رحل هاية الاسبوع المنصرم رجلين من أثرياء وأغنياء المغرب التحقا بعالم البقاء في يوم واحد (يوم اول أمس السبت 16 أبريل 2016)، والرجلان هما الحاج ميلود الشعبي الملياردير صاحب "الشعبي للإسكان" و"أسواق السلام" وعشرات الشركات الرائدة في المغرب، وهو ثاني أغنى رجل في المغرب حسب مجلة "فوربس" الأمريكية المتخصصة في مجال المال والأعمال. والرجل الثاني هو الحاج عبد الرحمن زهيد من كبار أثرياء مدينة مراكش صاحب شركة "منارة قابضة" و"منارة بريفا" واللافت للنظر التشابه الكبير بين هذين الرجلين في كثير من الأمور حتى في يوم وفاتهما: 1- – فكل منهما بدأ حياته بسيطا ثم بنى مساره بجهده الخاص بدون تحايل ولا زبونية ولا محسوبية… فهما معا عصاميين لم يرثا شيئا عن أبويهما قط عكس ما نجد عليه بعض أثرياء المغرب ممن ولدوا وفي أفواههم معالق من ذهب كما يقال، فالمرحوم الشعبي كان في بدايته راعي غنم في منطقة الشياظمة بنواحي الصويرة، وقد مات أخوه من المجاعة فهاجر للقنيطرة فارا من الجوع وبحثا عن الخبز، والمرحوم زهيد كان ميكانيكيا بسيطا في مراكش، ولم يكن معه في زفافه أكثر من 500 درهما. -2- اشتهر الرجلان معا بمصداقيتهما وحسن تصرفهما والسهر على مشارعهما وتجنبهما التجارة في الشبهات، وهما أصحاب مواقف مشهورة ضد تيار الفساد، وجميع المغاربة يعلمون أن "اسواق السلام" و"فنادق موكادور" التابعة للشعبي هي أول أسواق ممتازة وأول فنادق في المغرب لا تبيع الخمر أبدا، وكم ضيق عليه وحورب لأجل هذا الموقف فما لان ولا استكان. وكان الشعبي رحمه الله كان يتعامل بالرفض مع عروض شركات الخمر ولو في مجال غير الخمر كالعقار ونحوه، فكان يرفض بناء المشاريع التي يعلم أن صاحبها يتاجر في المحرمات، كما فعل مع شركة زنيبر اليهودي بمكناس: أكبر تاجر ومصدر للخمر بالمغرب حيث رفض عروضه أكثر من مرة. -3- للرجلين معا مشاريع خيرية كبيرة جدا. فالحاج الشعبي مشاريعه الخيرية يعرفها الجميع، فتكاد لا تجد مدينة من مدن المغرب إلا وتجد فيها مساجد من تشييده، و"مؤسسة الشعبي للأعمال الاجتماعية" لها دور طلائعي في هذا المجال، كما أنه تكفل بنقل أموات المسلمين في بعض المدن كالقنيطرة بالمجان على حسابه، فانشأ أسطولا من سيارات الإسعاف لأجل هذه الخدمة المجانية، والمؤسسة تعيل الكثير من الأسر المعوزة الفقيرة… والأمر نفسه نجده مع الحاج زهيد، فالرجل معروف بخدمته للناس، فقد ساعد الكثير من الناس لوجه الله تعالى، خاصة أقاربه، وكان يساعد سكان قريته ومعارفه بكل ما يستطيع، وهناك أسر يجري عليها النفقات شخصيا في جميع الأوقات… ومن أعظم مشاريعه الخيرية أنه أنشأ في نواحي قلعة السراغنة مستشفى كاملا خاصا بتصفية الكلي يعمل بالمجان على حساب نفقته من أجل الفقراء. وأعرف شخصيا خدمات هذا الرجل في سبيل الله من أجل خدمة عباد الله. -4- من أهم الصفات المشتركة بين الرجلين تواضعهما وبساطة شخصياتهما، فالرجلان رغم ثرائهما الكبير لم يغير ذلك في سلوكهما وبساطتهما، ومن يجالسهما يجدهما كفردين من الطبقة العادية… 5- – الرجلان معا توفيا في نفس اليوم وماتا معا جراء مرض عضال وكانا معا يتلقيان العلاج في دولة ألمانيا الاتحادية.