أن يعمد متعصب إلى حرق نسخة من المصحف الشريف أمام أنظار العالم بالسويد، فهذا أصبح في الزمن اليميني المتصاعد دلالة على الانزياح الغربي نحو خانة العته والجنون والتطرف، وتقلص قيم الرشد والعقل والتسامح التي قامت من أجلها الثورات، وبذلت جهود وتضحيات بغرض الانعتاق من الاستعباد الاقطاعي والاضطهاد الكنسي وكتم حرية المعتقد وحرية العبادة. لكن أن تتم الجريمة تحت حماية السلطة التي تملصت من واجبها في حماية حق المعتقد لبعض مواطنيها ومنع ازدراء الدين لأزيد من مليار مسلم، فالأمر لا يمكن أن يبقى في حدود الممارسة الفردية التي يمكن تبريرها بالحرية الشخصية، وإنما ترقى إلى مستوى جريمة دولة تستهدف الانسانية بوصفها اهنداء على حق أصيل من حقوق الانسان وهي الحق في المعتقد والحق في عدم الازدراء والحق في عدم التمييز على أساس الدين. وهي جريمة لا تستحق من الحكومات مجرد الإدانة والاستهجان فقط، وإنما تستوجب الملاحقة الجنائية لهذه السلطة الحاكمة الغاشمة في السويد أمام المحاكم الدولية، والعمل من أجل ألا يفلت الجناة من العقاب. والدول الإسلامية ليس من شأنها أن تكتفي بالإدانة السياسية وتدبيج البيانات الاستنكارية وحسب، وإنما عليها أن تتخذ التدابير الرامية إلى إنزال عقوبات اقتصادية ضد السويد بحرمانها من منتجات المسلمين من مواد طاقية ومواد خام ومبادلات تجارية واستثمارات مالية وزيارات سياحية. على أن تقوم النخب الفكرية والإعلامية والثقافية والحقوقية بالمرافعات السياسية والإعلامية والمدنية لعزل التعصب العنصري ودحض الأساطير المؤسسة للاديلوجية اليمينية المتطرفة.