قد تعني بداية كل شهر جديد متنفسا لعدد من المواطنين بمراكش، فهو اليوم الموعود الذي يتلقى فيه راتبا تعب للحصول عليه شهرا كاملا، لكن، ومع غلاء المعيشة -عموما- وغلاء ايجار الشقق والمنازل خاصة ، يصبح مطلع كل شهر كابوسا للمواطن المكتري بمراكش، كيف لا وهو نفس اليوم الذي سيعطي فيه جانبا كبيرا من راتبه لمالك المنزل الذي يستأجره. الحسين، طالب (23 سنة) يقول: “أنا أستاجر ولوحدي استوديو في الدوديات بمبلغ شهري قدره 1600 درهم”… يجول بنظره في الأفق ثم يضيف: “الإيجار في ارتفاع متزايد كل عام ومن المستحيل ان يتراجع في نظري فالسبب مرتبط بغلاء المعيشة ككل وبكثرة عدد الطلبة المقيمين بجانب الجامعة “. وخلافا للحسين فإن فاطمة – وهي ايضا طالبة( 23 سنة). لا تملك فكرة عن تطوّر اسعار الايجار في السنوات الفارطة لكنها متأكدة من أن 1800 درهم التي تدفعها شهريا -مقابل السكن في استوديو مع ثلاث من زميلاتها- امر مضني لطالبة تعتمد ماديا على عائلتها معبرة عن رجائها أن يتم وضع قانون خاص يحدد السعر الاقصى الذي يدفعه الطالب عند استئجار محل للسكنى. وأصبح تفشي ظاهرة غلاء اسعار كراء المنازل في مراكش يقصم ظهر المواطن، الامر الذي اظطره الى السعي لايجاد حلول بديلة، فابراهيم مثلا أب لأربعة أطفال أمضى 30 سنة من حياته في الإيجار لكنه اضطر منذ حوالي شهرين لايواء اولاده في بيت خالتهم ووضع كل ما يملك في قطعة ارض خارج مراكش ببلدية تحناوت بنى فوقها غرفتين غير مكتملة ، ورضي بالعيش فيها رغم بعد المسافة عن مراكش وآثر بذلك التنقل كل يوم بين المدينتين هربا من غلاء الكراء. الكل يشتكي من معاليم الكراء الحارقة،ولكن، يبقى الموظف أو العامل افضل حالا من العاطلين عن العمل، كحال عبد الرزاق (30 سنة) الاستاذ العاطل عن العمل من أمزميز والذي بدا متحمسا جدا للموضوع مستذكرا انه في سنوات قدومه الاولى الى مراكش سنة 2005 كان ثمن السومة الكرائية تسوغ محلا سكني في 800 درهم اما اليوم فقد اصبحت الاسعار مرتفعة جدا اذ بلغت 1500 درهم على أقل تقدير وعلى كل حال فان مراكش تعاني حسب قوله من “أزمة سكن”. ان ارتفاع اسعار الكراء لم يؤثر في اقبال المواطنين على الايجار ولكن الذي تغير اليوم حسب راي مصطفى (مسؤول بوكالة عقارية ) هو ان «المواطن ياتينا باحثا عن رهن شقة بدل كراءها ما يضيق الخناق أكثر عن طالبي دفع السومة الكرائية شهريا» وحسب رأيه فان هذا الغلاء لا يعود الى اللجوء الى الرهن في مراكش فقط ولكنه مرتبط بموجة غلاء المعيشة ككل. في المحصلة يتضح إن ظاهرة غلاء المعيشة في مراكش التي تعمقت في السنوات الأخيرة إلى جانب استفحال المضاربة أديا ضمنيا الى ارتفاع ثمن كراء الشقق والمنازل، ولعل ما ساهم في تفاقم هذا الوضع هو الاقبال الكبير على رهن المنازل والشقق السكنية في مراكش . وبين هذا وذاك يبقى المواطن بمراكش ضحية الارتفاع الصاروخي للأسعار.