بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أما بعد، فقبل مدة جادلني بعض الشباب في مسألة تعلم السحر، وكان رأيي ولله الحمد والمنة على القول بالتحريم، ولما رأيت المسألة منتشرة بين الناس لاسيما العامة منهم، وجب النصح والبيان في المسألة، فأقول وبالله التوفيق: تعلم السحر محرم؛ بل هو كفر لأن وسيلته الإشراك بالشياطين – قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اُشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآْخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البَقَرَة: 102]. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح : "فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ﴾، فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفرا وهذا كله واضح". وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله ( وقد استدل بعضهم بهذه الآية على تكفير من تعلم السحر ). وقال الشوكاني رحمه الله ( وفيه دليل على أن تعلم السحر كفر، وظاهره عدم الفرق بين المعتقد، وبين من تعلمه ليكون ساحراً، ومن تعلمه ليقدر على دفعه). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ( والسحر محرم بالكتاب والسنة والإجماع ). ونقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على حرمة تعليمه، كابن قدامة والنووي وغيرهما. ولا يجوز للمسلم الذهاب عند السحرة، لأن ذهابه عندهم مبطل للعمل جالب لسخط الله، ولا يجوز له سؤالهم ولا تصديقهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)، رواه مسلم في الصحيح، ، وقال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)، لأن الساحر يدعي معرفة الغيب والقدرة على الرزق وكل ما هو من اختصاص مقام الربوبية لله سبحانه، فكفر بهذا. ويدخل في الذهاب عند السحرة وتصديقهم قراءة الأبراج ومتابعة قنواة السحرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن هذا نوع من التصديق، فضلا عن تكثير سواد أهل الباطل. ويتصل بهذا أيضا قراءة كتب التنجيم والسحر، فلا يجوز قراءتها ونشرها وتداولها بين الناس، بل الواجب اتلافها وحرقها لأن هذا من باب النصح للمسلمين والنهي عن المنكر. وربما يستدل بعض المدلسين على جواز تعلم السحر بالحديث الموضوع: ( تعلموا السحر ولا تعملوا به)، وهذا الحديث باطل مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أصل في دواوين الحديث. كما يجب على العلماء والخطباء والوعاظ والمربين تحذير الناس من خطورة الذهاب عند السحرة وتصديقهم، وتوجيههم للرقية الشرعية لا غير، وتحصين النفس بالأذكار الشرعية المأثورة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. نسأل الله التوفيق والسداد والعفو والمعافاة.