صورة التقطتها وكالة نازا الأمريكية الاثنين بالأشعة تحت الحمراء للكون؛ تظهر آلاف المجرات التي تشكلت عقب "الانفجار العظيم" قبل 13 مليار سنة. آلاف المجرات!!! وببن كل مجرة وأخرى ملايين من السنوات الضوئية. ونحن نقيم في واحدة منها فقط صغيرة الحجم؛ لكن إقامتنا غير السعيدة تجعل هذه المجرة الدقيقة أكثر المجرات هرجا في هذا الكون الفسيح. ويأتي العقل الملحد ليقول إن الكون خلق نفسه بنفسه؛ ولكنه مع ذلك لا يؤمن بهذا "الخالق"؛ وهذا يعني أنه عقل يكفر حتى بما يؤمن به. عبدت البشرية الشمس والقمر والحجارة والأوثان والحيوانات؛ وهي مجرد مخلوقات صغيرة؛ لكنها أبدا لم تعبد الكون. كل هذه المليارات من المجرات تعوم في فضاء واسع بلا سقف في انسجام ولم تحصل طوال هذا الزمن حادثة سير واحدة!! هل يوجد في العالم حركة سير في نصف يوم لا تحصل فيها حادثة واحدة؟. إذا كان الكون هو المسؤول عن هذا النظام فمعناه أن هناك عقلا أقوى من عقل الإنسان؛ فلماذا يقدس الإنسان عقله ويجعله المصدر الوحيد للمعرفة؟ يدعي الإنسان أن هناك عقلا صنع كل شيء؛ ولكنه يتنكر له ويعبد عقله هو. إنه تناقض لا تفسير له. ذلك الأعرابي البسيط قديما كان أول من فهم قانون السببية بمجرد الفطرة عندما سألوه كيف عرب ربه فقال "البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير". بعرة صغيرة فسرت له وجود الخالق؛ وفي عصر العلم اليوم آلاف البعرات ولكن العقل البشري لا يزال تائها. الأمر الغريب أن تفكير الإنسان اليوم ليس نتاج الأنبياء بل نتاج الفلاسفة. يتبع الإنسان أفكار إنسان مثله يصنع له تفكيره ويتنكر للأنبياء. ينبهر أمام أفلاطون وأرسطو وهيغل ونيتشه ولا ينبهر أمام موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام. يزعزعه كتاب "الجمهورية" ولا يزعزعه القرآن. لا يزال الإنسان عبدا لأخيه الإنسان.