هوية بريس – إبراهيم الوزاني ما إن تفجرت قضية حكم إفراغ بيت أسرة الفنانين ميكري بحي لوداية بالرباط، حتى سارع وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، لاستقبال الأخوين محمود ويونس ميكري، مبديا تعاطفه واستعداده للبحث معهم عن حلول عملية تحترم حق جميع الأطراف وفي احترام تام للحكم القضائي. كما جاء في تدوينة الوزير بنسعيد إثر اللقاء "وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الثقافة تعمل بجد على إحداث مؤسسة الأعمال الاجتماعية للفنانين لتفادي مثل هذه الإشكاليات في المستقبل". هذه الخطوة أثارت الكثير من الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أن حتى من تعاطف مع الأسرة التي ستفرغ المسكن لملاكه الجدد، فإنه بالنسبة لهم لا يمكن حل المشكل إلا في المحكمة، لأن القضية صدر فيها حكم قضائي، والملاك الجدد في حاجة إلى مسكنهم. كما أن حكم الإفراغ يطال الكثير من المواطنين وحتى الشخصيات من قطاعات أخرى، ومع ذلك تجد نفسها في الشارع دون أن يقف معها أو يتدخل أي وزير!! وفي هذا الصدد، كتب الصحافي محمد واموسي، في حسابه على فيسبوك: "إن كنت فنانا وصدر ضدك حكم قضائي بالإفراغ من بيت إيجار ترفض إعادته لأصحابه، ما عليك سوى استدعاء شوف تيفي لتصورك، فتفوز بموعد فوري مع وزير الثقافة ليتعاطف معك ويجد لك حلا"، مردفا "لو كان لأحكام القضاء احترام في هذا البلد السعيد، لكانت هي الحَكم و الفيصل". وفي تعليق على نفس تدوينته كتب واموسي: "وكم من عائلة كانت تسكن في مساكن عشوائية فوجدت نفسها في الشارع بالقوة، ولم يستقبلها أي وزير". الخطوة التي قام بها وزير الثقافة، دفعت آخرين للتساؤل: أين هي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من المسارعة إلى معالجة وضع الأئمة والقيمين الدينيين؟ وهم الذين لطالما ملأوا شوراع الرباط ووقفوا أمام البرلمان -وحاولوا الوصول إلى قلب وزارتهم بالمشور السعيد-، ووجهوا البيانات وكتبوا البلاغات، دون أي فائدة سوى زيادات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع وضعيتهم الاجتماعية الهشة، ولا تقيهم تغول الأسعار والمصاريف. بل منهم كثيرون يعانون من مشكل الكراء وواجباته المرهقة!! ثم أين الحكومة، وبالخصوص وزارة الأوقاف من الاهتمام بطلبة العلم وتكريم العلماء والوقوف لجانبهم لمواجهة تحديات الحياة؟! ولماذا نرى المساجد والمدارس العتيقة لا يتحرك في بنائها أو إصلاحها إلا المحسنون؟! وعودة للعلماء، لماذا لا نرى هذا الاهتمام من الحكومة وعدد من وزارتها إلا إذا تعلق الأمر بالفنانين من مغنين وممثلين، حتى بلاطوهات الأخبار وفي التقارير الإعلامية لا نسمع همسا للعلماء، بل دائما ما يتم متابعة أحوال الفنانين وجديد إنتاجاتهم، في مقابل تهميش كبير للعلم والعلماء، بشتى تخصصاتهم؟! بل حتى أخبار النعي، لا تنشرها قنواتنا الوطنية إلا إذا تعلقت بالفنانين، ويتساءل دوما المغاربة أين خبر وفاة فلان -من العلماء- في التلفزة إذا وافته المنية، وكأن لا حق لهم لا في الظهور على الشاشات العمومية لا قيد حياتهم، ولا بعد رحيلهم أيضا. نعلم جيدا أن اهتمام الحكومات المغربية بالفنانين على حساب العلماء، هو مخطط مقصود لإبعادهم عن الشأن العام وعن قضايا المجتمع، وهو الأمر الذي تسهم فيه بشكل كبير وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من خلال تهميشهم وإسكاتهم وإخراس صوت كل من يعلي صوته منهم متحدثا في قضايا الشأن العام وقضايا الأمة. فإلى متى هذا الكيل بمكيالين؟!