مخاصمتنا للحكم الابتدائي المطعون فيه بالاستئناف الصادر في مواجهة الإمام سعيد أبوعلين، والقاضي بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 10000 درهم، مرده ضعف الأساس القانوني الذي اعتمده قاضي الدرجة الأولى في إدانته للإمام، من أجل جنحة التحريض على ارتكاب جنايات وجنح المنصوص عليها في الفصل 299.1و299.2 من مجموعة القانون الجنائي. حيث أن جل العبارات التي ارتكز عليها الحكم الابتدائي في إدانته للإمام لا تشكل فعلا جرميا يعاقب عليه القانون، بل يتعارض مع مبدأ "لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص" المنصوص عليه في الفصل 23 من الدستور والفصل 3 من القانون الجنائي. ومن قبيل هاته العبارات التي اعتمدها الحكم الابتدائي في إدانته للإمام، أن هذا الأخير تقاسم عبر تطبيق الواتساب مع باقي الأئمة في مجموعة خاصة عبارات: – "السلام عليكم مجددا صباحكم سعيد النضال، النضال". – "هكذا كما ترون الأجواء عادية أمام البرلمان… إن شاء الله ننقل لكم هذا المكان لأننا إن شاء الله عما قريب سنفذ إليه"… أي سنحتج أمامه. ترى كيف يمكن أن نطمئن لحيثيات قاضي الدرجة الأولى التي اعتمدها في إدانته للإمام بمقتضيات المادة 299.1.2 بقوله: – "فهو يقصد بخطابه المذكور دعوة مخاطبيه إلى النضال والكفاح وعدم الركون لما آل إليه حالهم…" – "اعترف المتهم تمهيديا وأمام هذه المحكمة أنه سبق له خلال سنة 2008 أن شارك في وقفة للأئمة أمام البرلمان دامت ساعة أو ساعتين" – "أنه قام خلال 2020 بوقفة احتجاجية أمام المجلس المحلي بالرباط". – "مؤكدا أنه سيظل يدافع عن الأئمة المجازين ولا يمكنه التراجع عن مبادئه". إن السؤال المطروح هنا على قاضي الدرجة الأولى هو هل الدعوة إلى النضال والدفاع عن حقوق القيميين الدينيين بشكل سلمي وحضاري، والمشاركة في الوقفات الاحتجاحية أمام البرلمان ورفع الشعارات والتشبث بالمبادئ التي يؤمن بها، تشكل فعلا إجراميا وتدخل في إطار التحريض على ارتكاب جنايات وجنح؟ ما هو الركن المادي والمعنوي لهاته الجنايات والجنح التي وقف عليهما الحكم الابتدائي؟ وحتى لو افترضنا أن الدعوة إلى النضال والاحتجاج بمثابة تحريض على جنايات وجنح، فإن الفقرة الأولى من المادة 299 من مجموعة القانون الجنائي تنص على أنه "في حالة إذا لم يكن للتحريض مفعول فيما بعد، فإن العقوبة تكون من 3 أشهر إلى سنة وغرامة من 5000 درهم إلى 50000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين. فلماذا يا ترى قاضي الدرجة الأولى أدان الإمام بعقوبة حبسية مدتها سنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها 10000 درهم وهي مدة تفوق ما جاء في مقتضيات الفصل المتابع به الظنين، على اعتبار أن فعل التحريض على النضال لم يؤدي إلى أي مفعول فيما بعد. إن الإمام سعيد أبو علين لا يمكن متابعته بمقتضيات الفصل 447 من القانون الجنائي لكونه: من جهة أولى لم يلتقط أو يوزع أقوال صادرة بشكل خاص، ومن جهة ثانية لم يوزع أو يسجل صورة شخص في مكان خاص بل التقط لنفسه صورة "سلفي" في مكان عمومي وبالشارع العام وليس لشخص خاص ومكان خاص كما جاء في المادة 447 من القانون الجنائي. ومن جهة ثالثة أن عنصر القوات المساعدة المسمى "ن ع" لم يتقدم بأي شكاية ضد الإمام بخصوص التقاط له صورة خاصة بدون إذنه وموافقته، بل تم استدعاؤه من قبل الشرطة القضائية محررة المحضر، ومن جهة رابعة أن عنصر القوات المساعدة أكد في محضر تصريحه بكونه لم يرى الإمام يقوم بعملية التقاط الصور، وأنه طلب من الإمام الذي كان يريد مقابلة السيد الوزير الابتعاد عن مقر الإقامة فابتعد عن الفيلا ممتثلا لأمره. أما بخصوص الأساس الذي اعتمده قاضي الدرجة الأولى في إدانة الإمام من أجل خرقه لمقتضيات الفصلان 5 و 8 من ظهير تأسيس الجمعيات، فإنه أساس ضغيف وحجته في ذلك متهافتة، إذ لا يعقل أن ترتكز الإدانة على اعتراف الظنين بكونه أحد المؤسسين "لمجموعة تواصل الأئمة المجازين" على الوتساب، وبكونه أحد العناصر النشطة فيها، ومن خلالها يتبادل المعلومات مع باقي المشاركين، وأن همهم الوحيد هو الدفاع عن الأئمة المجازين لنيل حقوققهم حسب الحيثيات التي دبجت به المحكمة الابتدائية تعليلها. ترى هل إنشاء مجموعة على الواتساب أو العمل من داخل تنسيقية تضم القيميين الدينيين يعتبر عملا مخالفا للقانون؟ هل إنشاء مجموعة على الواتساب يعتبر عملا جمعويا يقتضي سلوك المساطر الإدارية المنصوص عليها في الفصلان 5 و 8 من الظهير المؤسس للجمعيات؟ لماذا تابعته النيابة العامة بخرق المادة 4 من المرسوم بقانون 292.20.2 والحال أنه تقدم إلى السلطات المحلية بكلميم بطلب الحصول على رخصة استثنائية للتنقل بين مدينة كلميم والرباط، لكن الإدارة تلكأت في الاستجابة للطلب؟ لماذا لم يلجأ الضابط الذي قام بتوقيف الإمام سعيد أبوعلين إلى إعمال المادة 4 مكرر من المرسوم المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، والذي يأتي في سياق تبسيط المسطرة المتعلقة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها وذلك من خلال إقرار مسطرة الصلح، وأنه تبعا لذلك في حالة أداء الغرامة يحول دون تحريك الدعوى العمومية ويلغي المخالفة من أساسها؟ هل يستحق إمام معلم لكتاب الله وقيم ديني لمدرسة التعليم الأصيل، قضى أكثر من 22 سنة في خدمة الحقل الديني، أن يتم وصفه من قبل قاضي الدرجة الأولى بكونه "ذي شخصية إجرامية متمرسة تستدعي ردعا جنائيا ملائما" فيكون نصيبه سنتين سجنا نافذا وغرامة قدرها 10000درهم؟ عضو هية دفاع الإمام سعيد أبوعلين