رحل عنا خوان غويتيسولو، الكاتب والمفكر الإنسان، الذي ظل يردد لازمته الأساسية "أنا ولد جامع الفنا"، يوم الأحد 5 يونيو 2017، تاركا فراغا كبيرا وسط محبيه وأصدقائه، وجيرانه بالقنارية، وزبناء مقهاه المعروف "كافي دو فرانس"، رحل "سي خوان"، أو "عمي خوان" اللقب المشهور به في مراكش. ويعد الراحل غويتيسولو حسب العديد من الكتابات النقدية واحدا من التجليات الموريسكية الفريدة في الثقافة الإسبانية، فهو لا ينفك يعلن عن أهمية الثقافة العربية في تكوينه، وقد أصدر العديد من الأعمال التي تعبر عن هذا الامتزاج الثقافي بين الثقافتين الإسلامية والإسبانية لديه، من بينها "الإشارات"، و"مطالبات الكونت السيد خوليان"، و"لمحة بعد المعركة"، و"إصلاحات الطائر المنعزل"، إلى جانب العديد من المؤلفات التي عرفت طريقها نحو الترجمات بجل اللغات، لكن أشهر هذه الأعمال هو كتابه "إسبانيا في مواجهة التاريخ"، الذي يدافع فيه بوضوح عن 26 ودورها في الحياة والثقافة والتاريخ الإسباني. في هذه الزاوية تنفتح "كش 24" على بعض أصدقاء الراحل غويتيسولو، للحديث عن الكاتب والروائي والمفكر، من خلال علاقته بجامع الفنا وصداقاته ومواقفه الإنسانية. الحلقة 10: ياسين عدنان.. وفاة غويتيسولو خلف استياءا في أوساط الأدباء والنقاد والمثقفين خلف رحيل الأديب الإسباني ذائع الصيت خوان غويتيسولو يوم رابع يونيو من السنة الماضية، غصة كبيرة كان وقعها مؤلما على قلوب وأفئدة الأدباء والنقاد والمثقفين المغاربة، ونظرائهم من مختلف الجنسيات الذين خبروا عوالم الكتابة الإبداعية لدى هذا الروائي المتميز، وانتشوا بما جادت به قريحته من مؤلفات أغنت الموروث الأدبي باللغة الإسبانية. يقول الكاتب والاعلامي ياسين عدنان أحد أصدقاء غويتيسولو، خلال استحضاره لبعض اللقاءات التي جمعته بالراحل، "آخر مرة رأيت خوان كان ذلك خلال شهر دجنبر من سنة 2016، تعمدت رفقة أخي طه والصديق الدكتور محمد أيت لعميم، المرور على حي القنارية، بغرض عيادته والاطمئنان عليه والسؤال عن أحواله بعد الكسر الذي تعرض له على مستوى الحوض إثر سقوطه بمقهاه الأثير "مقهى فرنسا" المطلة على ساحة جامع الفنا، الساحة التي أدهشته وغيرت فهمه للأدب. وأضاف عدنان وهو يصف لحظة لقائه الاخير بالكاتب الاسباني غويتيسولو خلال حديثه ل"كش 24″ أنه لحسن الحظ التقيناه بالخارج، حيث منزله العتيق المتواجد بدرب سيدي بو الفضايل، ليغير الجو ويرى الناس ويبادلهم تحايا الصباح، كان متعبا، لكنه مع ذلك جاملنا قليلا. مرت بنا مراكشية من نساء الدرب فبادرته : خوان، ماذا تفعل هنا؟ علينا أن نزوجك يا رجل؟ ماذا تنتظر لتتزوج؟ أشرقت عيناه. كان سعيدا بمشاغبة الجارة له، لكنه ابتسم بصعوبة مع ذلك. كان أيضا يجيب على أسئلتنا باقتضاب، ثم يسرح في البعيد. آخر مرة كتب فيها ياسين عدنان عن خوان كان يوم حاز على جائزة سيرفانتس قبل سنتين، تسلم جائزته يومها من يد العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس وحرمه ليتيسيا، ظل الترقب سيد الموقف قبل اليوم المشهود. في هدا الاطار يقول الكاتب والاعلامي عدنان ياسين، العديدون تخوفوا من أن يحرج خوان الملك ووزارة الثقافة برفض الجائزة الأدبية الأهم في العالم الناطق بالإسبانية، لكن أخيرا قرر قبولها، قبلها على مضض. وأضاف عدنان أنه رفض ارتداء الزي الرسمي للفائزين وفضل حضور الحفل بسترة بسيطة وربطة عنق قديمة، صحيح أيضا أنه ألقى خطابا ناريا من عشر دقائق انتقد فيه الغرب الذي يتجاهل مآسي الهجرة واللوبيات التي تسيطر على الإقتصاد العالمي، لكنه حضر الحفل لكي لا يخطئ موعده مع كاتبه المفضل ميغيل دي سيرفانتس صاحب "دون كيخوته"، لان الجائزة تحمل اسم سيرفانتس ولا يمكن أن يرفضها خوان الذي يعتبر نفسه "ابنا شرعيا" لأديب إسبانيا الأول.