تدخلت السلطات المغربية بسرعة بعد انتشار "فيديو الفلقة" على مواقع التواصل الاجتماعي، وأمرت النيابة العامة بفتح تحقيق في الحادثة، ليتم عقب ذلك اعتقال "المحفظ" الذي ظهر في الفيديو وهو يضرب بعض طلبته. وقبل أن يهاجم من يصطادون في الماء العكر، والذين لهم خلفيات سلبية ضد مراكز تحفيظ القرآن والكتاتيب القرآنية، سارع الغيورون عليها إلى استنكار الضرب المبرح، موضحين أن ذلك ليس أسلوبا تربويا معتمدا. لكن مع ذلك خرج من يتعاملون مع مثل هاته الأحداث بمنطق "طاحت الصمعة علقوا الحجام". الأستاذ نور الدين درواش كتب "ضرب طلبة القرآن بهذه الطريقة خطأ جسيم يستحق المحاسبة، وتصوير ذلك ونشره خطأ أشنع… وقد نبهنا مرارا على خطأ استمرار ضرب الأطفال في بعض الكتاتيب خاصة في ظل منع الضرب في كل المؤسسات التعليمية الخاصة والعامة وفي المؤسسات الرياضية والترفيهية، فإصرار بعض المدرسين على استعمال الضرب في تعليم القرآن قد تكون له آثار نفسية خطيرة جدا على الطفل وعلى علاقته بالقرآن خاصة والتدين عموما. وفي الأساليب التربوية المعاصرة ما يغني عن هذا الأسلوب. ولكن لا ينبغي استغلال هذا المقطع المنتشر في الإساءة للكتاتيب القرآنية ودور القرآن والمساجد بالمغرب، والشيوخ المحفظين القائمين عليها الذين جعلوا المغرب يتربع على قائمة الدول الأكثر حفظا للقرآن الكريم. فلا ينبغي أن نفسح المجال بترويج المقطع لأعداء القرآن وحملة الفكر اللاديني ودعاة الكراهية لشن حرب على التعليم القرآني بالمغرب". وأما رئيس تحرير يومية "الأحداث المغربية" يونس دافقير فكتب في حسابه على فيسبوك: "السؤال المنهجي الأول: أشنو الخلفية والهدف ديال فقيه الجامع من ذيك الفلقة للدراري الصغار؟ 1- واش خلف ذلك كاينة رغبة مرضية في الضرب والتعنيف، وتصريف لعقد نفسية واجتماعية؟ إذا كان الأمر كذلك، فهنا كاين عنف يستدعي المسألة القضائية. 2- أم أن الأمر يتعلق ببممارسات تقليدية في التعليم داخل الجامع، وأن الفقيه باقي عايش في زمن "المسيد" والعلاقة التراتبية القديمة بين الفقيه والطلبة أو إمحضارن؟ إذا كان الأمر كذلك، فهو تصرف غير مناسب وماشي إجرام. كاين فرق كبير بين الحالتين، اللي هو الفرق بين وجود القصد الجنائي في التعنيف من عدمه والنتيجة كاين ظروف تشديد العقوبة في الحالة الأولى، وكاينة ظروف التخفيف في الحالة الثانية. أنا ما كندافعش على الفقيه، ولكن شحال من واحد يقدر يمشي فيها بطاطة بسبب هستيريا الجموع. أتذكر ما يلي: – في الجامع الي قريت فيه، وهوما جوج في الحقيقة، الفقيه كانوا عندو الألواح ديال الصمغ، وعصا طويلة كتوصل لصلعة أي واحد منا. تسلخنا مزيان، واعتبرنا حنا ووالدينا أن داكشي داخل في التربية. – ورغم تطور الأساليب التربوية اللي منعات تعنيف التلاميذ، ومع تطور منظومة حقوق الطفل… طورنا أيضا التعليم العتيق، ولكنه في بعض المناطق مازال محافظ على الطقوس والاساليب التقليدية ديالو ومنها الفلقة. – ولو انه تمت متابعة المعلمين والأساتذة بسبب العنف، كون راه أغلب هيئة التدريس في الثمانينات والتسعينات مدوزة الحبس. ولو أن هذا ماشي موضوعنا. مرة أخرى لا ادافع عن الفقيه. الخطأ ثابت، لكن تحديد خلفيته واسبابه مهم جدا كي لا يظلم أحد. وأنا شخصيا لا أثق في عواطف الفيسبوك. لأنها غالبا ما تكون عبارة عن مسابقة مفتوحة في من يظهر أكثر إنسانية.. إنسانية مصطنعة مع الأسف ودون شك في ذلك. ولله العلم من قبل ومن بعد". في المقابل هاجم آخرون محفظ القرآن وحتى عملية تحفيظ القرآن، حيث كتب أحدهم "كيف يتم تحفيظ الأساطير والخزعبلات بأساليب بدائية"!! وهو ما اعتبره البعض استهدافا للكتاتيب القرآنية، ومراكز تحفيظه، حيث كتب الناشط عبد الصمد بنعباد: (أغلقوا جميع "المساجد" لأن فقيه (معلم قرآن) ظهر في فيديو يضرب طفلا!!! تعاطفي مع الطفل/الضحية الذي سيحوله تجار الحرائق إلى حطب معركتهم مع "الجامع"). كما أن البعض اختار نشر هاته الصورة، مرفوقة بتعليق جاء فيه: "شفتي هاد الفقيه هاز عصاتو على الطلاب… شوفو مزيان شكون جالس بيناتهم… إيييه هو هذاك الملك محمد السادس نصره الله في المسيد يحفظ القرآن الكريم… الملك المرحوم الحسن الثاني كان يشجع الكتاتيب القرآنية "المسيد" ولم يحاسب الفقيه يوما لأنه رفع عصاه في وجه الأمير الصغير بل أعطاه كل الصلاحيات لتربيته وتلقينه وأقرانه القرآن الكريم وقواعده… انتظرو الجيل القادم مش حتقدر تغمض عينيك".