هوية بريس – الخميس 02 يوليوز 2015 إن داء فتاكا انتشر في الآونة الأخيرة انتشارا كبيرا وملفتا، ويزداد ازديادا عظيما يندى له الجبين، في مقابل قلة الناصحين وضعف المنكرين بلا منكر؛ كلما أثير موضوع الهجوم على الدين وأهله: يسبق إلى الذهن بشكل تلقائي سؤال بتعجب: لماذا هذا الهجوم؟ ولماذا هذه السخرية؟! ألسنا على الحق؟ ألسنا من استجاب لداعي الله وآمن به؟! أليس الإسلام خيَرة الله لنا؟! فلماذا يسخر بنو علمان بنا وبديننا وقيمنا؟!! إن لهذا الهجوم بواعث وعوامل انطوت عليها نفوس العلمانيين الهازلين الساخرين ومن على شاكلتهم منها ما ذكره الأستاذ محمد بن سعيد: الكره والحقد من العلمانيين لهذا الدين العظيم: فإن الله -سبحانه وتعالى- جعل هذا الإسلام طريقاً وحيداً فريداً لصلاح الدنيا والآخرة "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون"، فهذا الدين ينشئ الحياة من جديد، نشأة فريدة، على نمط فريد عما عهده الناس. إنه يقلب موازين الجاهلية، لينشئ -بإذن الله- في هذه الحياة أمة متميزة في كل شيء، متميزة في عقيدتها، وفكرها وشعورها، وسلوكها، وموازينها، ومن ثم فإن هذا الأمر لن تقابله العلمانية الجاهلية -في القديم أو الحديث- بسهولة وترحاب!! كلا بل ستعانده وتقاومه بكل ما أوتيت من قوة، وبكل حقد وكراهية. العلمانيون يفعلون ذلك وهم يعلمون بما في ديننا من الحق والخير، وبأنه هو الذي يقوِّم ما أعوج من شؤون الحياة، ويكرهونه لحرصهم على هذا العوج لا يريدون أن يقوَّم، ويودون أن تبقى الأمور على اعوجاجها ولا تستقيم، لأنها هي الجاهلية.. وهو الإسلام. قال تعالى: "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى". "وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة". "ولوطاً إذا قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون". إن هذا الكره الذي تصبه العلمانية على دين الله وعلى الملتزمين به نابع من خشيتها على كيانها ومصالحها وشهواتها وانحرافاتها من مبادئ الإسلام، فهي تحس في دخيلة نفسها مقدار ما انحرفت عن الحق، وحكمت الهوى واستسلمت للشهوات، وتحس مقدار ما تحرمها العقيدة الصحيحة حين تحكم الأرض من مصالح ومنافع وشهوات اختلستها اختلاساً… يستوي في ذلك الذين استكبروا والذين هم مستضعفون، فلكل في العلمانية الجاهلية مصالح ومنافع وشهوات يحرص عليها. وحين أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس بهذا الدين حرر الناس من عبودية البشر وعُبّدوا لله الواحد الأحد، ومن ثم أصبح الولاء لله وحده، هذا الأمر قد أزعج الملأ الذين يريدون أن يكون الولاء لأشخاصهم ومناهجهم وليس لله. إن العلمانية تستخدم سلاح السخرية والاستهزاء لمعارضة هذا الدين وأهله، ومن هؤلاء كتاب وقصاصون وفنانون ونساء متحررات من كل فضيلة، وأصحاب عربدة وغيرهم وغيرهم، بل وباحثون في الجماعات الإسلامية زعموا وهم يخبطون خبط عشواء كقائلهم أن تربية الأبناء على المحافظة على الركن الثاني هو بداية تشدد وتطرف أو كلمة نحوها، فهل فاقد البوصلة يصلح أن يكون باحثا، وإن كان فهل هذا أسلوب باحث؟ اللهم لا؛ وصدق فيه وفي أمثاله قول الشاعر: أعمى يقود بصيرا لا أبالكم***قد ضل من كانت العميان تهديه وقال آخر: ومن يكن الغراب له دليلا***يمر به عجيف الكلاب والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة". يفعلون ذلك لأن عملهم قائم على التجارة المحرمة التي إذا قام دين الله جفف ذلك المستنقع القذر الذي يعيشون في وحله ويتكاثرون في دنسه ومنها تجارة الطعن في الدين وأحكامه وأهله. إن الحرص الشديد للعلمانيين على طمس وتشويه صورة الإسلام الناصعة أمر لا يجادل فيه إلا مكابر، لذا لا غَرْوَ إذا استخدمت السخرية والهزء سلاحاً فتاكاً لتشويه هذه الصورة ونشر الضباب المعتم على وجهها المشرق، ولكن الله مُتِمُّ نورِهِ ولو كره العلمانيون. ومن أساليبهم المفضوحة: النقمة على أهل الخير والصلاح: "إنهم أناس يتطهرون"، فمن المعلوم أن أهل الشر والفساد يزعجهم ويعكر صفو باطلهم وما هم عليه ذلك الطهر والعفاف الذي يتحلى به الأخيار، لهذا يسعى أولئك المفسدون إلى تشويه سمعة أهل الخير، ويسخرون منهم ويغمزونهم "إنهم أناس يتطهرون" فعلى منطق هؤلاء العلمانيين لا بد من تحويل المجتمع كله إلى مجتمع رذيلة وسقوط ودنس، أما أن يبقى في الأمة أصحاب طهر وعفة فهذا أمر لا يطيقونه "وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد". إن العلماني حين يفقد الهدف الأسمى الذي من أجله جاء لهذه الحياة، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، حين يفقد ذلك يحس -ولا شك- بفراغ قاتل في حياته، لذا سرعان ما يتجه لدروب الشيطان التي تملأ عليه الفراغ، ولو كان ذلك بالاستهزاء بالله وآياته وأحكامه، ورسوله، والمؤمنين، وبعض النفوس المريضة لا تتلذذ إلا بالإفتراء على الشرع و بالضحك على الناس والاستهزاء بهم، والسخرية بخلقتهم وأفعالهم، والافتراء عليهم، وقد حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم من هذا الخلق، فقال في الحديث الصحيح: "وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله -تعالى- ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة". وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الضاحك المضحك الهازل بقوله صلى الله عليه وسلم: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم. ويل له ويل له". وفي المسند: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه يهوي بها من أبعد من الثريا". إن هذه النصوص العظيمة من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم تصور واقع كثير من العلمانيين الهازلين المستهزئين المضحكين، يختلقون الأكاذيب وأساليب الغمز واللمز بالمؤمنين والمؤمنات لينفر وليضحك أحدهم ويضحك الآخرين، وكم ضاحك بملء فيه والله ساخط عليه، فحسبنا الله ونعم الوكيل.