هوية بريس – متابعات ثارت تساؤلات عدة حول سبب رفض المملكة المغربية بعض المساعدات وقبول أخرى، للمشاركة في عملية استخراج ضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد في وقت متأخر من يوم الجمعة، والذي أودى بحياة أكثر من ألفي شخص وإصابة آخرين بجروح خطيرة. وبالرغم من وجود عدد من الصعوبات التي تعيق عملية استخراج الضحايا، لعل أبرزها صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة، إلا أن المغرب فضل التعامل مع تداعيات الزلزال بإمكانياته الخاصة، وتقديم طلب المساعدة فقط من البلدان الشقيقة كقطر وإسبانيا. وفي هذا السياق أجرت مجلة "لوفيغارو" الفرنسية حوارا مع الخبيرة سيلفي برونيل، وهي أستاذة للجغرافيا في جامعة السوربون في باريس ومتخصصة في القضايا الإفريقية وقضايا التنمية والمجاعة، التي أرجعت الأسباب إلى رغبة المغرب في مواجهة تداعيات الزلزال بإمكانياته الذاتية، وتحويل التحدي إلى "فخر وطني". وأشارت الخبيرة سيلفي برونيل، إلى أنه عادة الدول المتقدمة هي التي تمنح المساعدات للدول غير النامية، لكن في حالة المغرب، فإن الرباط تريد أن تثبت على قدراتها في التعامل مع الكوارث الطبيعية، وتؤكد على سيطرتها على الأوضاع دون مساعدة خارجية، مشيرة إلى أن المساعدات التي ستقبل بها هي التي ستكون محدودة وتأتي من دول صديقة، أو التي سبق للمغرب أن قدم لها مساعدات، مثل قطر. ومن بين العوامل الأخرى التي تدفع الرباط لاتخاذ الخيار الصعب، بالرغم من أن البعض قد يتهم المغرب بأن رفضه للمساعدات الدولية قد يكون على حساب الضحايا، أكدت المتحدثة، أن المغرب حتى لو قبل بالمساعدات الدولية، فإن عملية النقل واللوجيستيك ستأخذ وقتا مهما سيكون حينها الوقت قد فات لإنقاذ العالقين، وبالتالي فإن هذا الاتهام غير دقيق. بالإضافة إلى هذا يدفع المغرب جانب آخر لعدم قبول تدفق المساعدات الدولية، حسب الخبيرة الفرنسية لمجلة "لوفيغارو"، وهو مسألة التنظيم اللوجيستيكي، حيث أن قبول بتدفق المساعدات الدولية قد يتسبب في خلق حالة من الاكتظاظ والفوضى التي يصعب السيطرة عليها، وهو الأمر الذي لا يريد المغرب أن يسقط فيه، مثلما حدث في بعض الدول. هذه الأسباب تجاوزت الأمور اللوجستيكية والتنظيمية، حيث أشارت نفس الخبيرة إلى عامل آخر ذات بعد سياسي، وقالت بأن بعض الدول تستغل مثل هذه الأحداث في بلدان أخرى لمآرب سياسية، ضاربة مثال ما حدث في سنة 2004 بشأن كارثة التسونامي الذي حدث في أندونيسيا، حيث استغلت الولاياتالمتحدةالأمريكية الحدث لتقديم نفسها كدول مساعدة لبلد مسلم، في وقت كانت صورتها مختلة لدى المسلمين في الشرق الأوسط وشرق آسيا. وفي الأخير أوضحت سيلفي برونيل، أن أهداف المغرب في الاعتماد على إمكانياته والقبول بمساعدات محدودة، هو التأكيد على سيادته وسيطرته على مجاله الترابي، من أجل تفادي أي تدخل أو محاولة بعض الأطراف لاستغلال تقديم المساعدات لأهداف أخرى.