تعكس المشاريع البيئية والايكولوجية، التي انطلقت مؤخرا بمراكش، الرغبة الأكيدة للمسؤولين والمنتخبين المحليين في جعل هذه المدينة حاضرة نموذجية في المجال البيئي على الصعيد الوطني، وذلك في خضم الاستعدادات الجارية لإنجاح قمة المناخ “كوب 22”. كما تشهد هذه المشاريع، على غرار المشاريع الكبرى البيئية والطاقية التي يتبناها المغرب لتحقيق التنمية المستدامة ومحاربة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، على انخراط كافة الفعاليات في المجتمع لإبراز النموذج المغربي في هذا المجال.
وإذا كانت المدينة الحمراء تتميز على مر العصور بحدائق تاريخية فيحاء وجميلة تزيدها بهاء وجمالا (ماجوريل، أكدال، المنارة والنخيل…)، فإن قمة “كوب 22″، التي ستنعقد خلال شهر نونبر المقبل بهذه المدينة تشكل فرصة لإبراز هذا التفرد وإحداث مجالات خضراء إضافية وإنجاز مشاريع صديقة للبيئة يراعى فيها بعد الاستدامة، فضلا عن كونها تعد مناسبة للتحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة نظرا للمخاطر التي يمكن أن تسببها الاثار السلبية للتغيرات المناخية حول مستقبل الارض.
ومن ضمن هذه المشاريع البيئية، التي تعرفها المدينة الحمراء لمواكبة التحضير لهذه القمة العالمية والتي رصد لها غلاف مالي يقدر ب78 مليون درهم، هناك تهيئة المساحات الخضراء وتجهيزها بالإنارة بالطاقة الشمسية وإحداث محطة لمعالجة النفايات وأحياء إيكولوجية وإطلاق نقل حضري صديق للبيئة يعمل بالطاقة الشمسية وإحداث مشتل لانتاج الطاقة الشمسية وتطبيق النجاعة الطاقية ببعض البنايات العمومية.
وتهم هذه المساحات الخضراء حدائق إيسيل (5ر1 هكتار) وعلال الفاسي (5ر2 هكتار) والكتبية (2 هكتار) والحارثي (5ر5 هكتار)، حيث سيتم تجهيزها بالإنارة بواسطة الطاقة الشمسية وغرسها بالعشب والاشجار والنباتات والازهار وسقيها بالتنقيط، وتجهزيها بمرافق ترفيهية للاطفال وترميم وإعادة تأهيل المقاعد وتجهيز هذه المساحات أيضا بالتكنولوجيا الحديثة (إحداث أشجار صناعية مجهزة بالطاقة الشمسية ومعدات شحن الهواتف النقالة والانترنيت).
ومن بين المشاريع البيئية الأخرى، هناك تجديد الانارة العمومية وإحداث محطة كهربائية تشغل بالغاز الحيوي المستخرج من المطرح القديم للنفايات بغلاف مالي يناهز 15 مليون درهم، وإحداث مطرح جديد للنفايات ومشروع تهيئة الحي الإيكولوجي بالرميلة ب5.9 مليون درهم، وآخر خاص بالنقل الحضري النظيف برمجت له ميزانية قدرت ب3 ملايين درهم، إلى جانب إنشاء محطة للطاقة الكهربائية بغلاف مالي قدر ب15 مليون درهم.
وتزيد هذه المشاريع البيئية والإيكولوجية مدينة البهجة (كما يحلو للبعض تسميتها) إشعاعا كوجهة سياحية وقبلة للمؤتمرات العالمية، وحاضرة نموذجية في المجال البيئي والتنمية المستدامة، تسعى أيضا للمزاوجة بين الاصالة والمعاصرة. وتنضاف هذه المشاريع البيئية الى مشاريع أخرى ستنجز في إطار مشروع “مراكش..الحاضرة المتجددة”، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2014، والذي يشكل رهانا استراتيجيا لتهيئة المدينة لضمان عيش أفضل للمواطنين والأجيال المستقبلية، حيث سيركز الجانب البيئي منه على استكمال تأمين المدينة ضد الفيضانات، وتوسيع وتقوية شبكات التطهير السائل باعتباره برنامجا طموحا يسعى للرفع من مستوى الخدمات الأساسية للمواطنين، ونقل وتأهيل المطرح العمومي بما يستجيب للمعايير البيئية الدولية.
كما سيتم من خلال هذا المشروع على الخصوص تأهيل الحدائق التاريخية وحدائق القرب حسب معايير ملائمة لخصوصيات المحيط البيئي لمراكش، وإحداث مشتل جديد للمدينة، وإنشاء غابة حضرية بها، إضافة إلى تجهيز مركب طبيعي ترفيهي “النزاهة”، والذي سيصبح القلب الأخضر النابض للمدينة وساكنتها وزوارها وفضاء للمعارض الوطنية والدولية.
تجدر الاشارة إلى أن جميع الفعاليات من سلطات ومنتخبين محليين ومجتمع مدني سواء بمدينة مراكش أوالأقاليم المجاورة لها معبئة ومنخرطة بشكل فعلي وحازم لضمان النجاح الكامل لهذه القمة العالمية، التي تعد بمثابة فرصة حقيقية لابراز مختلف الإصلاحات التي تنفذها المملكة في هذا المجال، ولاسيما السياسة الوطنية المندمجة للحفاظ على البيئة والميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة واستراتيجية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، وأرضية لتنفيذ مختلف بنود اتفاق باريس حول التغيرات المناخية.