في الوقت الذي يعاني فيه جل المغاربة من تداعياتِ الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، والذي تسبَّب إلى حدود الساعة في وفاة أكثرَ من 1000 شخصٍ وإصابات أكثرَ من ذلك بكثير.. في هذا الوقت الذي تصدَحُ فيه حناجر المواطنين بترديد كلمة التوحيد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وسؤال الله اللطف والرحمة والمغفرة للموتى والشفاء للمصابين.. في هذا الوقت بالذات الذي خرج فيه عدد من العلماء والدعاة والمصلحين يوَجهون الناس لعدم الفزع والثبات والتعاون والتبرع بالدم لإسعاف إخوانهم المصابين بإصابات متفاوتة الخطورة.. في هذا الوقت الذي يمر به المغرب بمرحلة عصيبة وعصيبة جدا.. تستدعي كثيرا من التعقُّل والحكمة.. واستحضار قيم التعاون والتآزر والتكاثف.. في هذا الوقت خرج الفاعل المثير للجدل "الفايد" لا ليقدم العزاء للشهداء، ولا ليسدي خدمة أو يقدم نصيحة، وإنما خرج أمس في بث مباشر ليسخر فقط ممن يربط الزلزال بغضب الله، ويستهزئ بنواب أمير المومنين على منبر الجمعة. وتعليقا على هذا الخطاب الذي وصفه كثير من المتابعين ب"السَّافل والمنحط والدنيء من شخص لا تزيده الأيام إلا نُكوصا وبعدا عن الدين" اعتبر بعض المحللين أن الكلامَ الذي خرج به الفايد في مقطع فيديو يصدر عن مرجعية لا تتنكَّر للسنة فحسب بل للقرآنِ الكريم أيضا. وهي مرجعيةٌ، إلحادية تلغي الإله ولا تعترف البتة بربط الظواهر الكونية بالذنوب والمعاصي. ذلك أن هذا الربط، وفق ذات المحلل، محسوم من الناحية الدينية؛ والآياتُ فيه واضحةٌ ومتعددةٌ، وقد أخبر القرآنُ الكريم أن الله تعالى عمَّ أقواما بعذابٍ كالريح، والإغراقِ في الماء، والظُّلل (سحاب العذاب)، والخسف، وأرسل على آخرين الجرادَ والضفادعَ والقُمَّل عقابا بسبب اقتراف الذنوب والمعاصي والخروج عن حدود الله سواء في الأمور المالية أو الجنسية أو العقدية.. ليتبين بذلك أن المتحدث في الأعشاب الذي نصَّب نفسه مؤخرا مفتيا ومصلحا بل ومبعوثا من الله تعالى أيضا؛ قد أفصَحَ بكل وضوح عن عقيدته الجديدة التي بات "يجاهد" من أجل التبشير بها. وتخفِّيه وراء القرآنِ الكريمِ من أجل التَّنكُّر للسنة المحمدية ومهاجمةِ علماءِ المملكة ودعاتها وقرائها لم يعد يُجدي بالمرَّة.