"علاه غير انا بوحدي"، عبارة ينطق بها كل شخص يحتل الملك العام، ويعرقل الطريق عندما يطلب منه احد مستعملي الطريق ترك مساحة للمرور، ما يعكس حجم الانانية واللامبالاة التي يتعامل بها محتلو الشارع العام مع المواطنون. ويبدو ان "الحمية كتغلب السبع" كما يقول لمثل الدارج، فكل محتل للشارع العام يردد نفس العبارة بدعوى انه ليس وحده من يعرض سلعه وسط الطريق، في الوقت الذي تغيب الجهات التي من المفترض ان تطبق القانون بالقوة، تاركة المواطنين المتضررين في مواجهات يومية مع محتلي الشارع. ويبدو ان الظاهرة تفاقمت بشكل غير مقدور عليه بالمرة، حيث تعجز السلطات كليا عن التحرك وتخليص مجموعة من الشوارع من محتليها، رغم تشييد مجموعة من الاسواق النمودجية، في محاولة لاحتواء الباعة المتجولين والفراشة، حيث لا تكاد الاشغال تنتهي من احد الاسواق حتى يحتشد العشرات من الباعة الجدد، الذين ينسفون المشروع برمته، ويضمنون مواصلة احتلال الشارع رغم تشييد السوق في المنطقة، كما حدث في ديور المساكين بملحقة الدوديات بمراكش، ومحيط السوق النمودجي الجديدي بحي المحاميد بشارع الامام مسلم، و عدة اسواق اخرى لم تعد لها اي اهمية بسبب تساهل السلطات مع الظاهرة. ووفق ما عاينته "كش24" فإن مجموعة من التجار المستفيدين من الاسواق النمودجية الجديدة، يجدون انفسهم محاصرين من طرف من جاء في مكانهم السابق في الشارع العام بمحيط السوق الجديد، ما يجبرهم بعد تذوق طعم الكساد الى اغلاق محلاتهم في السوق، وتحويلها الى مجرد مستودع لتخزين السلع، فيما يلجئون لعرضها لمكانهم السابق، مزاحمين المحتلين الجدد على الارصفة والطريق العام. وقد تفاقم الوضع بشكل خطير في بعض الشوارع التي صارت ممنوعة على مستعملي الطريق بشكل نهائي، دون ان تتحرك السلطات، حيث صار من الممنوع بحكم الامر الواقع المرور من شارع الاقواس بحي المحاميد مثلا بشكل نهائي، وعلى اصحاب السيارات والدراجات النارية من ساكنة المنطقة الانتظار الى ما بعد منصف الليل، ليتمكنوا من المرور بعد ان يغادر الفراشة، وتغلق المحلات التجارية التي صارت تتفنن في احتلال الملك العام و تحولت من دكاكين ببضع امتار مربعة الى متاجر ضخمة تمتد الى نصف الطريق. ورغم توالي الشكايات في الموضوع، وتطرق الصحافة للموضوع اكثر من مرة، الى ان بعض البؤر المعروفة باحتلال الملك العام، بقيت بعيدة عن اي تدخل من السلطات وكأن الامر اكبر منها، فيما يؤكد مهتمون ان عائدات احتلال الملك العام التي يستخلصها فاسدون في السلطة تسيل اللعاب، و تمنع اي تحرك ما دام المقابل مغريا عند احتساب عدد المحتلين، والمبالغ التي يمنحونها بشكل يومي تقريبا، من اجل الحفاظ على مكانهم وسط الشارع رغم انف القانون والمواطنين المتضررين.