البيجيدي يتجه نحو تصويت كاسح على بنكيران وانتخابه على رأس المصباح    المحمدية.. مقطع الفيديو الذي يوثق لهجوم عصابة إجرامية على حافلة للنقل الحضري مشوب بعدم الدقة وعار من الصحة    ماراطون الرباط الدولي 2025.. فوز العداءين الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهيري بلقب الدورة الثامنة    الفدرالية البيمهنية لأنشطة الحبوب وتكامل الفلاح: شراكة استراتيجية من أجل تجميع رقمي يعزز الإنتاجية والربحية    استثمارات عقارية متزايدة لشقيقات الملك محمد السادس في فرنسا    استطلاع.. معظم الإسرائيليين يريدون إنهاء حرب غزة    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الأحد    تدخل أمني يوقف مخرب سيارات في مراكش    إصابات متفاوتة لأعضاء فريق حسنية جرسيف للدراجات في حادثة سير    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    ماراطون الرباط الدولي: الأوغندي أبيل شيلانغات يتوج باللقب والمغربي عمر أيت شيتاشن بنصفه    فرنسا.. مقتل مصل طعنا داخل مسجد    الصين تخطو بثبات نحو الاستقلال التكنولوجي: تصنيع شرائح 3 نانومتر دون الاعتماد على معدات غربية    الرباط: تتويج التلاميذ الفائزين بالدورة السادسة لجائزة 'ألوان القدس'    الطالبي العلمي من الداخلة: نحترم التزاماتنا والحكومة تسهر على تنزيل الأوراش الملكية    الجزائر.. انهيار أرضي يودي بحياة عدة أشخاص    انفجار مرفأ في إيران يودي بعشرات القتلى    9 صحفيين يحصدون الجائزة الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    هذا موعد والقنوات الناقلة لمباراة نهضة بركان وشباب قسنطينة    طنجة تحتضن اجتماع المجلس الإقليمي للاتحاد الاشتراكي استعدادًا للمؤتمر المقبل    اليوم يتعرف "البيجيديون" على أمينهم العام الجديد وسط غياب بارز للرؤية السياسية المستقبلية    18 قتيلا على الأقل و800 جريح في حصيلة جديدة لانفجار المرفأ في إيران    مشروع ورش الدار البيضاء البحري يرعب إسبانيا: المغرب يواصل رسم ملامح قوته الصناعية    تصاعد التوتر بين الهند وباكستان بعد قرار قطع المياه    كندا.. قتلى وجرحى إثر دهس سيارة لحشود في مهرجان بفانكوفر    تونس تتحول في عهد قيس سعيد إلى ظل باهت لنموذج سلطوي مأزوم    الجزائر في مواجهة مرآة الحقيقة: أكاذيب الداخل والخارج    "العدل" تستعدّ لإصدار نصّ تنظيمي بشأن تطبيق قانون العقوبات البديلة    برشلونة يحرز لقب كأس إسبانيا    "لبؤات الفوتسال" يواجهن أنغولا    جلسة حوارية "ناعمة" تتصفح كتاب "الحرية النسائية" للمؤرخ بوتشيش    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    المديني: روايتي الجديدة مجنونة .. فرانسيس بابا المُبادين في غزة    احتجاج أمام "أفانتي" في المحمدية    فوزي لقجع نائب أول لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    الدوري الماسي: البقالي يحل ثانيا في سباق 3000 متر موانع خلال ملتقى شيامن بالصين    الكلية متعددة التخصصات بالناظورتحتضن يوما دراسيا حول الذكاء الاصطناعي    المباراة الوطنية الخامسة عشر لجودة زيت الزيتون البكر الممتازة للموسم الفلاحي 2024/2025    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    تتويج 9 صحفيين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    جديد نصر مكري يكشف عن مرحلة إبداعية جديدة في مسيرته الفنية    جيدو المغرب ينال ميداليات بأبيدجان    المغرب يرسّخ مكانته كمركز صناعي إفريقي ويستعد لبناء أكبر حوض لبناء السفن في القارة    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    من تندرارة إلى الناظور.. الجهة الشرقية في قلب خارطة طريق الغاز بالمغرب    تتويج الفائزين في مباريات أحسن رؤوس الماشية ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2025    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عادل رفوش: أسبوع المِحْراب بين بكة وطيبة
نشر في هوية بريس يوم 27 - 05 - 2016


الجمعة 27 ماي 2016
لقد من الله الكبير المتعال ذو الجلال والإكرام؛
برحلة مباركة عقب دعوة كريمة من شيوخ فضلاء من بعض أخيار علماء المملكة العربية السعودية حرسها الله.. سعدت فيها بالبيت العتيق وبالروضة الشريفة
مترددا بين الحجر وزمزم وبين الركنين والملتزم؛
وعند مقام إبراهيم حيث المصلَّى لمن أراد أن يتجلَّى؛ وحيث الابتهال لمن يتحرق قلبه وَلَهاً على الاتصال؛ ويخاف من ربه البَتْرَ والانفصال؛
متلهفاً لآثار الرسول صلى الله عليه وسلم حيث السواري الشاهدات وحيث القبور الخالدات؛ وحيث المنبر والمحراب الذي يفتح للمتاب كل الأبواب؛
حيث الصاحبان الصديق والفاروق؛ وحيث العهد العتيق والحبل الوثيق؛ توابيت ثوابت من آل محمد تحمله أكتاف السلف الصالح عبر قرون الشروق؛
هنا كان نافع وابن كثير المكي وأبو جعفر المدني
وهنا كان مالك والشافعي وعطاء ابن أبي رباحٍ..
هنا وهنا؛ هناك وهنالك "وإذا رأيتَ ثَمَّ رأيتَ نعيماً وَمُلْكاً كبيراً".
حيث تسكب العبرات؛ وتكاشف ربك بالرغبات؛ وتتقي بفضله الحسرات والعثرات؛
"لبيك إله الحق؛ لبيكَ وسعديكَ والخير كله بيديكَ والرغْباءُ إليكَ والعمل".
ولستُ أحصي هنا تلك الآلاء ولا أنا بقادر على عدها؛ ولكنني أجتزئ منها الشكر بعد الله لتلك المحبة الصادقة وتلك الحفاوة الرائقة؛ التي لقيتها من أجلاء تلك المقامات العاليات الغاليات؛ في مجالس من مجالس الآخرة علماً وأدباً وهمة؛
تبادلنا فيها صنوف الأدب وعلوم الفقه ووصلنا فيها رحم العلم ونهلنا فيها من موائد القرآن؛
وربطنا وثيق الوصال بين المشرق والمغرب كما كان قديماً خلفاً عن سلف؛
1- منها مجلس مع وجهاء من جامعة أم القرى في قسم التفسير وفي قسم العقيدة وفي قسم القراآت؛
وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور عيسى مسملي
الذي أثرى معنا حديثاً شيقاً في تعلق المعاني باختلاف القراآت وأن القراءة مع القراءة كالآية مع الآية كما شاع عند العلماء؛ فأضفتُ على مسامعهم الكريمة ذكر مسألتين ذات صلة وثقى بالموضوع:
أ- أهمية الشواذ غير الغريبة في إثراء المعنى القرآني
ب- وأهمية رعاية الوقف وأثره في تعدد المعاني للفظ الواحد وللسياق الواحد وأن العناية بذلك قليلة في عصرنا مع أنها من أشرف طرق تثوير القرآن ولطائف استنباطاته؛ وذكرنا لذلك أمثلةً كما في آية الأنعام "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً".
وذكرنا في السياق رسالة الدكتور مساعد الطيار في الموضوع نفع الله بالجميع..
2- ومجلس آخر مع وجهاء العمل الدعوي في أهم مراكز المملكة ومساجدها الكبرى كجامع الراجحي الكبير وكمؤسسة إمام الدعوة الكبرى؛ وعلى رأسهم الأستاذ المهندس باسم بن عبد الغني منشاوي مدير جامع الراجحي الكبير ونائب رئيس لجنة الأوقاف بمكة المكرمة.
وفي بيتهم العامر سعدنا بترحابه الأَخَّاذ وبأخوته الصادقة؛ كما سعدنا بلقاء أعيانٍ في الدعوة إلى الإسلام ونهضة الأمة منهم فضيلة الشيخ عبد الله الأثري التركي؛ حامل لواء دعوة أهل السنة في تركيا نحواً من أربعين سنة..
وحدثنا عن جهود جبارة في رجوع بلاد محمد الفاتح إلى أمجاد عزها بفضل الله ثم بحسن حكمة قائدهم الصادق المبارك الرئيس رجب طيب أردوغان وفقه الله وسائر ولاة أمور المسلمين لما فيه البر والتقوى..
وقد أفادنا فضيلة الشيخ أن الرئيس أطلقَ قريباً أكبر مطبعة في الشرق الأوسط متخصصة في طبع المصحف الشريف لكل بلدٍ بحسب روايته وخطه وطريقة تحزيبه وعلى المواصفات التي ترضي كل قطر من أقطار المسلمين طبعاً مجانيا خارجياً محضاً لا يُباع منه في تركيا شيء حتى لا يضر بالداخل وهو يبحث عن الإحسان في الخارج؛ جزاهم الله خير الجزاء..
وقد حدثتهم عن تشددنا الحميد نحن معشر المغاربة في رعاية كتابة المصحف وحرصنا على سَنَن عبادة رؤيةِ حرفه كما نحرص على روايته؛ وأننا قمنا عبر التاريخ بواجب حفظ كل علومه وبالأخص علوم كتابته من ضبط ورسم وعددٍ ووَقْفٍ وتجميلٍ؛ وأن تجربة المطبعة المحمدية التي أنشأها جلالة الملك محمد السادس تعتبر رائدةً في هذا الباب نفع الله بالجميع..
3- ومجلس آخر عند فضيلة العلامة سفر الحوالي شفاه الله وعافاه -من صلاة العصر إلى العشاء-؛ لمحت فيه ما عهدت من فضيلته من توقد ذهن وسعة اطلاع وحسن تتبع ومقارنة في معارف متنوعة؛ مع تقدم سنه ووهن قواه حفظه الله إلا أن نفسه نفس الصادقين وحديثه حديث الفتوة المؤمنة المطمئنة..
ومع تحديده مجلسه دواما في ساعة واحدة غير أنه استطاب ما طالَ من مجلس أهل المغرب وأخبار المالكية وحديث ندماء الأندلس لعظيم ما يكنه لمجاهديهم وعلمائهم وصالحيهم؛ ووجدته حفظه الله متابعا للساحة الفكرية وما يحصل من تقلبات ومعتن جدا بشبهات علمانية المغرب كمحمد عابد الجابري مستفيداً من ردود طه عبد الرحمن مثنيا على حسن تفكيره وتهذيبه ودفاعه عن التراث؛ مع أن الشيخ في حالة صحية مرهقة لولا ما يسنده من الصدق والحب الجبلي للعلم والدعوة والحديث..
وحدثته عن المدونة وبعض أخبارها وأخبار رجالها الأربعة مالك وابن القاسم وأسد وسحنون؛ فتهيج لمآثرهم وطرب طرب الشباب وقال لي: "هؤلاء أئمة أربعة داخل مذهب من الأربعة"؛ فلما خمَّستهم ببعض أخبار الإمام ابن أبي زيد القيرواني مالك الصغير وما خدم به المدونة اختصاراً وضمَّا لزوائد الأمهات؛ فقال الشيخ سفر: "هذا من أئمة السلف نصر الله به السنة؛ وقمع به الرافضة والخوارج".
4- ومجلس مع فضيلة الدكتور محمد الربيعة -عضو الهيئة العالمية لتدبر القرآن- في مقر مركز النبأ العظيم الذي هو رئيسه بدعوة كريمة منه -إثر لقاء علمي دعوي جمعنا مع أحد شيوخ السنة في تركيا-؛ يحرص الشيخ الربيعة نفع الله به على القرآن وهداياته؛ ويستكشف عن أهل استنباطاته؛ بما يعين على تفهم رسالاته لنهضة الأمة؛ فلله دره من شيخٍ شاب ناصح أمين..
وقد أثمر لقاؤنا اتفاقات بين مركزهم ومؤسستنا ابن تاشفين سترى آثارها النور قريباً بحول الله تعالى؛ لينتفع به كل أهل القرآن الناهلين من موارده المكرمين على موائده..
5- ومجلس هو شامةُ الحسن في أيام الحِجازِ؛ بدعوة غداء كريمة من فضيلة الشيخ فيصل الغزاوي إمام الحرم المكي وأحد أعمدة الإقراء بالبيت الحرام؛ في بيته العامر المبارك وبحضور إمام الحرم فضيلة الشيخ خالد الغامدي ذي الخلق السني والأدب الشجي والصوت الندي؛ وفضيلة الشيخ الجليل الأصولي عبد الرحمن السديس..
وغيرهم من الأخيار الأكارم.. وكان قد أطعمنا في الغذاء سمكا نضيجاً؛ فحدثتهم عن السمك والحوت وأننا في المغرب لا نخص الحوت بضخمه فقط بل على لغة القرآن في إطلاقه على الكبير "فالتقمه الحوت" وعلى مطلق السمك "فنسيا حوتهما"؛ ثم ذكرتُ في جملة ذلك ما حكاه ابن عطية في تفسيره من أن حوت موسى كان على الشواء؛ وأنه نَطَّ إلى البحر بشقه الذي لم تمسه النار بعد؛ وأنه تناسل في البحر وصار نوعاً مميزاً ليس له إلا جنبٌ وعين؛ والجنب الآخر قشر بلا لحم ولا عين..
فذكر بعض الشيوخ الحاضرين أنه رأى هذا النوعَ وأنه يصطاد في شعاب البحر الأحمر؛
فقلت الحمد لله إذ وجدنا شاهداً من البحر الأحمر للبحر الأبيض حيث ابن عطية الأندلسي؛ فاجتمع البحران شاهدين؛ كما اجتمع البحران -موسى والخضر- بمجمع البحرين.. الخ الخ الخ.
6- وتلاه مجلس آخر في ضيافة فضيلة الشيخ محمد ناصر الزهراني مدير المعهد العلمي بمكة وبحضور الشيخ خميس العمري أمين الفتوى في المسجد الحرام؛ مع بعض الأساتذة والشيوخ تركز فيها الحديث عن أهمية مخالطة الناس وأصنافهم لاكتمال علم العالم وأن الفتوى في المناسك حالَ الأداءِ عمل عظيم وفرَج على المسلمين كبير..
واستحوذ على مجلسنا المبارك هذا ذكر مسألة الصحراء المغربية؛ حيث اكتشفنا أن كثيراً من النخب في المشرق فضلاً عن العامة ليس عندهم تصور صحيح للقضية؛ فبينا لهم عمقها التاريخي وكونها ثابتاً من ثوابت مملكتنا المغربية وطنيا وعرقيا ودينيا عبر التاريخ وإلى عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله وإلى أبد الدهر بإذن الله تعالى؛
وأن الواقع ليس كما يتخيل أنها أرض فارغة لا أنيس بها ولا صاحبَ؛ بل هي في قلب المغرب ومنه؛ وقد عمرها -تنمية وتطويرا- بسواعد أبنائها الشرفاء الذين لم يخونوا الأمانة ولم يبيعوا أنفسهم للمتسلط والفاتنين؛
وكان معي بالمناسبة أحد إصدارات مؤسستنا ابن تاشفين حول مغربية الصحراء بقلم أخي المرابط حمّاد القباج؛ فأهديته للحاضرين ليبقى تذكرةً كتابية لما توسعنا في شرحه لهم شفهيا؛ فاستثمنوا ذلك وشكروا وأيدوا واستغربوا من التواطؤ الغربي والمكر الجزائري مع وضوح القضية، وظهور الحق والأصلح بكل المعايير؛
7- فذكرني موقفهم الجميل هذا بمجلس مبارك آخر شَرُفت به بدعوة من فضيلة الشيخ رائد الإعلام الإسلامي مالك قنوات المجد الفضائية السيد الغَمَّاس نفع الله به وبوالده وكافة أحبابه في لقاءٍ ثنائي نفيسٍ؛
إذ تجاذبنا في أمسية صيامٍ خميسيةٍ شجون الترشيد الإعلامي ورسالة الأثير وهَمَّ التدافع الهوائي في القنوات التي عم شرها وغلب فجورها على نوافذ الخير والصلاح في الأقمار الاصطناعية؛ وبشرني حفظه الله بما له من جهود في قنوات لغير الناطقين بالعربية وذكر منها قناتين بالفرنسية والألمانية؛ فبينت لفضيلته أن هذين اللسانين خاصة يكثر فيهما المغاربة فيتحسن أن تضمنوا في برامجكم ما يجعلهم عونا لأوطانهم في الحفاظ على الثوابت والحرص على الجماعة ومقاومة كل أسباب التطرّف والانحلال والانفصال..
فثمن الموضوع وأكد أهميته ومركزية الترابط المغربي الخليجي للأمتين العربية والإسلامية؛
وأطلعنا حفظه الله على تجربتهم الرائدة في المجال واتفقنا على تنسيقٍ لتبادل الخبرات فيما يعود بالنفع على أمتنا وأوطاننا..
8- وقد حظيتُ بشرف مجلس مماثل مع فضيلة الشيخ الدكتور علي الضحيان عضو مجلس إدارة قنوات المجد ومجموعة من القنوات الإفريقية وفقه الله ببيته المبارك بحضور الدكتور تركي المحيسني حفظه الله؛ فتجاذبنا مواضيع شتى تخص في الأدق شئون التجديد السلفي وما يعتري مفاهيمه الأصلية من تشويه وتشريد بالإفراط أو بالتفريط، وأنه لا عاصم بعد الله من الحرص البليغ على العلم من أبوابه والاطلاع الواسع والمقارنة المنصفة والمراجعات الجريئة ابتغاء مرضاة الله عز وجل..
9- وقد من الله في هذه الأيام المباركة بأن سجلنا بإشراف الدكتور محمد المقدي مدير مركز "إحسان" حفظه الله؛ برنامجا دعوياً تلفزيونيا منوعًا؛ سوف يعرض بإذن الله قريبا على أكثر من أربعين قناةً فضائيةً؛ ونسقنا بحمد الله لتسجيل برامج أخرى في قضايا العلم والدعوة بإذن الله..
وتذاكرنا أهمية الكتب وأنها زينة بيوت الأسرة المسلمة ولو بما قَلَّ؛ فالقراءة شعار الأمة المحمدية وأنه كلما زادت الدرجة زادت أهمية الاقتناء بالتوسع حسب اهتمام الشخص ومرتبته في العلم وفي التأليف.. الخ الخ الخ
10- ولم يشأ إخواننا المغاربة المقيمون بالحجاز أن نخلي أسبوعنا هذا من لقاء مع طلبتنا المغاربة؛ فجمعوا مجلساً كريما تذاكرنا فيه إلى حدود الفجر بعض ما تيسر من مسائل وطلبوا منا رواية بعض أنظامنا فعلقنا لهم على "نظم السلوك" تعليقاً مقتضباً بذكر أصول الظاهر الطاهر وأصول الباطن الضامن التي هي عشرة معالم لرياضة المسلم حتى يكون أنموذجاً لتمثيل دينه في نفسه وعند الناس..
فكان مجلساً عامراً بطلبة العلم المغاربة المقيمين في مكة والدارسين في الحرم من الحريصين على الخير والفائدة؛ فسمرنا إلى مشارِف الفجرِ؛ وقرأنا ما رغبوا فيه -نفع الله بهم- من منظومتنا الصغرى في "أصول السلوك" مع التعليق الوجيز وإجازة المستجيز والتي رَجَزْتها بين يدي الكعبة المشرفة ذاكراً ما لخصه الإمام زَرُّوقُ الفاسي شارح البخاري وسميتها "أصول تحقيق الطريق إلى رَبِّ البَيْتِ العتيق"؛ فَتَمَّ كل ذلك بفتحٍ من الله فضلاً ونِعمةً..
وقد أكرمني الله في رحلتي هذه برفقة صالحة من الشاب اليافع جلال اعويطا الرباطي -مدير قطاعنا الإعلامي بمؤسسة ابن تاشفين- ذو الهمة العالية في الحرص على الدعوة وعمل الخير؛ فكان نعم العون ونعم الرِّدء يشد الأزْرَ للذكر الكثير وللتسبيح الكثير؛ ونحن في كل ذلك لم نغب عن أخبار وطننا الغالي بدوام السؤال مع فضيلة الشيخ المرابط حمّاد القباج حفظه الله ووفق الله الجميع لرضاه..
وقد طويتُ ذكر كثير من الفوائد العلمية ومليح الموائد الدعوية؛ التي جمعتنا بأخيارٍ كثيرين تكرموا علينا بأصيل الحفاوة وجميل المكرمة جزاهم الله عنا خير الجزاء وتقبلنا الله وإياهم في الصالحين والحمد لله رب العالمين..
وقد ضاق علينا زمن الرحلة فلم نستطع الوفاء بكثير من الدعوات الكريمات كدعوة من المشروع الرائد في بابه "تعظيم البلد الحرام" برئاسة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الحفظي حفظه الله؛ وكلقاء مع فضيلة الشيخ المبارك الدكتور عبد الله بن عمر الدميجي صاحب المصنفات الرائقة ككتاب "مواقف المستشرقين من دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب"؛ وكتاب "أصول أهل السنة في التعامل مع النصوص والرد على العصرانيين الإسلاميين"؛ وكتاب "فهم السلف الصالح للنصوص الشرعية والرد على الشبهات حوله"؛ وغيرها كثير نفع الله به؛ وقد أهداني جميعها أجزل الله مثوبته..
ومن بركات هذه الرحلة لقاء طفيف بأخي الشيخ المقرئ عمر القزابري في صفوف الصائمين..، ورجوعي في رحلة معي على متنها شيخنا العلامة مولاي مصطفى البحياوي وشيخنا المقرئ الجليل إيهاب فكري المصري المدني…
وقد كانت مليحة الانتظار والانطلاق بالعلم والذكر والتواصي بالمعالي جعلنا الله وإياكم -ونحن في جو السماء-؛ من أهل المعالي والحفظ من الكبير الأعلى المتعال سبحانه جل في علاه وبلغنا رضاه ورضي عنا وعنكم بكرمه..
ولم أجد ما أختم به هذه النفحات وأنا أودع هذه المقامات رفيعات الدرجات؛ سوى كلمات من وحي الخاطر الذي عَبَّرتْ عنه بين يدي رسول الله أحرُّ الزفرات والعبرات؛ لخصتها بقولي وأنا عند روضة اللَّطيف بين المنبر المنيف والقبر الشريف؛
وعند الحجرات الطاهرات ودون جَسَدَيْ الصاحبين وحوالي البقيع والشهداء رضي الله عنهم وألحقنا بهم صالحين:
دوائي فيكِ يا جَنَباتِ طَيْبَةْ***يرِفُّ القلْبُ مِنْ فَرَحٍ وَهَيْبَةْ
فيا رَبَّ الحَبيبِ المُصْطَفَىٰ امْنُنْ***بخَاتِمَةٍ بِمَرْحَمَةٍ وتَوْبَةْ
وَلَا تُبْعِدْ فُؤَادِي عَنْ رُبَاهَا***وَعَجِّلْ إِنْ تَناءَيْنَا بأَوْبَةْ
(محبكم عادل رفوش المغربي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.