هوية بريس – نبيل غزال من منا لا يتذكر المطالب المثيرة ل"الخارجات عن القانون" اللاتي أطلقن، بدعم من منظمة العفو الدولية، عريضة لرفع التجريم عن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي.. من منا لا يتذكر أن "#ائتلاف 490" الذي تتزعمه نادية السليماني، التي سبق وعينها الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" ممثلته الشخصية للفرنكوفونية، وجَّه مطالبه للحكومة والأحزاب والمؤسسة التشريعية والدستورية والمجتمع المدني بالمغرب. كثير منا يتذكر فصول هذا الاستفزاز الذي وقع قبل حوالي ثلاث سنوات، والذي تسبب في حالة عارمة من الغضب، جعلت السليماني (مؤسسة الائتلاف) تعلن اعتزالها مواقع التواصل الاجتماعي بصفة نهائية. فصول هذه الواقعة تتكرر اليوم مع وزير العدل بحكومة أخنوش، الذي يعمل بكل جهده وقوته ونفوذه من أجل تنزيل هذه المطالب في قالب قوانين سيلزم بها المغاربة. الأمين العام لحزب البام أعلن أكثر من مرة أنه يتجه إلى رفع التجريم عن العلاقات الرضائية في الفضاء الخاص، ووضع بعض الشروط في الفضاء العام، وشدد بأن "كل شخص حرّ في أن يختار الذهاب مع واحدة أو اثنين، فتلك مسؤوليته"، وزعم أيضا أنه إذا تم اخضاع المغارب لاختبار "ADN" "يبقى المغربي غادي وتابعو 20 دري"!! التصريحات الخطيرة وغير المسؤولة لهذا المسؤول السياسي يتصدر المشهد العام تتوافق تماما ومرجعية "حركة لكل الديمقراطيين" النواة الأولى لحزب الأصالة والمعاصرة، والتي يصفها بعض المحللين ب"نادي اللائكيين"؛ لكونها ضمت بين جنباتها مخلفات اليسار البائد، بمرجعيته وأفكاره وأطروحاته الرجعية. وقد لقيت أيضا ترحيبا وتصفيقا من الرفاق، سواء كانوا متواجدين في أحزاب سياسية أو جمعيات حقوقية أو منابر إعلامية، ما غرَّ "وزير القانون" بأن يعلن من داخل مؤسسة الفقيه التطواني "ياحسرة" بأن "الجمود الذي طبع هذه المواضيع سينتهي بحكم أن الحكومة تغيرت". وفي نشوة الغرور والتعالي صدم الرفيق وهبي بما تداولته بعض المنابر من مضامين للخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، والذي نص فيه الملك محمد السادس أنه لن يحل ما حرم الله، ولن يحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، فاضطر قائد الجرار لتغيير الاستراتيجية من "الصنطيحة" و"اضرب ولا تبالي"، إلى سلوك دروب النفاق اللائكي والتسلل عبر خطاب شرعي، لم يحسن قراءته من ورقة بله إعداده وفِقْه مضامينه، مستعينا في ذلك ب"متحور جهادي" غير هندامه وتقليعة شعره لكنه ظل وفيا لمنهج الغلو والتطرف.. وجميعنا نعلم أن الفطام صعب وصعب للغاية.. ومن غرائب الصدف المتعلقة بهذا الموضوع؛ أنه كما استعانت "الخارجات عن القانون" بالمدعو محمد عبد الوهاب رفيقي، فجئن به ليعلن في ندوة "بلا حشمة بلا حيا" بأن الشريعة لا تعارض "الممارسات الجنسية خارج إطار الزواج"!! جاء به وهبي للأمر نفسه، بل لأكثر من ذلك، وجاء به من قبل "بيت الحكمة" و"الاتحاد النسائي الحر" وغيرها من التجمعات النسوية، لا ليقوم بتحليل الحرام، المعلوم من الدين بالضرورة، فحسب، بل ليخرج مواضيع من قبيل العلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية/الزنا والإجهاض؛ من الإطار الديني إلى الإطار المجتمعي الصرف، ويدعي بأن كل محْكمات الدين قابلة للنقاش، ويطالب بتبديل أحكام الإرث المنصوص عليها في القرآن، ويتهم "فقهاء المساجد" بالاغتصاب، ويهاجم أحاديث في البخاري ومسلم بدعوى الدفاع عن المرأة.. التي من حقها أن تلبس ما تشاء وقت ما تشاء كيف ما تشاء، كما سبق وأعلن "المتحور الجديد". والداعية "الكيوت" إذ يعلن بكل هذا الكم الهائم من المجازفات والتحريض ضد الآخر لا يملك في "غزوته الجديدة" التي يخوضها هذه المرة إلى جانب أصحاب الشمال، من الأدوات العلمية والفكرية ما يبرر به دفوعاته سوى "لقَطات" ونتف من هنا وهناك، وكثير من "تخراج العينين"!! وعودا إلى "وزير القانون"؛ فبالأمس القريب انتفض المجتمع رفضا لمطالب "الخارجات عن القانون"، فباءت دعوتهن الإباحية بالفشل، وها هو المجتمع ينتفض من جديد ويحذر بشتى الوسائل والطرق من مغبة تحليل عما حرم الله في كتابه، ورفع التجريم عن سلوك منحرف سيضر بالأسرة والمجتمع ويكلف الدولة غاليا. رغم اختلافنا معها؛ فقد كانت لنادية السليماني، وهي امرأة، الشجاعة لتعلن أنها هُزمت ولم تستطع الإقناع بمطالبها، فغادرت شبكات التواصل الاجتماعي دون رجعة، فهل سيكون لوزير العدل نفس القدر من الشجاعة على الأقل، ويريح المغاربة من "قفشاته الحامضة" بتقديم استقالته في التعديل الحكومي المرتقب؟