هوية بريس – السبت 12 دجنبر 2015 "ادع إلى سبيل ربك". "وهذا صراط ربك مستقيما فاتبعوه". "وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون". …….. القضية إذا قضية السبيل؛ قبل أن تكون قضية تفاصيل السبيل. المعركة قائمة على أس السبيل؛ قبل أن تكون قائمة على بنيات السبيل. لماذا؟.. لأن تفاصيل السبيل قد تتشابه مع بعض تفاصيل السبل الأخرى. الأخلاق تفاصيل الصلاة تفاصيل العدالة الاجتماعية تفاصيل فإذا ما كان الأصل هو التفاصيل، وقعت في فخ التشابه والتجانس والتقريب، بين سبيل الله وسبل الضلال. فقيل لك.. أنت تصلي في مسجدك وهو يصلي في كنيسته فأنت مصل وهو مصل وقيل لك.. أنت تنشد العدالة الاجتماعية بالزكاة ونحوها وهو ينشدها بالاشتراكية والشيوعية فأنت مصلح ديني وهو مصلح علماني اشتراكي لكن دين الأنبياء فيه أصل أصيل "وليكن أول ما تدعوهم إليه، شهادة أن لا إله إلا الله..". "أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت". الرسالة إنما هي دعوة إلى جملة السبيل والشهادة له دون ما سواه بأنه السبيل الوحيد الحق الموصل لسعادة الدارين وأن الدليل عليه هو النبي المرسل فهنا عروة الأمر ولبه وحقيقته، ثم لتكن التفاصيل متشابهة حينا ومتباينة حينا، فهذا كله يأتي تبعا. هذه آفة والآفة الثانية أن تجاوز الدعوة إلى ذات السبيل إلى تفاصيله يجعل السبيل مشوها مخوفا مستغربا فلا أعلم دينا تطرح تفاصيل أحكامه وخلافات علمائه وحكامه عبر التاريخ إلا دين الإسلام فكل الأديان تجعل تفاصيلها أمرا داخليا وتجعل ظاهرها أصولا نظرية كلية تميزها عن غيرها وما هكذا كان الخطاب القرآني بل كانت آيات قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم… أصول تقبلها الفطرة دون كثير نظر مع أن الشريعة سينزل بها بعد ذلك عشرات المحرمات وكذلك كانت الواجبات يتصدر منها المشهد الصلاة وهي صلة العبد بربه والزكاة وهي صلة الناس ببعضهم البعض إنها ليست مسألة ناسخ ومنسوخ ولا مسألة تراجع عن بيان الأحكام إنما هي مسألة الوقوف عند الأصل الأصيل الأول وعقد المفاصلة عليه وعدم الانجرار لمعارك جانبية فادع إلى سبيل ربك واستقم كما أمرت فمن أراد الفتنة اعتنى بالتفاصيل دون الأصول ولقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور "يقول سيد قطب رحمه الله تعالى.. ومتى استقرت عقيدة: "لا إله إلا الله" في أعماقها الغائرة البعيدة استقر معها في نفس الوقت النظام الذي تتمثل فيه: "لا إله إلا الله"؛ وتعين أنه النظام الوحيد الذي ترتضيه النفوس التي استقرت فيها العقيدة.. واستسلمت هذه النفوس ابتداء لهذا النظام حتى قبل أن تعرض عليها تفصيلاته وقبل أن تعرض عليها تشريعاته فالاستسلام ابتداء هو مقتضى الإيمان.. وبمثل هذا الاستسلام تلقت النفوس تنظيمات الإسلام وتشريعاته بالرضا والقبول لا تعترض على شيء منه فور صدوره إليها ولا تتلكأ في تنفيذه بمجرد تلقيها له".