صدر تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة2018 كمؤسسة دستورية رقابية تعنى ببسط الرقابة على أوجه صرف المال العام، وتضمن التقرير توثيقا لمجموعة من الإختلالات المالية بمؤسسات عمومية وجماعات ترابية وقطاعات حكومية ومشاريع مختلفة وسجل غياب الحكامة والشفافية في تدبير صفقات عمومية وتنفيذ الميزانية وتوقف عند حالات فساد وتبديد وهدر وإختلاس لأموال عمومية ،وتوظيف لمراكز القرار العمومي لخدمة مصالح شخصية ووجود إنخراف جسيم في تطبيق القانون في ظل ضعف المساءلة وآليات الرقابة وهو الوضع الذي ساهم الى جانب عوامل أخرى في تكوين شبكات مصالح معقدة محليا وجهوياووطنيا، مشكلة من بعض رجال السلطة والمنتخبين وبعض الأحزاب والجمعيات وبعض المقاولين وبعض النخب الوصولية وأعيان إستفادوا من علاقات الريع والزبونية وتمكنت بفضل كل ذلك وغيره من التمدد بشكل أخطبوطي وحققت لنفسها إنتشارا في مختلف القطاعات والمؤسسات. وهذه الشبكات هي التي أصبحت من الناحية السياسية أكبر معيق أمام أي إصلاح أو تحول ديمقراطي مستغلة علاقاتها وضعف حكم القانون وسيادة الإفلات من العقاب من أجل مقاومة كافة البرامج والسياسات التي قد تتوخى إحداث أي إصلاح مهما كان جزئيا ومحدودا. وفي إعتقادي المتواضع فإن تفكيك هذه الشبكات هي من المصلحة العليا للوطن وضمان إستقراره الإجتماعي والسياسي، ومقدمة ذلك هي بتحويل تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلى آلية لمحاسبة المتورطين في جرائم نهب المال العام والفساد والقطع مع الإفلات من العقاب وإتخاذ قرارات وإجراءات شجاعة لمواجهة كافة أشكال ومظاهر الفساد ونهب وهدر الأموال العمومية ومحاسبة المفسدين وناهبي المال العام ودون ذلك ستتحول لحظة إصدار التقارير الرسمية إلى لحظة إحتفالية ستساهم في تعزيز وتقوية مواقع ومراكز هذه الشبكات المهددة لمستقبل المغاربة في التنمية والكرامة والعدالة. محمد الغلوسي :رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام