الله رئيس مقاطعة المنارة حاليا، من أبرز المرشحين لمشروع "عمدة مراكش" في الاستحقاقات الأخيرة، غير أنه في آخر لحظة تمت إزاحته وقُدمت "عمودية المدينة" على طبق من ذهب لفاطمة الزهراء المنصوري، استطاع أن يشيد علاقة تطبعها الثقة مع خصوم حزبه من العدالة والتنمية بعدما اتضح أنه يعمل بشكل سليم وبعيدا عن الشبهات (في المرحلة الحالية على الأقل)، يُذكر أنه واجه شركة النفايات وأجبرها على الالتزام بدفتر تحملاتها، وتذكر بعض المصادر كذلك أنه يُواجه عمدة مراكش المنصوري في عدد من الملفات الشائكة. خصوم عدنان ابن عبد الله من داخل الحزب يُعيبون عليه قربه من حزب العدالة والتنمية ومخالفته لزملائه في حزب البام، وقد ظهرت تجليات ذلك من خلال تسييره لمجلس مقاطعة المنارة بوفاق تام مع حزب المصباح، تداولت بعض الأوساط السياسية أنه قد يعتزل العمل السياسي بسبب خلافاته مع رفاقه في الحزب، إذ من المنتظر على ضوء التقطيع الانتخابي الجديد أن تنقسم مقاطعة المنارة على نفسها، وقد تترشح فاطمة الزهراء هي الأخرى وتنازعه فيها بعدما تأكد أن ترشحها في المدينة سيكون ضربا من ضروب المجازفة غير المحمودة النتائج بعد حصيلة أدائها الضعيف، فكيف سيدبر حزب الجرار هذا الوضع الخطير الذي قد يجعل مقاطعة المنارة برأسين؟ هل سيتمكن الحزب من رأب هذا الصدع أم أنه سيتسبب في تقويض لحمة الحزب ويفتح الباب على مصراعيه لصراعات أخرى؟ ميلودة حازب… قد تقلب الطاولة على رفاق الجرار !!! تُسيّر ميلودة حازب مجلس مقاطعة النخيل رغم تداعيات مشكل البناء العشوائي الذي يضرب بأطنابه بالمقاطعة، تمرست داخل الحزب الوطني الديمقراطي بشهادة عبد الله القادري، وترأست عضوية مجلس المدينة في ولاية 2003/2009 في عهد عمر الجزولي. إذا أراد حزب البام أن يحافظ على مقاربة النوع بمدينة مراكش فإنه قد يستبدل بهاعمدة مراكش وفق مُصوّغ (امرأة مقابل امرأة)، ويظهر أن ملف ترشيحها يبقى أكثر جاهزية مقارنة مع باقي ملفات زملائها، غير أن هناك مصادر مقربة من ميلودة حازبتقول أنها تطمح لرئاسة فريقها النيابي الذي بصمت فيه على حضور ملفت داخل قبة البرلمان من خلال مواجهتها وملاسناتها المحتدمة مع عبد الإله بنكيران غير ما مرة في الجلسة الشهرية للبرلمان لمساءلة رئيس الحكومة. وأورد مصادر مقربة أن ميلودة حازبتبحث عن منصب قيادي داخل حزب البام يُخول لها إمكانية الحصول على منصب وزاري في الحكومات التي قد يشارك فيها الحزب مستقبلا، وإذا استعصى عليها ذلك فإنها قد ترتد إلى رفاقها بجهة مراكش وتقلب الطاولة للتموقع إما كرئيسة للمجلس الجماعي لمراكش أو كرئيسة للجهة، وهو ما يُنذر بصراع محتدم لا يُبقي ولا يدر. زكية المريني ومحمد مروان رفيقان في طريقهما لخصومة انتخابية زكية المريني رئيسة مقاطعة جليز ورئيسة "جمعية النخيل للمرأة والطفل" لها علاقات متشعبة مع عدد من الجمعيات النشيطة بمراكش، رغم تجربتها البرلمانية لم تستطع التفوق على غريمها أحمد المتصدق الذي فاز بالمقعد البرلماني في الاستحقاقات الأخيرة، يرى بعض المتتبعين للشأن السياسي أنها قد تنتفض لإعادة التموقع من جديد للحصول على دور قيادي، غير أن هناك جهات أخرى تشير أنها ستستكين لوضعها الحالي، وطموحها المستقبلي لن يتجاوز إعادة انتخابها رئيسة لمقاطعة جليزغير أن ظهور نوايا محمد مروان للترشح بمقاطعة النخيل قد يدفعها للتكشير على أنيابها للدفاع عن ديمومة تواجدها في الساحة السياحية وهو ما قد يخلق للحزب جبهة صراع داخلية أخرى إضافية. فهل سيستوعب حزب البام تقاطبات أعضائه بالجهة، أم أن طموحهم السياسي سيعصف ببوصلة الجرار ويقوض لوحة قيادته التي قد تبتعده عن قلعته الانتخابية ومهده الأول (مراكش)؟ أم أن الباميون سيتخلون عن ميولاتهم النرجسية ويحتكمون لمصلحة الحزب؟ تبقى هذه السيناريوهات المحتملة نسبية ومفتوحة على جميع الجوانب مع ظهور معطيات وأحداث أخرى مؤثرة علما أن السياسة في الأخير هي فن الممكن وشجرة المتناقظات المُتقلّبة، وعلى ضوئها… لنا عودة في الموضوع.