أكدت مصادر مطلعة، أن أغلب كاميرات المراقبة المبثوثة بأهم شوارع مدينة مراكش لا تعمل، وأنها لا تعدو أن تكون مجرد ديكور لا يصلح لأي شيء رغم أنها كلفت أزيد من أربعة ملايير ونصف مليار سنتيم. وتعود مختلف الأجهزة الأمنية بالمدينة، وخاصة مصلحة الشرطة القضائية، إلى هذه الكاميرات من أجل فك لغز بعض الجرائم أو تحديد هوية أطرافها، غير أنها تفاجأ بأن هذه الكاميرا أو تلك المبثوثة بهذا الشارع أو ذاك خارج الخدمة، ما يجعل أبحاث مصالح الأمن تتعثر وتأخذ حيزا زمنيا أكبر وفق ما نقلته يومية الاخبار عن المصادر ذاتها. وكانت آخر هذه الفضائح لجوء الشرطة القضائية لكاميرا مبثوثة بشارع علال الفاسي بمقاطعة جليز، وذلك من أجل تحديد هوية أبطال الهجوم المسلح الذي تعرض له السائق الخاص بمحمد المديوري، الحارس الشخصي السابق للملك الراحل الحسن الثاني، غير أن المصالح الأمنية فوجئت بأن الكاميرا التي كان من المفروض أن ترصد وقائع هذا الهجوم قرب مسجد النور كانت خارج الخدمة. وكان برلماني حزب العدالة والتنمية يونس بنسليمان، النائب الأول للعمدة، أبرم صفقة تفاوضية مع إحدى الشركات الصينية، دون اللجوء إلى المنافسة، من أجل تثبيت حوالي 300 كاميرا للمراقبة بمختلف شوارع المدينة الحمراء، وأمام أهم المؤسسات الرسمية وغيرها، إضافة إلى قاعة للمراقبة مجهزة بكل آليات التتبع والتحليل بمقر ولاية أمن مراكش. وكان النائب الأول للعمدة أبرم حوالي 50 صفقة تفاوضية مع عدد من المقاولات في إطار التحضير للمؤتمر الدولي للتغييرات المناخية (كوب 22)، من أجل إنجاز مجموعة من الأشغال الخاصة بالتبليط والإنارة العمومية وغيرها، وهي الصفقات التي كلفت حوالي 28 مليار سنتيم، وضمنها صفقة كاميرات المراقبة التي كلفت 45 مليون درهم، والتي كان يجب أن يتم تثبيتها قبل انطلاق أشغال (كوب 22)، من أجل تأمين المشاركين في هذه التظاهرة العالمية، غير أن عملية الشروع في تثبيت هذه الكاميرات لم تتم إلا بعد مرور أزيد من سنة على انتهاء أشغال المؤتمر. وتتوزع كاميرات المراقبة، حسب وثائق الصفقة، إلى ثلاثة أصناف، يضم الصنف الأول 80 كاميرا ذات السرعة المحدودة، والصنف الثاني 200 كاميرا والصنف الثالث 17 كاميرا، إضافة إلى حوالي 25 كيلومترا من الألياف البصرية. وكلفت هذه الصفقة غلافا ماليا ضخما حدد في 45 مليون درهم، لأنها تمت في إطار التفاوض مع الشركة المعنية ودون اللجوء إلى الإعلان عن صفقة عمومية من أجل تنافس شركات وطنية ودولية، واختيار أحسن العروض بأقل تكلفة، حيث تذرع مسؤولو المجلس الجماعي بضيق الوقت، واقتراب موعد انعقاد مؤتمر (كوب 22)، وبالتالي استحالة إجراء صفقة عمومية تنافسية تتطلب أزيد من شهرين. وبالرجوع إلى وثائق الصفقة، فإن عمدة مراكش أشر على بدء الأشغال بتاريخ 02 نونبر 2016، أي بضعة أيام على انطلاق أشغال (كوب 22)، ما يعني استحالة تثبيت هذه الكاميرات، وهو ما يطرح السؤال حول دواعي وأسباب لجوء العمدة إلى عقد صفقة تفاوضية كلفت مبلغا ماليا ضخما من المال العام. وبعد مرور أزيد من سنة على الصفقة، شرعت الشركة المكلفة في تثبيت هذه الكاميرات، وهي العملية التي عرفت تعثرات كبيرة دامت قرابة سنة. وبعد بضعة شهور من دخول هذه الكاميرات حيز الخدمة، بدأت تظهر عليها مجموعة من العيوب وبالتالي تتعطل في كل مرة. يذكر أن مصالح ولاية أمن مراكش طالبت بتثبيت حوالي 400 كاميرا للمراقبة داخل أسوار المدينة العتيقة وحدها، والتي تجد فيها الدوريات الأمنية صعوبة كبيرة بالنظر إلى ضيق الأزقة فيها، خصوصا وأن أسواق المدينة العتيقة وبعض معالمها التاريخية يتوافد عليها عشرات الآلاف من السياح الأجانب بالإضافة إلى المغاربة، حيث تشهد بعض أحيائها اعتداءات متكررة على السياح وسرقة حاجياتهم. يذكر أن مجلس جهة مراكش- آسفي كان قد اقتنى حوالي 70 كاميرا للمراقبة تم تثبيتها بمختلف شوارع المدينة، والتي كلفت حوالي 900 مليون سنتيم، إضافة إلى 16 كاميرا للمراقة بفضاء ساحة جامع الفنا