هوية بريس – ذ.إدريس كرم ملخص النص: اعتمد مبعوث ملك المغرب مولاي إدريس، وشيوخ الصحراء بقيادة الشيخ ماء العينين، على الصفة الشرعية لأمير المومنين، لتوحيد القبائل الصحراوية، من أجل مقاومة التمدد الاستعماري الفرنسي في الصحراء، بيد أن الجفاف الذي عرفته البلاد، وانتشار وباء الجذري بها، دفع بعض القبائل لعقد اتفاقية سلام مع الفرنسيين؛ إضافة لشيوع أخبار عن مفاوضات تجري بين الحكومة الشريفة والدول الاستعمارية لإدخال إصلاحات بالمغرب، أدت لمقتل الطبيب موشان بمراكش، نتج عنه احتلال فرنساوجدة والدار البيضاء، مما أوجب توجه المقاومة نحو الشمال، وهكذا عاد مولاي إدريس لفاس، وصعد الشيخ ماء العينين لواجهة الفرنسيين في الشاوية وتادلة. كلمات مفاتيح: أمير المومنين، ملك المغرب، القوى الأوروبية، تاكانت، سيدي ولد زين، الدواغش، محمد المختار ولد الحميد، الحوض، أدرار، روبين، لاص بالماص، كناري، شركة ويرمان الألمانية، هامبورك. النص: بصرف النظر عن جميع الاعتبارات الإستراتيجية، سيظهر تسلسل الأحداث العسكرية، أن استراتيجية الأمير سيدي أحمد، كانت الأنسب في الواقع للمقاومة، قد يُعتقد بأن فشل محاولة توحيد المقاومة، تحت قيادة مولاي ادريس، سببه غموض المشروع، الذي كان يتم تطويره حول هذا الشريف المبتعث من قبل ملك المغرب، لتجميع القبائل للجهاد. ومعلوم أن الشرعية الدينية للجهاد كانت تعتمد بشكل أساسي، على سلطة الشيخ ماء العينين، وعلاقاته مع قادة القبائل الدينيين الآخرين، وبالطبع، على الرغبة المشتركة على نطاق واسع، بين السكان، لمقاومة الاحتلال الاستعماري، لذلك كانت الدعوة للإلتفاف حول ممثل ملك المغرب، منسجمة بشكل كبير مع الاستراتيجيات المغربية للشيخ، أكثر مما هي متوافقة مع المرجعية السياسة لقبائل الصحراويين، المنضوين تحت سلطة الملك، باعتباره أمير المومنين، ومن هذه الصفة الشريفة "أمير المومنين" يستمد الشيخ ماء العينين قوته ونفوذه، باعتابره مفوضا من الملك، لتنفيذ تعليماته القديمة، التي شافهه بها، والجديدة التي أبلغه إياها مولاي إدريس، لذلك حرص أن تكون حركة التوحيد الموقتة للمقاومة ملتفة حول الشريف، تحت الرعاية الصارمة لآل الشيخ ماء العينين، حرصا منه على نجاحها لذلك أرفقه بولديه، لدرايتهما بالأرض والناس وما شاهداه من قبل ليرشِّدان علاقاته. مواجهة الضغوط الأوربية على المغرب: مشاركة ملك المغرب في القضايا الجارية، التي هي موضوع اهتمامات القوى الأوربية، محدودة نسبيا، لذلك تتسم بصعوبة؛ المفاوضات المتعلقة باستقلالية المملكة، التي ستخرج منها منقوصة. كان ملك المغرب، يعتمد على قادة محليين كالشيخ ماء العينين، المؤثر بين المشاغبين، والقبائل القوية، في جنوب المغرب والصحراء، تجسيدا لتعزيز سلطته في تلك المفاوضات الخارجية. بعد ذلك بعامين سوف يندلع الصراع بين الملك عبد العزيز، والشيخ ماء العينين، وسيستمر لسنوات، ويؤدي بأهل الشيخ ماء العينين، المطالبة بالعرش المغربي لأنفسهم. حرص الملك بجد على ما التزم به، بشكل لا رجعة فيه، فأرسل ابن عمه الذي يشترك معه في الأصل الشريف، يقدم أسلحة وذخيرة، لقياد الصحراء، قام الشيخ ماء العينين، بإعادة توزيعها جزئيا، والباقي سوف تستخدمه لترسيخ وتوطيد سلطته، ولن ترسل للقوات الرغبة في المقاومة. مشروع مولاي إدريس كان بالتأكيد مبنيا على تعليمات دقيقة من ملك المغرب، كما أن السلطة الاستعمارية كانت حاضرة في المنطقة، بطيب خاطر كما تدعي، وذلك في مغامرة لا تخلو من غموض، ويبدو أن حضور مولاي إدريس مرتبط بشكل خاص، باستعراض القوة التي من شأنها في نفس الوقت، تأسيس نفوذ معين للملك على هذه الأرض البعيدة، ويجعل من الممكن الحصول على أصول جديدة في المفاوضات مع الفرنسيين، في أعقاب تفكك قوات شريف تاكانت، كانت الإدارة الإستعمارية على دراية بهذا الوضع إلى حد ما، كما يتضح من هذا المقتطف من التقرير السياسي الموريطاني للربع الأول من عام 1907: [وردت مؤخرا رسالة من تاكانت، صادرة عن سيدي ولد زين، العين البارز للدوالي، الرئيس السابق لتيميلاح تيجيكجا، تعطينا معلومات عن وضع الرؤساء الأساسيين المنشقين، في نهاية الفصل، وعن الشريف مولاي إدريس، هذا الأخير المقيم في ريكانيا، بالقرب من أوعادَّان، لقد استدعى القبائل التي قامت بنهب وسلب أمتعة السكان المرابطين، وطلب منهم إعادتها لهم، وإذا لم يستجيبوا، كما ينبغي لهذا الأمر، فإن الشريف سيعود للمغرب، وأتباعه سيرجعون لتاكانت، فتمت الاستجابة لأمر الشريف، باستثناء محمد المختار ولد الحميد، قائد كونتا، وقائدي الدواغش: عثمان والمختار، اللذان ما زالا متعنتين، وحاولا ألا يستقرا في البلاد، لكن في حالة طاعتهما، فسيتوجه مولاي إدريس للحوض، كي يستقبل باسم ملك المغرب بيعة قبائل ذاك البلد. تأثير الضغوط الأوربية على مهمة مولاي إدريس: كان مولاي إدريس قد تلقى رسالة من ملك المغرب عبد العزيز، يأمره فيها: "ألا يتعدى أدرار، ولا يفعل شيئا ضد الفرنسيين، ، طالما لم يهاجموه في هذا البلد، القوات والسلاح، المنتظر وصولهما، من الشمال، لم يصلا بعد ولم يتلقوا هم بأدرار سوى 7 بنادق، ويبدو أن ماء العينين قد احتفظ بالعدد الأكبر منها بعدما وصلته". تعليمات ملك المغرب، والموقف الجديد للشريف الذي بدا وكأنه يريد كسب صداقة المرابطين، بالعمل على أن يعيد لهم ممتلكاتهم المنهوبة، من مهاجميهم، مما جعله يصر على البقاء في أوادان، متكتما عن مخططاته. والظاهر أن نجاح المفاوضات المجرات مع الحكومة الشريفة، كان لها تأثير على تحرك هذا التائر]. (هامش 17: وزارة فرنسا ما وراء البحار، موريطانيا سلسلة 4 ملف2مكرر). أقل ما يمكن قوله هو التناقض في معاملة مولاي إدريس، على أنه "محرض" مع أن سياسته تحددها سياسة ملك المغرب، وهي مرتبطة بالمفاوضات التي يجريها هذا الأخير مع الفرنسيين، علاوة على ذلك، تظهر المستندات بوضوح شديد، هذه الأحداث مع تطور التنافس الفرنسي الألماني، غالبا ما يتهم الألمان بمسؤوليتهم في وصول العديد من الأسلحة، للصحراء، عبر وسيط هو الشيخ ماء العينين. [هامش 18: وهكذا فإن هذه الرسالة المؤرخة في 6 دجنبر 1906 من السيد روبين، مدير قنصلية فرنسا في لاص بالماص، التي تؤكد على أهمية البضائع الحربية المهربة، من موانئ كناري، بنادق وذخائر، تصل للساحل عبر قوارب صغيرة، التي بدورها تقوم بتفريغ ونقل العتاد، من بواخر تابعة لشركة ويرمان الألمانية، قادمة من هامبورك، بعدما ترسو قبالة الشاطئ الصحراوي الإفريقي، يضاف للألمان اليلجيكيون، بل والإسبان هم أنفسهم متورطون أيضا، في هذا التهريب، الكاتب أشار لمركب من شركة لويس طوريس، أنزل مؤخرا 5000 خرطوشة، ضباط الحاميات الإسبانية في واد الدهب يقومون بنفس العمل من التهريب، ولا يذهبون أبدا لهذه المستعمرة "دون أن يصحبوا معهم خردة أسلحة حربية، مسدسات أساسية، يبيعونها لمور الساحل. هامش "أرشيف وزارة فرنسا لما وراء البحار، سلسلة موريطانيا سلسلة 4 ملف 2]. ومهما كان الأمر، فمن الواضح أن مصالح أهل الشيخ ماء العينين، ومصالح ملوك المغرب، تتلاقيان حول موضوع الجهاد في الصحراء الغربية في 1905 ويمكن أن تتشعب بسرعة في الصحراء 1907 كما ستتشعب في المغرب نفسه بعد ذلك. على الرغم من محاولات مولاي إدريس استعادة المبادرات الأولى في سنة 1907 لكن سرعان ما تخلى عنه المنشقون الذين لم يعودوا يعترفون بسلطته وشرعيته، ومن بينهم أهل الشيخ ماء العينين، على الخصوص، الذين صاروا من تلك الآونة فصاعدا، يلعبون أدوارا بالصحراء مشابها لما يفعل المغرب، فاحتاجوا لبيع كل ممتلكاتهم في محاولة للإنفاق على مشروعهم. مولاي ادريس يعود لفاس: مولاي إدريس عالج الأمر بدخوله المغرب في غشت 1907 فوفر له كل من الشيخين: الطالب اخيار، وماء العينين دواب السفر. لقد رأينا بأن المحاولات الأخيرة لمولاي إدريس تجميع بعض السلطات على القبائل الصحراوية باسم ملك المغرب، تتمثل في تداخله مع تجمع المحاربين في أدرار، لاستعادة الممتلكات المنهوبة للمرابطين. كما رأينا أن هذه كانت إحدى النقاط التي نوقشت فيها شرعية الجهاد، المشكلة بعد فشل الرحلة الاستكشافية لتيجيكجا، أخذت أهمية كبيرة، تكاثرت الخلافات بين مختلف الجماعات المنشقة المتجمعة في الشمال بالرغم من الزيارة المشتركة لقادة الانشقاق الرئيسين أمير أدرار؛ سيدي احمد احمادو، أمير ابراكنا سيدي ولد محمد فال، أمير اترارزا، رؤساء اسغاريت، وأبكاك، ممثلو أهل سيدي محمود، المقربين من الشيخ ماء العينين لإعادة تنظيم الصراع ضد الفرنسيين في يوليو 1907 كان التوتر قويا بشكل خاص بين محاربي أدرار ومحاربي تاكانت، الذين اشتبكوا لفترة طويلة قبل حوالي 15 عاما، قام أولاد غيلان أولاد شلا، بقتل محمد ولد المختار ولد سويد أحمد، أحد أعيان الإداوش، فانطلقت عدة غزوات، ضد مضارب الوايش المنشقين، الساعين للعودة لتاكانت، اولاد بولسباع، والرقيبات نهبوا كل المضارب، التي لاقتهم في طريقهم، بعدما تفاقم الوضع بسبب الجفاف الشديد، الذي ضرب مناطقهم، وانتشار وباء الجذري بينهم، لدرجة أن تجار شنقيط ربطوا الاتصال مع المسؤولين الفرنسيين، لمطالبتهم بالمساعدة، على وضع حد لمعاناتهم، كثير من القبائل التي لجأت لأدرار، غادرتها في غشت 1907 إما للحوض أو للشمال. حركة خضوع جديدة ظهرت في شتنبر 1907 تتعلق بقسم من أولاد قيلان، يقدر بحوالي 50 خيمة، لجأوا لتاكانت، هم نفسهم من كبار الرحل. (هامش 19: أرشيف الحكومة العامة لAOF دكار ملف 1/D224 الرقيبات، وخاصة الذين حرضوا من قبل الشيخ سيديا، أرسلوا ممثلين لسان لوي، للتباحث في انضمامهم للفرنسيين، فوافق وصولهم مع حلول ليوطنا كولونيل كورو، لأخذ القيادة في موريطانيا، فوقعت اتفاقية 30 نونبر 1907 أعطوا فيها الأمان والسلام، وحرية تنقل قطعانهم وقوافلهم، مقابل أداء حق المرور في المناطق الخاضعة للفرنسيين، لم تكن اتفاقية خضوع لكنها وضعية سلام بين الرقيبات والفرنسيين ستمتد رغم بعض المناوشات المحلية لغاية 1912. كان من بين أهداف الرقيبات في نهاية 1912 إعادة حركات القوافل مع سان لوي، وهو نفس المطلب الذي كان في دجنبر 1907 الذي جاء به ممثلو الدواخلي، وأغلال شنكيط، مدعوم من قسر تكنة، الذي وقع اتفاقية مع السلطات الفزنسية. إن الاتفاق أو الحذر، من جانب عدد معين منن قبائل أدرار، وشمال الصحراء تجاه الفرنسيين، مرتبط جزئيا بالصعوبات التي يواجهها رؤساء الصحراء الذين أرسلوا صُرْبّة جديدة، للشيخ ماء العينين، للتفاوض على منحهم السلاح والقوات، تماما مثل الصُّربة السابقة التي أرسلت للشيخ ماء العينين، والتي شاركت في الأحداث العنيفة، المناهضة للفرنسيين بالدار البيضاء، ووجدة، عندما زار هذا الوفد بقيادة الشيخ ملك المغرب في عام 1906، الوفد الذي توجه إلى السمارة في يوليوز 1907 بقيادة الرؤساء الذين ذكرناهم سابقا، هم من توجهوا للقاء الملك، لكن الوضعية لم تكن مواتية، لإعلان الحرب في الصحراء، حتى يقدم لهم السلاح والقوات كما طلبوا. بالرغم من الارتسامات المنتشرة في الصحراء الغربية خلال تلك الشهور، بقيت النتائج محدودة للغاية في نهاية المطاف، بل ستغذي العداء للملك نفسه في المغرب، حيث سيتم خلعه، بسب تعامله مع الفرنسيين الدعاية الفرنسية تغذي هذه المعلومات: "لطمأنة القبائل المنزعجة من هذ ا اللغط، تم إعداد منشور بالعربية، وزع في مضارب الخيام، يبين لساكنتها بأن مولاي إدريس والشيخ ماء العينين، تبرآ من الإصلاحات المبرمة مع فرنسا من قبل الحكومة الشريفة على هامش مقتل الدكتور موشان في مراكش. (هامش 20: تقرير سياسي حول موريطانيا، الفصل الثالث 1907 وزارة فرنسا ما وراء البحار، موريطانيا 4 ملف 2مكرر). إنها ليست مجرد دعاية، بل إن فشل الصُّربة لدى ملك المغرب، كان واضحا في عيون المور أنفسهم، لقد صار محمد المختار ولد حمود، أشد المعارضين للغزو الاستعماري، يرفض الانضمام إليه، وقد ذهب بعد فترة وجيزة للسمارة، يطلب من الشيخ ماء العينين، مدّه بالسلاح والرجال لجهاد النصارى، ولما لم يحصل منه على شيء توجه لتاكنا، الحلفاء السابقون لكونتا، لكن بلا فائدة، فتوجه للملك بفاس، كي يشتكي له، مولاي إدريس، والشيخ ماء العينين. انظره في المرجع السابق المعنون: …….L,appel au JIHAD et le role du maroc.