هوية بريس – عبد الله مخلص الأحد 22 ماي 2016 مؤخرا؛ باتت كثير من الجرائد الورقية والمواقع الإلكترونية تعتمد الجريدة الإلكترونية "هوية بريس" مرجعا من حيث المستجدات الدينية وتصريحات عدد من العلماء والدعاة في وقائع ونوازل وقتية متعددة. وعلى اعتبار أن الدين أحد المكونات الأبرز استقطابا للرأي العام الوطني والدولي، فإن عددا من المنابر تركز عليه بشكل لافت للنظر، وكل منها يتناوله وفق مرجعيته ومراده. وفي هذا الإطار؛ أوردت الجريدة الإلكترونية "هسبريس" متابعة لما نشرته "هوية بريس" حول المسلسلات والأفلام التي تبثها القناة الثانية 2M وغيرها من قنوات القطب الإعلامي العمومي، وعنونت متابعتها ب: (سلفيون يهاجمون "جناح الهوى" ويقترحون "تعدد الزوجات" بديلا). فحاول الصحفي (ط.ب) المعد للمتابعة أن يصور للرأي العام أن هذه الأعمال يعارضها السلفيون فقط، بل أكثر من ذلك يعكفون -كأنهم لا شغل لهم- على مهاجمتها واتهامها ب"تحدي قيم المجتمع المغربي" عبر "نشر الفاحشة والسلوكيات المنحرفة" في الأفلام والمسلسلات. وهذه مجازفة كبيرة على اعتبار أن هذه الأعمال الفنية يعارضها جل المغاربة، لا السلفيون وحدهم، والذين يدرج اسمهم في مثل هذه المواضيع ليخيل للمتابع أنهم المعارض الوحيد لهذه الأعمال الساقطة. فهذا وزير الاتصال مصطفى الخلفي يهاجم داخل قبة البرلمان الأفلام والمسلسلات المكسيكية والتركية المدبلجة باللهجة الدارجة المغربية، والتي تمثل ثلث البرامج التي تقدمها 2M، ويعتبرها خطرا على أخلاق وقيم المغاربة، نظرا للقصص التي تتناولها وبعض المشاهد الجريئة التي تتخللها". كما أن وزيرة الأسرة والطفولة والتنمية الاجتماعية "بسيمة الحقاوي" سبق وأعربت عن أسفها إزاء ما يبثه الإعلام المغربي من مسلسلات مكسيكية، حيث اعتبرتها مهددة للأسرة المغربية، وأن المسلسلات ترسخ عدوى التقليد ويمكن أن تذهب إلى أبعد من ذلك معتبرة أنه يمكن أن تؤدي إلى الانتحار -إما ماديا أو معنويا-؛ وفق تعبيرها. وتجدر الإشارة ههنا أن طفلا من مدينة شفشاون في ربيعه العاشر، أقدم يوم الخميس الماضي على الانتحار بسبب متابعته للمسلسل التركي "سامحيني"، ظنا منه أنه بعد الموت سيلتقى ببطلة المسلسل المذكور! لا أظن أحدا تخفى عليه خطورة مسلسلات 2M؛ وما تمرره من عقائد وقيم وأخلاق، حتى يخيل للناظر إليها أنه جالس في حانة ليلية رفقة عاهرات أو بنات ليل؛ فمعظم جسد الممثلات المكسيكيات أو التركيات أو الكولمبيات.. عار تماما؛ بل مزين بما يثير الشهوة ويسعرها، ولا تسأل عما يتخلل كل حلقة من مشاهد القُبَل الحارَّة؛ واللقطات الحميمية على الفراش؛ وشرب الخمور؛ وتعليق الصليب؛ والاستنجاد بالربّ (عيسى) والصلاة في الكنيسة... كما لا أظنه تخفى عليه خطورة كثير من الأعمال السينمائية أيضا، والتي لازالت تلقى معارضة كبيرة من المجتمع، كفيلم "الزين اللي فيك" -مثلا- لنبيل عيوش، والتي تم الاعتداء على ممثلته بالبيضاء والتنكيل بها من طرف غير "السلفيين". أما فيلم "جناح الهوى" والذي عده منبر "هسبريس" "ضمن خانة الإنتاجات الفنية المغضوب عليها من لدن السلفيين"، فالغريب أن هذا المنبر الذي اعتمد "هوية بريس" مرجعا له، لم يذكر أن هذا الفيلم المثير للجدل، سبق وشارك في نونبر 2011 في المسابقة الرسمية لمهرجان إشبيلية للسينما الأوروبية في إسبانيا، وأن الحضور انقسم خلال مؤتمر صحفي لتقديمه بالمهرجان الإسباني ما بين مؤيدين ومعارضين للفيلم بسبب جرأته، ما جعل مخرجه العراقي يقول ساخرا: "من الجيد أن وداد إلما (بطلة الفيلم) لم تحضر العرض وإلا مزقوها"!! ولم تذكر هسبريس أيضا أن "كارولين لوكاردي" منتجة الفيلم صرحت أن الرقابة المغربية لم ترفض عرض الفيلم فحسب، بل رفضت عرض الملصقات الإعلانية للفيلم، بداع محتواها الجنسي الفاضح. ومقابل هذا كله عرضته 2M على المشاهد المغربي دون اعتبار لكل ما ذكر وما لم يذكر. وحتى يتظاهر بتعدد المصادر، انتهج (ط.ب) المكلف بالمتابعة الدينية في "هسبريس" أسلوبا بعديا عن المهنية، وذلك حين نقل عن نفس المنبر واستعمل عبارات توحي بأنه ينقل عن منابر متعددة، كما ربط بين الهجوم على "جناح الهوى" وحوار تعدد الزوجات، وهما موضوعان مختلفان، موهما قراءه أنهما موضوع واحد وأن من صنفهم سلفيين لا يجدون أي حل يقدمونه للانحرافات السلوكية سوى التعدد، إضافة إلى أنه جازف وأزرى بنفسه حينما أشار إلى أن من يكتبون في هذا المنبر يكتبون تحت وسم "صحفيين" بين معقوفتين. ذلك أن من أشار إليهم (ط.ب) الذي رافق وفد الفنانين المغاربة مؤخرا إلى مصر لتبييض وجه الانقلاب الدموي البغيض، صحفيين يتوفرون على بطاقة الصحافة ويشتغلون بوجه مكشوف في الإعلام قبل أن تنشأ هسبريس في 2007، أما الانتماء الديني الذي كرره كثيرا، ليعلل به مواقفهم مما تبثه 2M وغيرها، فلكل انتماؤه الخاص، ولكل منبر خطه التحريري، كما أن الصحفيين المشار إليهما لم يتحدثا بلغة الشرع وبالآيات والأحاديث، وإنما بلغة مهنتهم الصحفية وحقائق الواقع. جدير بنا التذكير في هذا المقام أن "هسبريس" قد غيرت جلدها وحولت بوصلتها بين عشية وضحاها، فصارت تساند هذا النوع من الفن وترفض أن تنشر لمن يعارضه، وباتت تطبل لموازين وداعما رسميا له بعد أن كانت معارضة له تماما، أما مواقفها السياسية فهي أغرب من ذلك، حتى يخيل للمتابع أنه أمام لسان حزب سياسي لا منبر إعلامي "مستقل"، أضف إلى ذلك مهاجمتها للدعاة والعلماء، ودعمها المطلق لرموز التيار العلماني، ووقوفها الكبير بجانب الناشط المتطرف أحمد عصيد عقب الانتقادات الكبيرة التي وجهت له بسبب وصفه لرسائل النبي صلى الله عليه وسلم بالإرهابية.