رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبعة قوانين قرآنية في الانتصار والانكسار
نشر في هوية بريس يوم 17 - 09 - 2021

القرآن الكريم مرجعية المسلمين الشاملة العليا، وهوكتاب هداية وعقيدة وإرشاد، ودستور الله الشارح للكون، المفسر للوجود، الشامل للحياة، المستوعب للوقائع والأحوال والمجتمعات، لم يترك ظاهرة اجتماعية إلا غطاها، ولا وضعا نفسيا إلا عالجه، ولا واقعا ثقافيا إلا واكبه، بالبيان والتوجيه، وبالتقويم والتصحيح.
والمحور الاجتماعي من أهم وأخطر المحاور الموضوعية في القرآن الكريم، وهو محور يزخر بما لا يحصى من سنن الله في الاجتماع البشري، وقوانينه في الأنفس والمجتمعات، في أحوالها المختلفة، وأوضاعها المتباينة، قوة وضعفا، استقامة وانحرافا، صعودا وهبوطا، انتصارا وانكسارا.
وفي هذه العجالة المناسبة لمقامها، سنقف مع بعض من تلك السنن والقوانين، نعرض لها بنوع من الإيجاز، ونستدل بها على الباقي، مما لا يتسع المقام لذكره والتفصيل فيه:
القانون الأول: النصر توفيق وتيسير من الله:
ومفاده أن النصر لا يكون بعدد ولا عدة، ولا بقدرات وإمكانيات، وإن كان الاجتهاد في ذلك وإعداد المستطاع منه واجبا شرعيا وضرورة اجتماعية، عملا بقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا 0سۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّة وَمِن رِّبَاطِ 0لۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ 0للَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ﴾ الأنفال: 60، النصر عطاء ومنة من الله، لمن استكمل شروط النصر القلبية والعملية، الواردة في قوله تعالى: ﴿يَٰۤأَيُّهَا 0لَّذِينَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ 0للَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾محمد: 8.

القانون الثاني: استحقاق النصر مشروط باستيفاء شروطه:
قال عز من قائل في محكم التنزيل:﴿يَٰۤأَيُّهَا 0لَّذِينَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ 0للَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾محمد: 8.: والمعنى حسب المفسرين: أن نصرة الله إنما تكون بلزوم طاعة الله، وتمثل شرعه، عقائد وأخلاقا، قيما وتشريعات، أحكاما ومقاصد، على المستوى القلبي والعملي على حد سواء، وما يستوجبه ذلك من امتلاك لأنواع من الفقه: كفقه الدين، وفقه الواقع، وفقه التنزيل، وفقه الموازنات والأولويات والمآلات، ذلك أنه لا عمل صحيح، ولا تمثل قويم، ولا تطبيق سليم، بغير علم صحيح، وفقه دقيق عميق، يجمع بين الشرع والواقع، ويفقه مناطات تنزيل شرع الله، ويحسن ترتيب الأعمال والواجبات، والموازنة بين المصالح والمفاسد، ويجيب استشراف المآلات وتوقع النتائج والعواقب.
القانون الثالث: العوامل الذاتية أقوى أثرا من العوامل الموضوعية في صناعة الانتصارات والانكسارات:
يقول سبحانه في بيان أسباب النكسات والانكسارات: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آل عمران: 165: والمعنى أن السبب الرئيس للأزمات والنكسات، أسباب ذاتية، وأوضاع داخلية، تعبر عن خلل تصوري، أو انحراف قلبي، أو فساد عملي، يقع فيه الأفراد والجماعات البشرية على حين غرة، وقد لا ينتبه إلى تداعياته، ولا يبادر بمعالجته، فينتشر ويستفحل، ويصنع حالة من الضعف الذاتي والترهل الداخلي، وحالة من الهزيمة النفسية، تنتج قابلية الهزيمة والانكسار، عند الاصطدام بأول تحد خارجي، أو مهدد موضوعي، مهما كان ضعيفا.
القانون الرابع: العوامل النفسية والمشاعر القلبية حاسمة في الانتصارات والانكسارات:
كان عدد المسلمين في غزوة حنين حوالي ثمانية عشر ألف مجاهد، وهو أكبر عدد اجتمع للمسلمين في غزواتهم مع قائدهم المصطفى عليه السلام، فأعجب المسلمون واغتروا بعددهم، ونسوا أن الناصر هو الله، حتى قال بعضهم: "لن نغلب اليوم من قلة"، فشاء الله سبحانه تربيتهم وتأديبهم، فسلط عليهم أعداءهم، فباغتوهم وأثخنوهم قتلا وجرحا، حتى اضطربت صفوفهم، وتفرق جمعهم، وانفرط عقدهم، وولوا مدبرين، لولا أن تداركتهم رحمة الله، الذي ربط على قلب نبيه، وألهمه الثبات والصمود: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب"، فجعل يناديهم ويحرضهم، حتى اجتمع شملهم، والتأمت صفوفهم، فانقلب الانكسار إلى انتصار، والهزيمة إلى نصر، وأنزل لله فيها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، يحذر الصف الإسلامي من خطورة العجب والغرور، وضعف اليقين، ونقص التوكل على الله:(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). التوبة: 25 – 27.
القانون الخامس: الخطط والبرامج مؤثرة في العواقب والمآلات:
في غزوة أحد اختلف المسلمون في ميدان القتال، فكان رأي النبي عليه الصلاة والسلام، أن يقاتل المسلمون داخل المدينة فيستفيدوا من معرفتهم بأرض المعركة، ويحرموا قريشا من ذلك، وكان رأي الشباب المتحمس الذين فاتهم الجهاد في بدر، الخروج لملاقاة العدو خارج أسوار المدينة، كما لا حظ النبي عليه السلام أن قوة جيش العدو، إنما ترجع إلى فرسانهم، فوضع خمسين من الرماة فوق الجبل، وأمرهم – على سبيل الحتم – بلزوم أماكنهم، فما أن بدأ القتال، وحمي الوطيس، وكانت الجولة الأولى للمسلمين، حتى غادر الرماة مواقعهم، وراحوا يجمعون الغنائم، ناسين أوامر نبيهم وتذكير أميرهم، فلما لاحظ خالد بن الوليد ذلك، التف على المسلمين من وراء الجبل، فحوصر المسلمون، ارتبكوا واضطربوا، وسرعان ما تحول النصر إلى هزيمة. ولقد أنزل الله في بيان أسباب الهزيمة آيات بينات مفصلات، جاء فيها: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) ۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
وقد ذكرت الآيات عددا من الأسباب الذاتية للهزيمة، منها: الفشل، والتنازع، وعصيان أمر القائد، والافتتان بالغنائم، والفرار من ميدان القتال، وغيرها.
القانون السادس: الهزائم والانكسارات ليست شرا محضا:
مثل حادث الإفك الذي عرفه المسلمون بالمدينة، زلزالا عنيفا هز كيانهم، وامتحانا عسيرا لعقيدتهم ومواقفهم وثباتهم، ومؤامرة استهدف من خلالها المنافقون البيت النبوي الطاهر، ورغم ما كان له من نتائج وتداعيات، ومن ارتباك واضطراب، مس الحماعة المسلمة برمتها، بما يجعله في خانة المفسدة المطلقة والشر المستطير، فقد أنزل الله فيه من التوجيهات والتصويبات، ما يجعل منه خيرا للمؤمنين:﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ النور: 11. والمعنى: أن ما ترتب على حديث الإفك من مصالح للمسلمين، أكبر بكثير مما ترتب عليه من مفاسد، لأن الله كشف – من خلاله – للمؤمنين خطورة النفاق وقبح المنافقين، وبرأ عرض نبيه من فوق سبع سماوات، فتجاوز المسلمون المحنة، وخرجوا منها، أكثر قوة ومنعة، وأكثر خبرة واستعدادا لصد المؤامرات وتجاوز الأزمات، التي لا يخلو منها طريق الدعوة والإصلاح، والتي تستوجب أقصى درجات الصبر والحكمة واليقظة.
القانون السابع: الأيام دول بين الناس ولا دوام لانتصارات ولا انكسارات:
قال سبحانه تعقيبا على بعض الهزائم والانكسارات، التي عاشها الصحابة مع أعدائهم: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
وقال أيضا: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء: 103: فالهزيمة ليست آخر الأمر ولا نهاية المطاف، وإنما هي شوط من أشواط التدافع بين الناس، وجولة من جولات الصراع بين الحق والباطل. وفي سياق مشابه، يقول الله تعالى:﴿فَإِنَّ مَعَ 0لۡعُسۡر يُسۡرًا إِنَّ مَعَ 0لۡعُسۡرِ يُسۡرًا﴾ الشرح: 5- 6، وبينها النبي عليه السلام بقوله: (لن يغلب عسر يسرين) رواه الحاكم، برقم 3950، والبيهقي في شعب الإيمان، برقم 10013، والسيوطي في الجامع الصغير، برقم 7374، وقال: مرسل صحيح الإسناد: وكلها نصوص تثبت أفئدة الصحابة، وتربط على قلوبهم، وتبين لهم أن طريق الإصلاح محفوف بالمصاعب والمشاق، وليس مفروشا بالورود، وأنه لا غنى فيه عن رصيد كاف، من الصبر والجلد، وطول النفس، والثقة بالله، لبلوغ المقاصد، وتحقيق الأهداف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.