من دروس انتشار فيروس كورونا والحجر الصحي الذي فرض على عموم الناس بسببه أن نذكر نعمة الله التي كنا نتقلب فيها من الأمن والأمان والرخاء في الوقت الذي كان غيرنا يعيش في شدائد لا يعلم قدرها الا الله، لقد رأينا شيئا يسيرا جدا مما عليه حال الناس في الحروب المنتشره في بقاع الارض من التوجس والخوف والاضطراب.. في ظل هذا الحجر ومنع الناس من التنقل و السفر بل والعمل رأينا شيئا يسيرا مما يمكن أن يعانيه الناس المحاصرون في غزه وغيرها من بلاد المسلمين. لقد رأينا شيئا يسيرا جدا من الخوف، فنحن نخاف من وصول المرض إلينا وإلى أحبابنا وهناك كثيرون يخافون أن تصل إليهم القنابل العنقوديه والصواريخ الباليستيه والبراميل المتفجره، وقذائف المدافع.. لقد رأينا شيئا يسيرا جدا من الحبس، ففي هذا الحجر نحن نرى بيوتنا سجنا لطول المكوث بها، ونحن بين أبنائنا وأحبابنا وعندنا كل شيء مما نحتاجه من وسائل العيش والراحه، وغيرنا مرمي في غياهب السجون ويمارس عليه أشد انواع التعذيب والتنكيل. إن في تعطيل المساجد وصلاة الناس في البيوت لعبرة و تذكير بحال كثير من المسلمين الذين يضطهدون بسبب دينهم كالايغور والروهينغا وغيرهم الذين يمنعون من إظهار شعائر دينهم. لقد كنا في نعم عظيمه غفلنا عن شكرها، فالشكر قيد لهذه النعم وسبب في بقائها بل وفي زيادتها قالى تعالى (وإذ تأذن ربكم لئن شكركم لأزيدنكم) فالشكر قيد للموجود وصيد للمفقود. ايها المسلمون إن حالنا من الإسراف في المعاصي وتضييع الفرائض والواجبات مع وجود هذه النعم يخاف أن يكون من الاستدراج الالهي، وهو سنة كونية، والسنن لا تحابي أحدا. لقد أخبرنا الله عن اقوام ضيعوا فرائض الله وأسرفوا على أنفسهم في المعاصي والمنكرات فابتلاهم الله بلاء شديدا بعدما عاشوا في رخاء ونعم شتى، والسعيد من وعظ بغيره. إذا لم يذكرنا هذا الوباء بربنا فنحن في غفلة لا توصف، بل قد يكون حالنا أسوء من الدواب التي تعقل وتسرح ولا تدري فيما عقلت ولا فيما سرحت، قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: "إن الفاجر يصيبه الله بالبلاء، ثم يعافيه فيكون، كالبعير عقله أهله لا يدري لم عقلوه، ثم أرسلوه فلا يدري لم أرسلوه". إن العاقل لا يمر عليه حال و لا يقدر عليه أمر إلا وله فيه تأمل وفكرة تؤول به إلى ما في خيره وصلاحه. قال الفضل بن سهل : "إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها ، فهي تمحيص للذنوب ، وتعرّض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وتذكير بالنعمة في حال الصحة ، واستدعاء للتوبة ، وحضّ على الصدقة". قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " مصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله".