تتجه الدولة نحو اعتماد تشريع طاقي خاص بالقطاع العقاري، يرتكز على بلورة الخصوصيات التقنية للتقنين الطاقي، ووضع مخطط استراتيجي وآليات التواصل المناسبة من أجل تعبئة وتحسيس الأطراف المتدخلة في العملية، خاصة الإدارات والمقاولات والمهنيين والعموم بإجراءات النجاعة الطاقية داخل البنايات، زيادة على المرافقة التقنية للمهنيين والإدارات المكلفة بمراقبة بتطبيق متطلبات الفعالية الطاقية من أجل تقوية قدراها في هذا المجال. ويرتكز هذا الإطار القانوني، حسب محمد بردعي، المنسق الوطني لبرنامج "الوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية" و"برنامج الاممالمتحدة للتنمية"، "على وضع مناخ ملائم للاستثمار في مجال النجاعة الطاقية من خلال وضع صندوق ضمان يهذف إلى تحفيز المنعشين العقاريين على إدماج حلول النجاعة الطاقية بالبنايات السكنية، إلى جانب تطوير ووضع محفظة من المشاريع النموذجية تدمج التجديدات التكنولوجية". وللتشجيع على ذلك، أطلقت الوكالة يضيف مديرها العام سعيد ملين خلال لقاء إعلامي، "طلب عروض من أجل اختيار مشاريع في هذا الصدد، ستستفيد من دعم بقيمة 10 ملايين أورو، لإنجازها، خاصة وأن القطاع العقاري يعد المستهلك الأول للطاقة باستحواذه على حصة 36 في المائة من الاستهلاك الإجمالي للطاقة في المغرب، منها 29 في المائة للعقار السكني، و7 في المائة للعقار الخدماتي". وفي هذا الصدد، يسجل ملين، "يشكل قطاع البنايات المعني الأول لكونه يمثل أهم مورد للعقلنة الطاقية من خلال عدة خيارات تتجلى في انتقاء التصاميم المعمارية ومواد البناء والتجهيزات الملائمة، ولهذا الغرض تم توقيع اتفاقيات شراكة مع الأطراف المعنية من قبيل القطاعات الوزارية ومهنيي البناء، كما قامت الوكالة بإطلاق برنامج وطني للنجاعة الطاقية، يستجيب إلى البعد الطاقي في التصيمم والتجهيز وكذا تدبير البنايات الجماعية، والتحخفيف على نحو ملموس من استهلاك الطاقة ذات المصدر الأحفوري وانبعاث الغزات الدفيئة والعمل على تقليص كلفة الفاتورة الطاقية". وتأتي الإجراءات الجديدة ، يؤكد بردعي، "للتحسيس بالحاجة إلى النجاعة الطاقية، وجعلها سلوكا يوميا وهو الأمر الذي سيقودنا في مرحلة متقدمة إلى اعتماد نص تشريعي لتقنين المجال، خاصة أمام النمو المتزايد للحظيرة السكنية، نتيجة البرامج الهيكلية المعلنة كالمخطط الأزرق السياحي، والبرنامج الاستعجالي للتكوين، وبرنامج 150 ألف سكن في السنة، وبرنامج تأهيل المستشفيات، فضلا عن ارتفاع نسبة تجهيز الأسر بالتجهيزات المنزلية بسبب تحسن مستوى العيش وانخفاض أسعار هذه التجهيزات". وكأول خطوة ضمن هذا المسلسل، أقدمت الوكالة على تحديد ست مناطق طاقية في المغرب تشمل كلا من اكادير وطنجة وفاس وإفران ومراكش والرشيدية، سيتم عبرها التحكم في الاستهلاك الطاقي بالمغرب، وتحديد نوعية التجهيزات وشكل البنايات الممكن اعتمادها في هذه المناطق بتطابق مع مفهوم النجاعة الطاقية. لكن هذه الإجراءات الجديدة، يقول بردعي، "ستحمل زيادة في تكاليف الإنشاء بنسب تتراوح بين 2 على 7 في المائة، أوما يعادل 54 إلى 211 درهما في المتر المربع، أي أنها ستفرز لنا معدل زيادة بقيمة 112 درهما، لكنها ستمكننا من توفير طاقة تعادل الطاقة المنتجة من طرف مركب الجرف الأصفر، أي ما يعادل 1294 ميغاوات في أفق 2030 وما يعادل 370 ميغاوات في أفق 2020". وتهدف الحكومة في أفق 2020 على خفض استهلاك الطاقة بالمغرب بنسب تتراوح بين 12 إلى 15 في المائة، وذلك عبر وضع مخطط للنجاعة الطاقية بمختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة العقار والنقل والصناعة، والتي تستحوذ تباعا على 36 و24 و32 في المائة من الاستهلاك الإجمالي للطاقة بالمغرب.