قرأت مقالا لفضيلة الدكتور الناجي لمين نشر في جريدة هوية بريس بعنوان (ابن تيمية أساء إليه مقلدوه)، افترض فيه أن هناك أتباعا لمدرسة المنار يقلدون شيخ الإسلام ابن تيمية وقد أساؤوا إليه. ونظرا لأنني متتبع لما يكتبه د. الناجي لمين فسيكون مقالي هذا حوارا هادئا معه يهدف إلى كشف من أساء إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، كما يتغيى مقالي مناقشة بعض الأفكار التي نثرها د. الناجي لمين في بعض مقالاته التي نشرها على صفحته. هل لابن تيمية مقلدة؟ بداية، لا يعرف لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مقلدة بمعناه الاصطلاحي أو العرفي، فليس لابن تيمية مذهب بالمعنى المتعارف عليه سواء في الفقه أو العقيدة أو السلوك، فلدينا في الفقه مثلا المذهب الحنفي والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي بل والمذهب الظاهري الذي ينسب إلى ابن حزم، ولا يوجد في الأمة من ينسب مذهبا فقهيا إلى ابن تيمية بالمعنى المتعارف عليه، فليس في الأمة المذهب التيمي مثلا، بل ينسب ابن تيمية للمذهب الحنبلي، وقد تكون لابن تيمية أراء مخالفة للمذهب الحنبلي توصف باختياراته العلمية ورغم ذلك فهو حنبلي، وليس ابن تيمية بدعا في ذلك، بل يوجد علماء كبار ينسبون إلى مذاهب معينة ولهم اجتهادات أو اختيارات تخالف مذهبهم كالإمام ابن العربي المالكي مثلا. ولدينا كذلك مذاهب عقدية؛ فعندنا المعتزلة والأشاعرة والماتريدية والحنابلة..، ولا يوجد مذهب عقدي ينسب إلى ابن تيمية، يقال هذا التيمي كما نقول مثلا هذا مذهب الأشاعرة نسبة لأبي الحسن الأشعري. وأيضا الأمر نفسه في السلوك، فهناك مذاهب أو طرائق في باب السلوك متنوعة، ولا يوجد طريقة تنسب إلى ابن تيمية. وبناء عليه، فادعاء أن لابن تيمية مقلدة بهذا الإطلاق ليس صوابا، وهو كلام بعيد عن العلم المحرر، أقرب إلى الكلام الإنشائي المرسل. وابن تيمية ليس له مذهب قائم بأصوله وفروعه يتميز به عن غيره كابن حزم مثلا، وخصوصا إذا علمنا أن ابن تيمية ليس له قول إلا وتجد من قال به قبله من العلماء المتقدمين، فيتبعهم في ذلك، ولهذا تجد ابن تيمية يكثر من النقل عن السلف أو الأئمة الأربعة وغيرهم. ولا يَرِدُ على هذه الحقيقة بعضُ الأقوال التي هي على رؤوس الأصابع قال بها ابن تيمية، فما من عالم إلا وله منها نصيب، ولكن العبرة بالكثرة الكثيرة من أقوال العالم وآرائه. ولكن، ما المراد بالمقلدة الذين أساؤوا لابن تيمية في كلام د. الناجي لمين؟ حسب المنطق، كان يفترض أن يكون مقلدة ابن تيمية حنابلة، ولكن يجيبنا د. الناجي لمين هم أتباع مدرسة المنار، أي أتباع الشيخ رشيد رضا صاحب تفسير المنار، فأتباع الشيخ رشيد رضا هم من قلدوا ابن تيمية وأساؤوا له كما زعم الدكتور. ومن هم أتباع تلك المدرسة؟ هل الإخوان المسلمون؟ هل السلفيون؟ هل الحركيون؟ هل التكفيريون؟ هل الداعشيون؟ الدكتور الناجي في ثنايا كلامه يجعل هؤلاء كلهم اتباع مدرسة المنار قولا واحدا، وهو بهذا التصنيف لأتباع مدرسة المنار يجمع الشيء ونقيضه، والمتتبع لمقالات الحركات الإسلامية يعلم ذلك، ولكن لدى د. الناجي لا فرق بين هذه الطوائف والتيارات. ولك أيها القارئ أن تتعجب كل العجب من ناقد قبِل أن يجمع في عقله تناقضات تلك الجماعات فيما بينها في أتباع مدرسة المنار!؟ بل لو جمعنا ما خالف فيه السلفيون على سبيل المثال لآراء رشيد رضا لتطلب منا أن نكتب مجلدات!؟ وجوابا على كيف تمت تلك الإساءة لابن تيمية من طرف مقلديه (أتباع مدرسة المنار) يفاجئك د. الناجي لمين بتقرير غريب عجيب؛ ما نصه: "وعلى هذا فحديث مناصري ثقافة الامة اليوم عن مضمون كتب الشيخ ابن تيمية ليس مردُّه الى عداء شخصي مع هذا العالم، ولكن المقصود هو كشف زيف هؤلاء المعاصرين الذين جعلوه في رتبة الأنبياء" اه. سأرجئ الكلام عن قوله: "ليس مردُّه الى عداء شخصي مع هذا العالم" في فقرة خاصة، وأعلق على ما يرتبط بالإساءة، فأتباع مدرسة المنار جعلوا ابن تيمية في رتبة الأنبياء، أي يقدسون آراء ابن تيمية كما لو قالها نبي معصوم، فهم بهذا الشكل قد أساؤوا لابن تيمية. ومع أن هذا مجرد ادعاء من طرف د. الناجي لمين وكلام سخيف ليس له ما يسنده في الواقع، وأقصى ما يمكن أن يكون هو أن تجد من اقتنع بالدليل الذي ساقه ابن تيمة يدافع عنه بقوة واستماتة، كما قد تجد من اقتنع بدليل عالم آخر مثلا ابن العربي المالكي في مخالفة إمامه مالك بن أنس رحمه الله، بل الجمهور في مسألة زكاة الخضروات ويدافع عن قول ابن العربي باستماتة وقوة، فهل يعقل أن نقول أن من نصر قول ابن العربي قد جعله في رتبة الأنبياء!? لو صحت هذه المعادلة بل المغالطة لكان تفسير تقليد الأئمة الأربعة هو تنزيهم عن الخطأ وجعلهم في رتبة الأنبياء.. ولكن لنفترض أنه قد وُجد جماعة متعصبة أو رجل مقلد متعصب لابن تيمية ويقدسه تقديسا مفرطا، فهل في هذه الحالة، ستلحق الإساءة بابن تيمية أم تلحق بذلك المتعصب؟ غريب أن نلوم ابن تيمية ونلحق به اللوم ونحاسبه على شيء لا دخل له فيه، ونسيء له وننسب الإساءة أنها صدرت ممن قلده، أي عقل هذا يا دكتور!؟ من الأمثلة التي ساقها د. الناجي لمين لبيان الإساءة التي تلحق ابن تيمية هو استغلال المقلدة "شذوذاته في الفقه ليهتكوا بها حجاب الاجماع، ويتسوروا حائط المذاهب الأربعة".. هكذا قال،وهذا يلزم منه أولا أن ابن تيمية يخالف إجماع الأمة، فهلا عدّد لنا الدكتور ما هي المسائل التي خالف فيها ابن تيمية إجماع الأمة؟؟ ومن سبقه من العلماء المحققين بهذه الدعوى العريضة الفارغة؟ في كلمة أخرى تبين أن الدكتور يقول الشيء ونقيضه فإن هؤلاء المقلدين الذين جعلوا ابن تيمية في رتبة الأنبياء يخالفون ابن تيمية..، هكذا يقرر الدكتور، يخالفونه في مسألة وقع عليها إجماع الأمة ونقل ابن تيمية الإجماع فيها.لاشك أن من يصدر منه ذلك لا يوصف بكونه مقلدا لمن خالفه، ولا بابن تيمية إماما متبوعا لهم فضلا عن أن يكون نبيا معصوما، قال الدكتور: " ومن الادلة على ذلك أنهم لا يأخذون برأيه إذا كان مع الجماعة.. وها هو مثلا يحكي إجماع الصحابة في حكم المرتد، فيتفقون عبر العقود من السنين على مخالفته"اه. وإذا عدنا إلى واقعنا اليوم نجد أن الفئة التي تريد أن تحدث قولا جديدا في حكم المرتد هم من وسموا بالحركيين، فهل هم المرادون فقط بأتباع مدرسة المنار؟؟؟ وهل ندخل العالم المغربي علال الفاسي مع أتباع مدرسة المنار ومن الذين أساؤوا لابن تيمية باعتبار أنه دعا إلى حرية المعتقد؟ وهل نضيف كذلك عابد الجابري باعتباره نادى بتلك الحرية رغم بعده عن الإسلاميين؟؟ وبالمناسة، فإن أكثر الناس دفاعا عما استقر عليه عمل الأمة أربعة عشر قرنا في مسألة حكم المرتد هم التيار السلفي، فلا تكاد تجد في علمائهم من غيّر وبدل في هذه المسألة. كما أن هناك علماء كثر كانوا ينتسبون إلى الحركيين وهم ضد تغيير حكم المرتد، ويقولون بالحكم المقرر منذ قرون كالشيخ العالم فريد الأنصاري رحمه الله. كنت أشرت أعلاه أنني سأرجئ الحديث عن موقف د. الناجي لمين من ابن تيمية في قوله عنه "ليس مردُّه الى عداء شخصي مع هذا العالم"، أي أن ما يحاول بيانه د. الناجي لمين في مقاله هذا: (ابن تيمية أساء إليه مقلدوه) وفي غيره من مقالاته وتدويناته التي يتحدث فيها عن ابن تيمية ليس سببه أنه له عداوة شخصية معه. قلت: غريب أن تصدر هذه العبارة "عداء شخصي" من الدكتور الناجي لمين، وهل عاصرت ابن تيمية يا دكتور حتى تدفع عن نفسك تهمة العداوة الشخصية بينك وبينه، هل يتصور أن يكون بينكما تنافس على أمر دنيوي حتى تدفع عن نفسك الشخصنة والرجل مات منذ قرون، هل يمكن أن يكون بين الحي والميت عداء شخصي؟؟؟ عبارة غامضة توشي بشيء في النفس نسأل الستر والعفو والعافية. على كل حال نقف على موضوع الإساءة لابن تيمية، ففي الحقيقة، هذه هي المسألة التي دفعتني أن أكتب هذا المقال، ولعله سيتبعه مقالات أخرى نتكلم فيها عن عقيدة التجسيم وغيرها من العقائد التي وُصف بها ابن تيمية ظلما وزورا، فيظهر أن بعض الباحثين والدكاترة لهم جهل مركب بعقيدة التجسيم والتشبيه، ولكن حسبي في هذا المقال أن أرفع صوتي قائلا لك يا دكتور: أنت من أساء لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومن اطلع على مقالاتك وتدويناتك يجزم بهذه الحقيقة دون تردد. وليس العيب في أن تخالف ابن تيمية وتصفه بالتجسيم إذا كنت ترى ذلك، فالمُعَطّل يعتقد أن المثبت لصفات الله سبحانه وتعالى دون تشبيه ولا تعطيل مجسم، ولكن العيب بل كل العيب، وأقبح العيب أن تتملص من نسبتك إلى ابن تيمية التجسيم بدعوى أن أتباع مدرسة المنار الوهميين هم من أساؤوا إليه!!!؟ وإليكم أيها القراء الكرام بعض ما كتبه د. الناجي لمين عن شيخ الإسلام ابن تمية وبماذا وصفه مرتبا حسب تاريخ كتابته له على صفحته، وستقفون على حجم الإساءة إلى ابن تيمية، ومن أحق أن يوصف أنه أساء لابن تيمية. قال ذ. الناجي لمين: 1 "هذه نصوص من كتاب الفقه الاكبر للإمام ابي حنيفة تنفي عن الله الجسمية والجوهر والعرض والحد.. والشيخ ابن تيمية يقول: ان ذلك لم ينقل عن السلف. وقد نقله التميمي ايضا عن الامام احمد كما نشرتُه البارحة.."اه 2 "أنكر علي استاذان فاضلان على صفحتي العامة أنني وصفت عثمان بن سعيد الدارمي (وهو ليس صاحب السنن) بالمجسم…، قلت: ثم ساق د. الناحي نصوصا تشير إلى صفات ذاتية أو فعلية لله سبحانه نقلها الدارمي، ثم خلص د. الناجي: "فإذا لم يكن هذا هو التجسيم فما معنى التجسيم؟ والمصيبة انهم ينسبون ذلك الى عقيدة السلف..". قلت: ثم بعد ذلك عرّض بشيخ الإسلام ابن تيمية ونبزه بقوله: "وبالمناسبة إن الشيخ ابن تيمية اعتمد على الدارمي كثيرا.."اه. 3 "أنا هنا ناقِلٌ فقط:يقول الشيخ ابن تيمية: "..حدَّث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون: أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُجلسه ربه على العرش معه. روى ذلك محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد؛ في تفسير: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}. وذكر ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة" اه. 4 "يظهر ان إخواننا الذين لا يرضون في الفقه إلا بالدليل الصحيح الصريح من قول الله أو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنعون في العقيدة بقال فلان وقال علان.. وذلك دفاعا عن عقيدة التجسيم التي نشرها الشيخ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في كتبهما" اه. 5 "لا بد من القضاء على ثقافة القطيع. على إخواني المغاربة. ليست عندي مشكلة مع ابن تيمية ولا مع رشيد رضا.. ولكن عندي مشكلة مع مَن جعلهما في رتبة الأنبياء.." اه. 6 " بعض نقول ابن تيمية في التجسيم…". قلت: ثم قال الدكتور الناجي : "فانظر رحمك الله كيف تساهل مع التجسيم أي ابن تيمية الذي نقله عن هؤلاء المجسمة الذين هم من أهل السلف والحديث عنده. فهؤلاء هم السلف وأهل الحديث الذين ينقل عنهم ابن تيمية، ويتساهل معهم عند ما تزيغ أقلامهم. أما احتجاجه بالكلبي وابن إسحاق فَمِن العجائب الغرائب. والله أعلم". اه. 7 "أتيتُ بكلام للشيخ ابن تيمية فيه التنصيص على تفويض المعنى والكيفية، ثم أتيت بنصوص أخرى تثبت التجسيم، مثل الحركة والانتقال…وكان المفروض ان أناقَش فيما نقلتُه عن ابن تيمية، فإذا ببعض الفضلاء يقولون: قال فلان: ان ابن تيمية شيخ الاسلام، وقال فلان: ان ابن تيمية عالم بحر، وقال فلان: ان ابن تيمية بريء من التجسيم.." اه. قلت: فهذه النقول للدكتور الناجي واضحة في نسبة التجسيم إلى ابن تيمية؛ التجسيم الذي مضمونه أن الله سبحانه وتعالى جسم كباقي الأجسام المخلوقة، وحقيقة من يعتقد هذه العقيدة فإنه يعبد صنما لا ربا منزها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وقد اتفق العلماء أن عقيدة التجسيم بالوصف المذكور آنفا هي عقيدة ضلال وكفر، وهذه بعض أقول أهل العلم: قال نعيم بن حماد الخزاعي وهو شيخ البخاري: "من شبه الله بخلقه، فقد كفر" اه سير أعلام النبلاء ط الرسالة (10/ 610)؛ قال إسحاق بن راهويه: "من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم"اه شرح أبي العز الحنفي الطحاوية (1/ 85)؛ قال أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي السجستاني (المتوفى: 280ه) معقبا على مقالة المريسي الجهمي: "إن كيفية هذه الصفات وتشبيهها بما هو موجود في الخلق خطأ، فإنا لا نقول: إنه خطأ كما قلت، بل هو عندنا كفر" اه من كتابه: نقض على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (1/ 219). قال ابن الجوزي: "والمحفوظ عن أحمد وأمثاله من الأئمة إنما هو تكفير الجهمية والمشبهة" الإيمان الأوسط – ابن الجوزي (ص: 374). يقول الإسفراييني في التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص: 40) عن التجسيم: "وَالْعقل بِأول وهلة يعلم أَن من كَانَت هَذِه مقَالَته لم يكن لَهُ فِي الْإِسْلَام حَظّ" اه. قلت: فعقيدة التجسيم هي كفر وضلال ونعوذ بالله منها ونسبة هذه العقيدة لابن تيمية من أعظم الإساءة له على الإطلاق، وهي التي سعى د. الناجي لمين إلى إلصاقها بشيخ الإسلام ابن تيمية ظلما وزورا؛ مرة بالتلميح ومرة بالتصريح. وسيأتي -إن شاء الله تعالى- في مقالات قادمة الحديث بالتفصيل عما نقله الدكتور من كلام ابن تيمية ظن أن فيه تجسيما، وهو ليس كذلك، ولست أدري هل خطأ الدكتور كان بسبب سوء الفهم أم بسوء القصد نسأل الله أن يصلح نياتنا وقصودنا وأن يستر عيوبنا. ونحن نعلم أن الدكتور الناجي لمين هو مسبوق بهذا الفرية على ابن تيمية، سبقه إلى ذلك من العلماء المتأخرين المتعصبين ابن حجر الهيتمي الشافعي؛ جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: "وقال ابن حجر [الهيتمي]: بل هذا من قبيل رأيهما وضلالهما -أي ابن تيمية وابن القيم-، إذ هو مبني على ما ذهبا إليه وأطالا في الاستدلال له، والحط على أهل السنة في نفيهم له، وهو إثبات الجهة والجسمية لله تعالى، ولهما في هذا المقام من القبائح وسوء الاعتقاد ما تصم عنه الآذان، ويقضى عليه بالزور والبهتان، قبحهما الله وقبح من قال بقولهما…" اه. فيرد صاحب الكتاب أبو الحسن علي الملا القاري (المتوفى: 1014ه) على ابن الحجر الهيتمي: "أقول: صانهما الله عن هذه السمة الشنيعة والنسبة الفظيعة، ومن طالع شرح منازل السائرين لنديم الباري الشيخ عبد الله الأنصاري الحنبلي -قدس الله تعالى سره الجلي- وهو شيخ الإسلام عند الصوفية حال الإطلاق بالاتفاق، تبين له أنهما كانا من أهل السنة والجماعة، بل ومن أولياء هذه الأمة.. وهذا الكلام من شيخ الإسلام يبين مرتبته من السنة، ومقداره في العلم، وأنه بريء مما رماه أعداؤه الجهمية من التشبيه والتمثيل على عاداتهم في رمي أهل الحديث والسنة بذلك…" اه. بل نجد من الذابين عن ابن تيمية الذين يدفعون عنه تهمة التجسيم الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال في تقريظه على الرد الوافر (ص: 14) في حق شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذه تصانيفه طافحة بالرَّدّ على من يقول بالتجسيم والتبري منه" اه قلت: ولو أردت أن أنقل ثناء العلماء أمثال الذهبي وابن كثير وغيرهما في ابن تيمية والاعتراف له بالإمامة في الدين لاحتجت إلى صفحات طوال. وإذا كان الدكتور لمين مسبوقا بالإساءة إلى ابن تيمية ونسبة التجسيم إليه من طرف قلة قليلة من المتعصبين المتأخرين من أهل العلم، فإنه كذلك مسبوق بمن تعصب وركب كبره ورمى ابن تيمية بالتجسيم من المعاصرين كزاهد الكوثري وبعض الغماريين والسقاف.. الذين عرفت الأمة حقدهم على ابن تيمية الذي وصل ببعضهم إلى حد تكفيره، فهنيئا للدكتور بهذه الرفقة. وأخيرا لا يرتاب منصف أن الدكتور الناجي لمين ومن سلك مسلكه هم من أساؤوا إلى ابن تيمية وليس المقلدون له الوهميون أتباع مدرسة المنار.