ربما لم يحسن الأستاذ ياسين العمري التعبير في المقطع الذي شاهدته وهو يتحدث عن أسلمة الفيزياء وغيرها من العلوم الحقة؛ لكن كلامه أثار انتقادات واسعة بسبب سوء الفهم؛ وبعضها من أشخاص يفترض فيهم أن يفكروا قبل أن يتبعوا قطيع الفيسبوك. ليس في الأمر ما يثير الضحك؛ بل هو في غاية الجدية. من رجع إلى القرن الخامس عشر وما يليه سوف يرى أن الايديولوجيات الكبرى كانت تظهر تباعا مع كشوفات العلم؛ كلما ظهرت نظرية علمية ركب عليها الفلاسفة ايديولوجيا. الإلحاد تعزز جيدا مع تقدم العلم؛ كلما تقدم العلم وجد الملاحدة فرصة لنشر الإلحاد؛ وظهرت النزعة العلموية scienticisme التي تؤمن بالعلم فقط وهي نوع من الإلحاد. ثم ما هي الماركسية التي كانت منتشرة في كل مكان كثاني اوكسيد الكربون؟ إذا كان العلم الحق محايدا فمن أين جاءت المادية الجدلية؟ لماذا خرجت الحتمية التاريخية من حتمية التجربة العلمية؟ ألم ترتكز الماركسية على العلم للانتشار؟. ألم يستند دعاة الشذوذ على نتائج العلم وأن الإنسان يولد بهرمونات مختلطة؛ وأن المشكل جيني؟ ولماذا نذهب بعيدا؟ هل تذكرون صورة الكون التي التقطها تلسكوب جيمس ويب قبل شهرين وأثارت ضجة في العالم؟ لماذا وظفها البعض للقول بأن العالم ليس فيه إله؛ ووظفها آخرون لتأكيد وجود الخالق؟ من قال للفئة الأولى أن الصورة تنكر الخالق؛ ومن قال للثانية أن الصورة تعترف بالخالق؟ هل للصورة لسان وفم؟. نقول ما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حق القرآن "القرآن لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال"؛ كذلك العلم محايد لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال. هذه خواطر عنت لي من وحي ما أثير من كلام حول هذه القضية.