الإثنين 30 ماي 2016 كيف سيكون شعور المدخن عندما يقع نظره على علبة السجائر التي ألف اقتنائها مغلفة بلون أسود كقطع الليل المظلم، وتحذر من مضار التدخين في عناوين كبيرة مكتوبة باللون الأبيض. "التدخين يسبب السرطان" أو "التدخين يضر بالرئتين والقلب" أو "التدخين يضر بالأطفال قبل الولادة" … مرفوقة بصور "مرعبة" تظهر كيف يتغلل المرض إلى أعضاء من الجسم كالقلب والرئتين والفم ؟ هكذا اختارت منظمة الصحة العالمية لفت الأنظار إلى مخاطر التبغ بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين (31 ماي)، بالدعوة إلى اعتماد نموذج "التغليف البسيط أو المحايد" لعلب السجائر، كأحد التدابير الفعالة للحد من الطلب والتقليل من جاذبية منتجات التبغ، بالإضافة إلى تقييد استخدام التغليف كشكل من أشكال الإعلان عن التبغ وترويجه، والزيادة من فعالية التحذيرات الصحية. اعتماد التغليف الموحد ويشير التغليف الموحد لمنتجات التبغ إلى التدابير التي تقيد أو تحظر استخدام أي شعارات أو ألوان أو صور للعلامات التجارية أو معلومات ترويجية أخرى على الغلاف بخلاف الأسماء التجارية وأسماء المنتج والتي تعرض بلون وشكل خط قياسي، تماشيا مع توصيات المبادئ التوجيهية للمادتين 11 و13 من اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ التي تحث الأطراف على اعتماد التغليف الموحد. وفي هذا الصدد، أصبحت أستراليا، منذ دجنبر 2012، أول بلد يطبق التغليف الموحد لعلب السجائر، إذ تشير تقارير المنظمة إلى أنه منذ تطبيق هذا القانون توقف ما يزيد عن 118 ألف شخص عن التدخين في أستراليا. وقد لا يكون هذا الرقم كبيرا مقاربة مع عدد السكان، إلا أن خطة تغليف السجائر ساهمت إلى حد كبير في حماية هذا العدد من الأشخاص من الإصابة بأمراض كثيرة. وانضمت المملكة المتحدة المتحدة، في ال16 من مارس الماضي، إلى صفوف الدول التي تبنت قانون التغليف الموحد لمنتجات التبغ بعد تصويت مجلس العموم البريطاني لصالح القانون الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من ماي 2016. بينما تدرس كل من نيوزيلندا، وفرنسا، وفنلندا والنرويج اتخاذ خطوة مماثلة. حداثة التجربة وأشارت نتائج دراسات علمية نشرت في مجلة "أديكشن" البريطانية إلى أن تغليف علب السجائر بشكل موحد وبدون وضع علامات معينة، قد يثني غير المدخنين عن التدخين ويقلل عدد السجائر التي يدخنها المدخنون، مشيرة إلى أنه من المرجح أن تقلل العلب الموحدة من معدلات التدخين رغم أنه لا يزال من المبكر الحصول على أدلة كافية بالنظر لحداثة هذه التجربة. وعلى المستوى الوطني، وقع المغرب على الاتفاقية الإطار لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ لكنه لم يصادق عليها بعد. ومنذ سنة 1988، أعدت وزارة الصحة، برنامجا لمحاربة التدخين يتمحور حول إعداد دراسات إبيديمولوجية، وإعلام وتحسيس السكان بالمخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين والمساهمة في إعداد قانون حول مشكل التدخين. وبخصوص المستوى التشريعي، كان المغرب أول بلد يضع قانونا لمكافحة التدخين على الصعيد الإقليمي في أبريل 1991، يتعلق بمنع التدخين في بعض الأماكن العمومية وحظر أي شكل من أشكال الدعاية أو الإشهار لصالح منتجات التبغ، إلا أنه لم يصدر أي مرسوم تطبيقي يفعل هذا القانون. وعلى الرغم من ذلك، يظل المغرب متقدما في هذا المجال مقارنة مع دول أخرى تأخرت في المبادرات التشريعية المتعلقة بمنع التدخين. تنتج عن التبغ أضرار عديدة وكان وزير الصحة، الحسين الوردي قد أعلن، في وقت سابق، أن التدخين يتسبب في 8 بالمائة من الوفيات العامة في المغرب، و75 بالمائة من وفيات سرطان الرئة و 10 بالمائة من وفيات أمراض الجهاز التنفسي، وهو ما يفوق نسبيا المعدلات المسجلة بمنطقة شرق المتوسط. وعن الجهود المبذولة للحد من هاته الآفة، قال الوزير إنه قد تم في سنة 2010، إدماج مكافحة التدخين ضمن المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان الذي أعد بشراكة بين وزارة الصحة ومؤسسة للا سلمى لمحاربة السرطان ، ويتكون هذا المخطط من 78 تدبير منهم 8 خاصة بمحاربة التدخين. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن التدخين سيصبح في أفق سنة 2020 أول سبب من أسباب الوفاة بالعالم، إذ سيصبح المسؤول عن حوالي عشرة ملايين حالة وفاة في السنة، متجاوزا بذلك أمراضا فتاكة كالسيدا والسل وأمراض أخرى. وتنتج عن التبغ أضرار عديدة بالنسبة لصحة المدخن، خاصة سرطان الرئة، والحنجرة، وسرطانات أخرى، كما أن له آثار وخيمة على الجهاز الهضمي والجلد وصحة الفم والأسنان.