توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عادل رفوش: أسبوع المِحْراب بين بكة وطيبة
نشر في هوية بريس يوم 27 - 05 - 2016


الجمعة 27 ماي 2016
لقد من الله الكبير المتعال ذو الجلال والإكرام؛
برحلة مباركة عقب دعوة كريمة من شيوخ فضلاء من بعض أخيار علماء المملكة العربية السعودية حرسها الله.. سعدت فيها بالبيت العتيق وبالروضة الشريفة
مترددا بين الحجر وزمزم وبين الركنين والملتزم؛
وعند مقام إبراهيم حيث المصلَّى لمن أراد أن يتجلَّى؛ وحيث الابتهال لمن يتحرق قلبه وَلَهاً على الاتصال؛ ويخاف من ربه البَتْرَ والانفصال؛
متلهفاً لآثار الرسول صلى الله عليه وسلم حيث السواري الشاهدات وحيث القبور الخالدات؛ وحيث المنبر والمحراب الذي يفتح للمتاب كل الأبواب؛
حيث الصاحبان الصديق والفاروق؛ وحيث العهد العتيق والحبل الوثيق؛ توابيت ثوابت من آل محمد تحمله أكتاف السلف الصالح عبر قرون الشروق؛
هنا كان نافع وابن كثير المكي وأبو جعفر المدني
وهنا كان مالك والشافعي وعطاء ابن أبي رباحٍ..
هنا وهنا؛ هناك وهنالك "وإذا رأيتَ ثَمَّ رأيتَ نعيماً وَمُلْكاً كبيراً".
حيث تسكب العبرات؛ وتكاشف ربك بالرغبات؛ وتتقي بفضله الحسرات والعثرات؛
"لبيك إله الحق؛ لبيكَ وسعديكَ والخير كله بيديكَ والرغْباءُ إليكَ والعمل".
ولستُ أحصي هنا تلك الآلاء ولا أنا بقادر على عدها؛ ولكنني أجتزئ منها الشكر بعد الله لتلك المحبة الصادقة وتلك الحفاوة الرائقة؛ التي لقيتها من أجلاء تلك المقامات العاليات الغاليات؛ في مجالس من مجالس الآخرة علماً وأدباً وهمة؛
تبادلنا فيها صنوف الأدب وعلوم الفقه ووصلنا فيها رحم العلم ونهلنا فيها من موائد القرآن؛
وربطنا وثيق الوصال بين المشرق والمغرب كما كان قديماً خلفاً عن سلف؛
1- منها مجلس مع وجهاء من جامعة أم القرى في قسم التفسير وفي قسم العقيدة وفي قسم القراآت؛
وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور عيسى مسملي
الذي أثرى معنا حديثاً شيقاً في تعلق المعاني باختلاف القراآت وأن القراءة مع القراءة كالآية مع الآية كما شاع عند العلماء؛ فأضفتُ على مسامعهم الكريمة ذكر مسألتين ذات صلة وثقى بالموضوع:
أ- أهمية الشواذ غير الغريبة في إثراء المعنى القرآني
ب- وأهمية رعاية الوقف وأثره في تعدد المعاني للفظ الواحد وللسياق الواحد وأن العناية بذلك قليلة في عصرنا مع أنها من أشرف طرق تثوير القرآن ولطائف استنباطاته؛ وذكرنا لذلك أمثلةً كما في آية الأنعام "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً".
وذكرنا في السياق رسالة الدكتور مساعد الطيار في الموضوع نفع الله بالجميع..
2- ومجلس آخر مع وجهاء العمل الدعوي في أهم مراكز المملكة ومساجدها الكبرى كجامع الراجحي الكبير وكمؤسسة إمام الدعوة الكبرى؛ وعلى رأسهم الأستاذ المهندس باسم بن عبد الغني منشاوي مدير جامع الراجحي الكبير ونائب رئيس لجنة الأوقاف بمكة المكرمة.
وفي بيتهم العامر سعدنا بترحابه الأَخَّاذ وبأخوته الصادقة؛ كما سعدنا بلقاء أعيانٍ في الدعوة إلى الإسلام ونهضة الأمة منهم فضيلة الشيخ عبد الله الأثري التركي؛ حامل لواء دعوة أهل السنة في تركيا نحواً من أربعين سنة..
وحدثنا عن جهود جبارة في رجوع بلاد محمد الفاتح إلى أمجاد عزها بفضل الله ثم بحسن حكمة قائدهم الصادق المبارك الرئيس رجب طيب أردوغان وفقه الله وسائر ولاة أمور المسلمين لما فيه البر والتقوى..
وقد أفادنا فضيلة الشيخ أن الرئيس أطلقَ قريباً أكبر مطبعة في الشرق الأوسط متخصصة في طبع المصحف الشريف لكل بلدٍ بحسب روايته وخطه وطريقة تحزيبه وعلى المواصفات التي ترضي كل قطر من أقطار المسلمين طبعاً مجانيا خارجياً محضاً لا يُباع منه في تركيا شيء حتى لا يضر بالداخل وهو يبحث عن الإحسان في الخارج؛ جزاهم الله خير الجزاء..
وقد حدثتهم عن تشددنا الحميد نحن معشر المغاربة في رعاية كتابة المصحف وحرصنا على سَنَن عبادة رؤيةِ حرفه كما نحرص على روايته؛ وأننا قمنا عبر التاريخ بواجب حفظ كل علومه وبالأخص علوم كتابته من ضبط ورسم وعددٍ ووَقْفٍ وتجميلٍ؛ وأن تجربة المطبعة المحمدية التي أنشأها جلالة الملك محمد السادس تعتبر رائدةً في هذا الباب نفع الله بالجميع..
3- ومجلس آخر عند فضيلة العلامة سفر الحوالي شفاه الله وعافاه -من صلاة العصر إلى العشاء-؛ لمحت فيه ما عهدت من فضيلته من توقد ذهن وسعة اطلاع وحسن تتبع ومقارنة في معارف متنوعة؛ مع تقدم سنه ووهن قواه حفظه الله إلا أن نفسه نفس الصادقين وحديثه حديث الفتوة المؤمنة المطمئنة..
ومع تحديده مجلسه دواما في ساعة واحدة غير أنه استطاب ما طالَ من مجلس أهل المغرب وأخبار المالكية وحديث ندماء الأندلس لعظيم ما يكنه لمجاهديهم وعلمائهم وصالحيهم؛ ووجدته حفظه الله متابعا للساحة الفكرية وما يحصل من تقلبات ومعتن جدا بشبهات علمانية المغرب كمحمد عابد الجابري مستفيداً من ردود طه عبد الرحمن مثنيا على حسن تفكيره وتهذيبه ودفاعه عن التراث؛ مع أن الشيخ في حالة صحية مرهقة لولا ما يسنده من الصدق والحب الجبلي للعلم والدعوة والحديث..
وحدثته عن المدونة وبعض أخبارها وأخبار رجالها الأربعة مالك وابن القاسم وأسد وسحنون؛ فتهيج لمآثرهم وطرب طرب الشباب وقال لي: "هؤلاء أئمة أربعة داخل مذهب من الأربعة"؛ فلما خمَّستهم ببعض أخبار الإمام ابن أبي زيد القيرواني مالك الصغير وما خدم به المدونة اختصاراً وضمَّا لزوائد الأمهات؛ فقال الشيخ سفر: "هذا من أئمة السلف نصر الله به السنة؛ وقمع به الرافضة والخوارج".
4- ومجلس مع فضيلة الدكتور محمد الربيعة -عضو الهيئة العالمية لتدبر القرآن- في مقر مركز النبأ العظيم الذي هو رئيسه بدعوة كريمة منه -إثر لقاء علمي دعوي جمعنا مع أحد شيوخ السنة في تركيا-؛ يحرص الشيخ الربيعة نفع الله به على القرآن وهداياته؛ ويستكشف عن أهل استنباطاته؛ بما يعين على تفهم رسالاته لنهضة الأمة؛ فلله دره من شيخٍ شاب ناصح أمين..
وقد أثمر لقاؤنا اتفاقات بين مركزهم ومؤسستنا ابن تاشفين سترى آثارها النور قريباً بحول الله تعالى؛ لينتفع به كل أهل القرآن الناهلين من موارده المكرمين على موائده..
5- ومجلس هو شامةُ الحسن في أيام الحِجازِ؛ بدعوة غداء كريمة من فضيلة الشيخ فيصل الغزاوي إمام الحرم المكي وأحد أعمدة الإقراء بالبيت الحرام؛ في بيته العامر المبارك وبحضور إمام الحرم فضيلة الشيخ خالد الغامدي ذي الخلق السني والأدب الشجي والصوت الندي؛ وفضيلة الشيخ الجليل الأصولي عبد الرحمن السديس..
وغيرهم من الأخيار الأكارم.. وكان قد أطعمنا في الغذاء سمكا نضيجاً؛ فحدثتهم عن السمك والحوت وأننا في المغرب لا نخص الحوت بضخمه فقط بل على لغة القرآن في إطلاقه على الكبير "فالتقمه الحوت" وعلى مطلق السمك "فنسيا حوتهما"؛ ثم ذكرتُ في جملة ذلك ما حكاه ابن عطية في تفسيره من أن حوت موسى كان على الشواء؛ وأنه نَطَّ إلى البحر بشقه الذي لم تمسه النار بعد؛ وأنه تناسل في البحر وصار نوعاً مميزاً ليس له إلا جنبٌ وعين؛ والجنب الآخر قشر بلا لحم ولا عين..
فذكر بعض الشيوخ الحاضرين أنه رأى هذا النوعَ وأنه يصطاد في شعاب البحر الأحمر؛
فقلت الحمد لله إذ وجدنا شاهداً من البحر الأحمر للبحر الأبيض حيث ابن عطية الأندلسي؛ فاجتمع البحران شاهدين؛ كما اجتمع البحران -موسى والخضر- بمجمع البحرين.. الخ الخ الخ.
6- وتلاه مجلس آخر في ضيافة فضيلة الشيخ محمد ناصر الزهراني مدير المعهد العلمي بمكة وبحضور الشيخ خميس العمري أمين الفتوى في المسجد الحرام؛ مع بعض الأساتذة والشيوخ تركز فيها الحديث عن أهمية مخالطة الناس وأصنافهم لاكتمال علم العالم وأن الفتوى في المناسك حالَ الأداءِ عمل عظيم وفرَج على المسلمين كبير..
واستحوذ على مجلسنا المبارك هذا ذكر مسألة الصحراء المغربية؛ حيث اكتشفنا أن كثيراً من النخب في المشرق فضلاً عن العامة ليس عندهم تصور صحيح للقضية؛ فبينا لهم عمقها التاريخي وكونها ثابتاً من ثوابت مملكتنا المغربية وطنيا وعرقيا ودينيا عبر التاريخ وإلى عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله وإلى أبد الدهر بإذن الله تعالى؛
وأن الواقع ليس كما يتخيل أنها أرض فارغة لا أنيس بها ولا صاحبَ؛ بل هي في قلب المغرب ومنه؛ وقد عمرها -تنمية وتطويرا- بسواعد أبنائها الشرفاء الذين لم يخونوا الأمانة ولم يبيعوا أنفسهم للمتسلط والفاتنين؛
وكان معي بالمناسبة أحد إصدارات مؤسستنا ابن تاشفين حول مغربية الصحراء بقلم أخي المرابط حمّاد القباج؛ فأهديته للحاضرين ليبقى تذكرةً كتابية لما توسعنا في شرحه لهم شفهيا؛ فاستثمنوا ذلك وشكروا وأيدوا واستغربوا من التواطؤ الغربي والمكر الجزائري مع وضوح القضية، وظهور الحق والأصلح بكل المعايير؛
7- فذكرني موقفهم الجميل هذا بمجلس مبارك آخر شَرُفت به بدعوة من فضيلة الشيخ رائد الإعلام الإسلامي مالك قنوات المجد الفضائية السيد الغَمَّاس نفع الله به وبوالده وكافة أحبابه في لقاءٍ ثنائي نفيسٍ؛
إذ تجاذبنا في أمسية صيامٍ خميسيةٍ شجون الترشيد الإعلامي ورسالة الأثير وهَمَّ التدافع الهوائي في القنوات التي عم شرها وغلب فجورها على نوافذ الخير والصلاح في الأقمار الاصطناعية؛ وبشرني حفظه الله بما له من جهود في قنوات لغير الناطقين بالعربية وذكر منها قناتين بالفرنسية والألمانية؛ فبينت لفضيلته أن هذين اللسانين خاصة يكثر فيهما المغاربة فيتحسن أن تضمنوا في برامجكم ما يجعلهم عونا لأوطانهم في الحفاظ على الثوابت والحرص على الجماعة ومقاومة كل أسباب التطرّف والانحلال والانفصال..
فثمن الموضوع وأكد أهميته ومركزية الترابط المغربي الخليجي للأمتين العربية والإسلامية؛
وأطلعنا حفظه الله على تجربتهم الرائدة في المجال واتفقنا على تنسيقٍ لتبادل الخبرات فيما يعود بالنفع على أمتنا وأوطاننا..
8- وقد حظيتُ بشرف مجلس مماثل مع فضيلة الشيخ الدكتور علي الضحيان عضو مجلس إدارة قنوات المجد ومجموعة من القنوات الإفريقية وفقه الله ببيته المبارك بحضور الدكتور تركي المحيسني حفظه الله؛ فتجاذبنا مواضيع شتى تخص في الأدق شئون التجديد السلفي وما يعتري مفاهيمه الأصلية من تشويه وتشريد بالإفراط أو بالتفريط، وأنه لا عاصم بعد الله من الحرص البليغ على العلم من أبوابه والاطلاع الواسع والمقارنة المنصفة والمراجعات الجريئة ابتغاء مرضاة الله عز وجل..
9- وقد من الله في هذه الأيام المباركة بأن سجلنا بإشراف الدكتور محمد المقدي مدير مركز "إحسان" حفظه الله؛ برنامجا دعوياً تلفزيونيا منوعًا؛ سوف يعرض بإذن الله قريبا على أكثر من أربعين قناةً فضائيةً؛ ونسقنا بحمد الله لتسجيل برامج أخرى في قضايا العلم والدعوة بإذن الله..
وتذاكرنا أهمية الكتب وأنها زينة بيوت الأسرة المسلمة ولو بما قَلَّ؛ فالقراءة شعار الأمة المحمدية وأنه كلما زادت الدرجة زادت أهمية الاقتناء بالتوسع حسب اهتمام الشخص ومرتبته في العلم وفي التأليف.. الخ الخ الخ
10- ولم يشأ إخواننا المغاربة المقيمون بالحجاز أن نخلي أسبوعنا هذا من لقاء مع طلبتنا المغاربة؛ فجمعوا مجلساً كريما تذاكرنا فيه إلى حدود الفجر بعض ما تيسر من مسائل وطلبوا منا رواية بعض أنظامنا فعلقنا لهم على "نظم السلوك" تعليقاً مقتضباً بذكر أصول الظاهر الطاهر وأصول الباطن الضامن التي هي عشرة معالم لرياضة المسلم حتى يكون أنموذجاً لتمثيل دينه في نفسه وعند الناس..
فكان مجلساً عامراً بطلبة العلم المغاربة المقيمين في مكة والدارسين في الحرم من الحريصين على الخير والفائدة؛ فسمرنا إلى مشارِف الفجرِ؛ وقرأنا ما رغبوا فيه -نفع الله بهم- من منظومتنا الصغرى في "أصول السلوك" مع التعليق الوجيز وإجازة المستجيز والتي رَجَزْتها بين يدي الكعبة المشرفة ذاكراً ما لخصه الإمام زَرُّوقُ الفاسي شارح البخاري وسميتها "أصول تحقيق الطريق إلى رَبِّ البَيْتِ العتيق"؛ فَتَمَّ كل ذلك بفتحٍ من الله فضلاً ونِعمةً..
وقد أكرمني الله في رحلتي هذه برفقة صالحة من الشاب اليافع جلال اعويطا الرباطي -مدير قطاعنا الإعلامي بمؤسسة ابن تاشفين- ذو الهمة العالية في الحرص على الدعوة وعمل الخير؛ فكان نعم العون ونعم الرِّدء يشد الأزْرَ للذكر الكثير وللتسبيح الكثير؛ ونحن في كل ذلك لم نغب عن أخبار وطننا الغالي بدوام السؤال مع فضيلة الشيخ المرابط حمّاد القباج حفظه الله ووفق الله الجميع لرضاه..
وقد طويتُ ذكر كثير من الفوائد العلمية ومليح الموائد الدعوية؛ التي جمعتنا بأخيارٍ كثيرين تكرموا علينا بأصيل الحفاوة وجميل المكرمة جزاهم الله عنا خير الجزاء وتقبلنا الله وإياهم في الصالحين والحمد لله رب العالمين..
وقد ضاق علينا زمن الرحلة فلم نستطع الوفاء بكثير من الدعوات الكريمات كدعوة من المشروع الرائد في بابه "تعظيم البلد الحرام" برئاسة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الحفظي حفظه الله؛ وكلقاء مع فضيلة الشيخ المبارك الدكتور عبد الله بن عمر الدميجي صاحب المصنفات الرائقة ككتاب "مواقف المستشرقين من دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب"؛ وكتاب "أصول أهل السنة في التعامل مع النصوص والرد على العصرانيين الإسلاميين"؛ وكتاب "فهم السلف الصالح للنصوص الشرعية والرد على الشبهات حوله"؛ وغيرها كثير نفع الله به؛ وقد أهداني جميعها أجزل الله مثوبته..
ومن بركات هذه الرحلة لقاء طفيف بأخي الشيخ المقرئ عمر القزابري في صفوف الصائمين..، ورجوعي في رحلة معي على متنها شيخنا العلامة مولاي مصطفى البحياوي وشيخنا المقرئ الجليل إيهاب فكري المصري المدني…
وقد كانت مليحة الانتظار والانطلاق بالعلم والذكر والتواصي بالمعالي جعلنا الله وإياكم -ونحن في جو السماء-؛ من أهل المعالي والحفظ من الكبير الأعلى المتعال سبحانه جل في علاه وبلغنا رضاه ورضي عنا وعنكم بكرمه..
ولم أجد ما أختم به هذه النفحات وأنا أودع هذه المقامات رفيعات الدرجات؛ سوى كلمات من وحي الخاطر الذي عَبَّرتْ عنه بين يدي رسول الله أحرُّ الزفرات والعبرات؛ لخصتها بقولي وأنا عند روضة اللَّطيف بين المنبر المنيف والقبر الشريف؛
وعند الحجرات الطاهرات ودون جَسَدَيْ الصاحبين وحوالي البقيع والشهداء رضي الله عنهم وألحقنا بهم صالحين:
دوائي فيكِ يا جَنَباتِ طَيْبَةْ***يرِفُّ القلْبُ مِنْ فَرَحٍ وَهَيْبَةْ
فيا رَبَّ الحَبيبِ المُصْطَفَىٰ امْنُنْ***بخَاتِمَةٍ بِمَرْحَمَةٍ وتَوْبَةْ
وَلَا تُبْعِدْ فُؤَادِي عَنْ رُبَاهَا***وَعَجِّلْ إِنْ تَناءَيْنَا بأَوْبَةْ
(محبكم عادل رفوش المغربي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.