هوية بريس – ذ.إدريس كرم ملخص الموضوع: يتحدث الموضوع عن التوسع الفرنسي في الأراضي المغربية جنوبوهران لغاية إيكلي، مستعرضا موقف القوى الأوربية من ذلك، وكذلك موقف المغاربة سكان اتوات، وكورارة، وضفاف واد الساورة، وتافلالت، وفاس، ومراكش، الذين نادوا بالجهاد، لطرد القوات الفرنسية، التي اعتقدت أن صغر سن السلطان، وتهديده بتنصيب أحد أخويه، سيجعله يرضخ لطلباتهم، ويغير السياسة التي كان عليها حاجبه الصدر الأعظم باحماد، الذي خلفه تلميذ له، سلك مع القوى الأوربية مسلك معلمه المتمثلة في لازمة: "سار بالبال". كلمات دالة: كورارة، إيكلي، تدكيلت، اتوات، لقليعة، عين صالح، تيميمون، فاتيس، واد الساورة، اجنان الدار، دوفري، حجرة بني كيل، اجنان بوريزق، عين الصفرة، وهران، ادوي امنيع، اولاد جرير، فاس، مراكش، تافلالت، مولاي رشيد، اباحماد. نص الموضوع: نحو احتلال إيكلي: اعتقدنا في إحدى اللحظات، أن عملنا في أقصى جنوبوهران سيتوقف، على الأقل إلى ما بعد انصرام حرارة الصيف الشديدة في الصحراء، بيد أن الأمر ليس كذلك، إذ استمر تقدم احتلالنا طوال شهر ماي. كانت كورارة هي التي تعرضت للهجوم الأخير. كلون بورتراند، لم يتجاوز في الواقع إيكلي، حيث اكتفى بتحصين نفسه، لدرجة أن البعض يقول؛ بأنه لم يحتل القصر، وأننا أعلنا عملية رجوع الكلون الأوربي لتدكيلت، عبر مناطق اتوات، الكلون الأوربي قام بالدخول للقليعة في 12 ماي، قادما من عين صالح، عبر الطريق المباشر لتادماعت. بيد أنه، تم مهاجمة كورارة وتيميمون، إذ كان من الواجب احتلال البلدة الكرارية الرئيسية. في نفس الوقت، كان كولونان يتوجهان نحو هذه المنطقة، واحد قادم من القليعة عبر امغيدن، بقيادة الكولونيل منيسترل، والآخر قادم من جيريفيل، عبر العرك بقيادة ليتيل، فالتقيا في 17 ماي بتهانتاس. كان الاعتقاد بأن هذه المنطقة، ستخضع كاملة دون قتال، لكن قصر فاتيس، استلزم منا استخدام القوة لاحتلاله. لما وصل الكولونيل منيستريل أمام القصر، بعث ممثلين له ليبلغ سكانه بنواياه السلمية، بعد ساعتين من الإنتظار عبثا، لم يتوصل بجواب، ففتح النار ببطء على القصبة، التي ربما لم يكن يعلم، أنه لا يوجد بها نساء ولا أطفال. من أول طلقة مدفع، أخذ الأهالي يهربون، وهم يطلقون نيران بنادقهم صوبنا، إلا أنهم لم يوقعوا فينا خسائر، بحيث لم يصب أي رجل منا، الكولونيل وجد في فاتيس كمية من السلاح، وملح البارود، والفحم، فصادر الجميع واحتل القصر، فكان لذلك الاحتلال تأثير حاسم، إذ استسلمت باقي القصور على الفور، وتم استقبال قواتنا بشكل جيد فيها. كما سبق وقلنا، من المحتمل أن تكون تيميمون قد احتلت حاليا، جماعة هذه البلدة بعثت عبر رسالة بخضوعها، للكولونيل مينيستل، وهي تنتظر وصول الكلون، لتقدم نفسها للقائد الفرنسي، يمكن التأكيد على أن الاستيلاء على كورارة، تم عن طريق الضغط الذي مارسه ما وقع لقصر فاتيس. الدعوة للجهاد: بالرغم من أن البارود لم يتحدث إلا في كورارة خلال شهر ماي، فقد واصلنا إيلاء المزيد من الإهتمام لما يحدث في فكيك وإيكلي، وعلى طول واد الساورة، ردد الجمهور بشكل غامض الدعوة للجهاد في المغرب، وكان أكثر حماسة بدليل إرسال تعزيزات كبيرة للغاية نحو الجنوب الغربي، فتم إنشاء سلسلة من المراكز خلف إيكلي، حيث وصلت يوم 5 أبريل، قوة قوامها 2000 رجل مع مدفع، وإليكم كيفية توزيع تلك القوات في أعالي الززفانة اعتبارا من 16 ماي: – اجنان الدار: القيادة العليا للكتيبة الإفريقية الأولى، ونصف سرب من رماة إفريقيا الثانية. – دوفيري: سرية من الكتيبة الإفرقية الأولى، نصف الزواف، ونصف فصيلة من السرب الرابع اصباحي الثانية. – حجرة بني كيل: سرية من ازواوا (الزواف) ونصف فصيلة وفصيلة من السرب الرابع اصبايحي الثانية. – اجنان بوريزق: سرية من ازواف، مستودع الفوج الأجنبي الأول، ونصف فصيلة من السرب الرابع اصبايحي الثانية. – عين الصفرة: قيادة أركان الزواف الثاني وفوجان من نفس الرجيما، نسف سرب من رماة إفريقيا، وفصيلة من اصباحي الثانية. منذ أن أعلنا التشكيل الجديد للقوات، بدأ الإنطلاق نحو الجنوب، فقد غادرت فرقة مشاة، اكرييدر يوم 18 ماي متجهة لجنان الدار، وفي اليوم التالي انطلقت كتيبة الرماة الجزايرية، من مستغانم للعين الصفرة. هذه التدابير العسكرية، تمت استجابة للوضعية المؤقتة، لكننا أوقفنا تحرك آخرين لنعطي احتلالنا صلابة نهائية. قبلت الحكومة مبدأ مد خط السكة الحديدية من جنوبوهران، إلى ديفيري، حيث سيمد الخط الحديدي نحو واحات اتوات، وتيدكيلت، عبر ضفاف واد الززفانة، وواد الساورة، وسيتم تنفيد المقطع الأول على طول 95كلم لغاية اقصر العزودي، عبر مضيق ابويب الصوف وتاسرا. دون أن يتوقف العمل في ديفيري، مع مرافقته بخط تلغرافي من لقليعة لعين صلاح، ومن هناك للسودان. لكن كما أشرنا آنفا، فإن الإجراءات العسكرية قد أثرت في الرأي العام، وأعلن الجهاد في كل القبائل المجاورة لواد الساورة؛ ادوي امنيع، اولاد جرير، برابر آيت عطا البعيدة. تؤكد معلوماتنا بأن هناك عددا من رعاع فاسومراكش يهيؤون أنفسهم للمشاركة في الجهاد المنادى به، نحن نعلم أن عددا من الصليبيين كانوا يرون في الحرب المقدسة، طريقة لكسب شيء آخر، غير الكسب الروحي، في المعارك العقدية. إن مثل هذه الآمال الدنيوية هي التي تساعد في يومنا هذا على استقطاب، مقاتلين مخلصين من بين الجياع للجهاد. تافلالت نقطة تجمع المجاهدين: يقال بأن الجميع يتمركز في تافلالت، حيث مولاي رشيد عم السلطان، الذي يجب عليه ترؤس هذه الدعوة، كي لا يفقد مصداقيته، قائلا مثل الآخرين "أنا قائدهم، لذلك أتبعهم". والحاصل أن كل هذا التحريض العظيم، لن يسفر دون شك على شيء كثير، بعد الذي عرفناه، سنستخدم الحقيقة التي في أعماق أوهام الشرق، كان من الممكن مغادرة كولونان صغيران، تافلالت من أجل اعتراض المارين، من منشقي دوي امنيع، والنزول معهم نحو كلون إيكلي. كل هذا لم يمثل خطرا كبيرا، فهم لا يزيدون عن 3000 رجل، قطعوا 300كلم في الصحراء، الفاصلة بين تافلالت وإيكلي، إذا كان هذا العدد القليل من المقاتلين، بالرغم من تسلحهم ببنادق حديثة من نوع "رومينكطونس" -المعروف أن الإسبان في مليلية يبيعون هذا السلاح للمغاربة من سنوات- وأبرز ضحاياهم كان الجنرال مارغالو، الذي قتل سنة 1894 من قبل الريفيين، تحت أسوار الساحة. إذا هاجمت هذه المجموعة، القليلة من المقاتلين، كلون إيكلي، فسيلقنون درسا قاسيا، سيكسبنا بلا شك هدوء الجنوب لسنوات، وكذلك اعتبار المخزن ومراعاته لنا. لذلك فإن الالتقاء بيننا وهؤلاء المقاتلين، مرغوب فيه بالصحراء، أكثر مما يخشى منه، بالنسبة لسياستنا. في الواقع ليس لدينا ما يدعو للقلق، في هذه اللحظة من جهة المغرب، فمهما كانت الأحداث الظاهرة في الأيام القليلة الماضية، فإن القوى الكبرى، ترى عملياتنا في اتوات، دون ريبة مفرطة، ومن ناحية أخرى، فإن المغرب لا يبدو أنه سيسقط كما كنا نعتقد منذ عهد قريب، في إحدى تلك الفترات الفوضوية الهائلة، التي تجعل من الممكن الخوف من كل التدخلات، واتخاذ المزيد من الحذر. المخاوف ستكون مبررة: الصدر الأعظم ابا احماد توفي إما عن طريق الصدفة، أو عن طريق الإستخدام الحكيم للقهوة الفاسدة، وكل الشخصيات البارزة في المخزن ستتابع خطواتها خلال أيام إلى القبر. علينا أن نخشى من السلطان الشاب عبد العزيز، الذي لم يكن قويا، حتى يواصل إطلاق العنان للطموحات التي كان عليها. وكنا بالفعل نتحدث عن مولاي محمد الإبن الأكبر لمولاي الحسن، والذي أطيح به أثناء موت أبيه، أو عن أخيه مولاي رشيد لتولي العرش، علاوة على ذلك، قلنا لأنفسنا بأن على هؤلاء المنافسين الإستناد على شكل الوطنية الإسلامية، من أجل كسب المؤيدين، وهو ما يعقد الإمور بشكل كبير. تواصل سياسة المخزن بعد اباحماد: لكن أحدث معلوماتنا تظهر لنا، أنه لن يتغير شيء من الأساليب الحكومية المستخدمة مع المخزن، منذ سيطرة الصدر الأعظم اباحماد، العمدة الحقيقي للقصر، وهو أحد تلاميذ ابن عمه الشقيق لوالده الحاج محمد مختار، الذي نجح في أن يصبح صدرا أعظما، أخو ابن الباشا القديم لفاس، كان قد استدعي لمراكش منذ أكثر من عام، ليتولى إدارة الأعمال، منذ ظهور المرض على اباحماد، منذ أكثر من شهر، وبالتالي فإن هذا هو نفس التقليد الذي سيستمر اتباعه. لن يضطر مولاي عبد العزيز الشاب للدفاع عن عرشه من خلال جولات شاقة، ضد منافسيه والمتمردين عليه، كما فعل مولاي الحسن في أنحاء إمبراطوريته طوال فترة حكمه، ، وبدلا من ذلك الاستخدام المستمر للقوة، والذي يبدو أن السلطان الشاب لا يستسيغه، سيستمر المخزن في اللجوء دون تردد، إلى الدبلوماسية الإسلامية الرهيبة، والفعالة، التي اتبعها ابحماد، دون مغادرة قصره. أما بالنسبة لمزاعم القوى الأجنبية، فلن يكون لها فرص كبيرة في التحرك، ولا للإستماع إليها بسرعة، أكبر مما كانت عليه في الماضي. نحن نعلم في الواقع أن مكتب الشؤون الخارجية لباحماد، الذي كان يديره ابن ليهودي أسلم، تم تعيينه كمفوض قانوني لدراسة محاضر الشكايات وتكييفها، من قبل معاونين، مكلفين بمتابعة كل قضية، وتخيل حجج جديدة على الدوام، لتقليل الشكاوى، وتأجيل التسويات بكلمة واحدة، للسخرية من القوى الأوربية المشلولة بسبب غيرتها، لقد كانوا نوعا من الدبلوماسيين المحافظين، بارعين في الوسائل الدفاعية، لا يحتملون المناقشة، قادرين على جعل أي انفجار مستحيلا، مثل الأتراك المجادلون، والمماطلون، في الطرف الآخر من بلاد الإسلام. معه لن تنجح المفاوضات كثيرا، لكن أداؤه لم يكن سيئا على الأقل، لا أحد كان مهتما بالحفاظ على الدولة المغربية، وكما قلنا فإن طريقته وتفكيره يظهر أنها ستستمر مع خليفته. ولذلك فقد أدى ذلك للإعتقاد، بأنه على الرغم من المظاهر التي ظهرت في الأيام الأخيرة، فإنه لا داعي للخوف من رؤية القضية المغربية، تتفتح قبل الأوان، ولا أن يكون لعملنا في أقصى الجنوب، تداعيات مؤسفة بالإمبراطورية الشريفة. الموقف الخارجي من احتلال اتوات: من ناحية أخرى لم يؤد استيلاء فرنسا على اتوات أي احتجاج أجنبي، دائما ما كان يتم الحديث عنه، بأكثر العبارات اعتدالا، في البرلمانات الأجنبية. إليك على سبيل المثال، ما جاء في صحيفة التايمز، تقرير المناقشة الموجزة التي جرت في 24 مايو في مجلس العموم حول هذا الموضوع: "طلب السيد هيديررويك من وكيل الدولة في الشؤون الخارجية، عما إذا كانت الحكومة قد دخلت في تفاهم مع فرنسا فيما يتعلق بالمغرب، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما هي الخطوات التي اتخذتها حكومة جلالة الملك لحماية المصالح البريطانية في ذلك البلد، في وجود التحركات الأخيرة للقوات الفرنسية على الحدود المغربية. السيد برودربك-ليس لحكومة جلالة الملك اتفاق خاص مع فرنسا، فيما يتعلق بالمغرب، لكنه تلقى في مناسبات مختلفة، تأكيد رغبة الحكومة الفرنسية في الحفاظ على الوضع الراهن، ليس لدى حكومة جلالة الملك أي سبب للإعتقاد بأن المصالح البريطانية في هذا البلد مهددة، لكنه سيكون على استعداد لاتخاذ التدابير المناسبة لحمايتها إذا دعت الحاجة لذلك". لا أحد لديه أدنى نية للتدخل في عملنا بالجنوب، وهذا أمر مبهج للغاية، لأننا كنا مضطرين لعدم مراعاة الملاحظات التي كان يمكن إبداؤها لنا في هذا الصدد. لكن نكرر، الدولة المغربية لا ينبغي اعتبارها كصنم، ستأتي لحظة قاتلة حيث سيتم تغييره: هذا البلد حصين يستحيل ألا يخترق. وفوضى متوطنة بجانب الأنشطة الأوربية، فيجب إذن من الآن تدخلنا في هذا التعديل ونقول بأنه إذا كان احتلال اتوات حدثا سعيدا ليس لديها فيما يتصل بالمسألة المغربية، نحن أيضا سنفكر في حل إيجابي داخل هذا الجزء من إفريقيا الشمالية، المنطقة الوحيدة في العالم التي ما يزال لنا فيها فرصة لإمبراطورية، إمبراطورية بدت من قبل، ترسم بشكل جيد، ولا يجب نسيانها. هذا الحل لا يمكن أن يأتي إلا باختيار عام، وتوجيه عام من سياستنا الخارجية، التي تستحق بالمناسبة، العناء والتضحيات. أنظره في: bulletin du comite de l,afrique francaise 1900 تحت عنوان: Notre action dans le sud oranais Et les affaires du maroc p.p 205-207 العناوين الداخلية من وضع المترجم.