ناقشت في حياتي كثيرا من القرآنيين المنكرين لعموم السنة فألفيت أغلبهم يستدلون على منهجهم الضال المنحرف بثلاثة أشياء أو مبررات: ✓ ظنية السنة النبوية كونها في معظمها أحاديث آحاد، وقد جمعها بشر يعتريهم الخطأ والنسيان وتعمد الكذب، ومن ثم فهي لا تفيد العلم ولا العمل ولا اليقين ✓ كثرة التعارض بين المحدثين في تصحيح وتضعيف الروايات، ومن ثم لا يمكن الرجوع والاحتجاج إلى نصوص تصح عند فرقة وتبطل عند فرقة أخرى ✓ معارضة كثير من الروايات لنصوص القرآن وأحكام القرآن!! قلت إجابة عنهم: ✓ أما قولهم أن ظنية السنة تجعلها لا تفيد العلم والعمل أو اليقين فهذا لأنهم لم يفهموا ابتداء معنى ظنية السنة، وقصدهم بالظنية هنا من جهة الإسناد لا من جهة المتن، والحديث الصحيح #المستوفي_لكل_شروط_الصحة وإن كان ظني الثبوت فإن نسبة صحته (من جهة الظن) تتجاوز 99٪ لأنه نقل من الأثبات الثقات الضابطين المتقنين عن الأثبات الثقات الضابطين المتقنين، وهو خالي من أي علة قد تطعن في النقل أو المتن، وعليه فالطعن في الحديث لمجرد أن نقلته بشر قول سخيف تافه مردود لا قيمة له من جهة العلم المقبول، بل إن كل أحداث الدنيا التي مرت بالإنسانية عبر التاريخ كان نقلتها بشر، فما بالكم ببشر من طينة الصحابة وأئمة التابعين وأتباع التابعين الذين نقلوا لنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم مهددون بتبوإ مقاعدهم في النار إن كذبوا وحرفوا وزوروا من كلامه وفعله وتقريره شيئا. ✓ أما تعلقهم بمسألة الآحاد فهذا يبين حقيقة خطورة هذا الاصطلاح الدخيل (الآحاد) الذي لم يعرف في عصر الرواية ولا خلال القرون الثلاثة المفضلة، ومنذ ظهوره والشك والطعن في العقائد والأحكام لا يتوقف ولا يتنحى.. وهو مما قسم الأمة وأسهم في تفرقتها مذاهب وشيعا. ✓ أما احتجاجهم بكثرة التعارض ومخالفة نصوص القرآن فهذا لأنهم لا يفرقون بين أقسام الحديث من جهة الصحة والثبوت، فالنصوص الحديثية إما أن تكون متواترة وهذا يجعلها قطعية لا شك فيها، أو مستوفية لكل شروط الصحة ومتفقا عليها في كل الأزمنة وهذه مما توجب العلم والعمل، وهي بعدد يفوق 20000 حديث تقريبا، أو تدور بين الصحة والضعف وهذه هي التي عليها مدار الطعن عند هؤلاء، وهم يظنون أنفسهم على شيء وما هم على شيء إذ انهم يأخذون هذا القسم المختلف حوله (وهو لا يؤثر حقيقة في الأصول إذ ان معظمه يدور حول بعض الفروع والجزئيات) فيعممونه على السنة برمتها، وهذا هو عين العبث والتلاعب والاستغباء. ✓ أما قولهم أنها تعارض القرآن فهذا لأنهم جميعا جهال أغمار ليس معهم أدنى مقومات العلوم الشرعية، بل حتى اللغوية المطلوبة لفهم خطاب الشرع، ومن ثم فحكمهم على التعارض لمجرد ظاهر النصوص (وهم في ذلك مجرد ناقلين عن كبار الطاعنين في القرون الماضية) هو حكم باطل مردود لا يلتفت إليه ولا يعتبر عند أهل العلم بالمرة. وعليه فكل حجج هؤلاء القرآنيين الأريكيين لا تعدو أن تكون جهلا واسعا بالقواعد والضوابط الشرعية في مختلف الشعب الشرعية، وجهلا أيضا بأدلة الكتاب الصريحة في وجوب الاحتجاج بالسنة النبوية الثابتة، أو تشبثا واغترارا ببعض القواعد غير المنضبطة التي أقحمت في علوم الحديث وهي مردودة عند عامة المتقدنين، أو اجترارا وإحياء لما تركه أسلافهم من طعونات وتشكيكات ردها عليهم أهل العلم في حينه.