الأحد 05 أبريل 2015 أشغال اليوم الأول نظمت كلية أصول الدين بتطوان بشراكة مع مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي التابع للرابطة المحمدية للعلماء الأيام الجامعية الهادفة إلى دعم البحث العلمي والتكوين الجامعي في موضوع: "الخلاف الأصولي: أسبابه ومبانيه"، وذلك أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 12- 13-14 جمادى الثانية 1436ه الموافق 31 مارس 1-2 أبريل 2015م برحاب كلية أصول الدين بتطوان. حضر افتتاح هذه الدورة العلمية بالإضافة إلى ثلة من الأساتذة والعلماء المتخصصين من مختلف أنحاء المملكة، ممثلو السلطة المحلية، ومدراء بعض المرافق العمومية. تميزت أشغال الفترة الصباحية التي ترأسها فضيلة العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي لعمالة وجدة بتلاوة آيات بينات من كتاب الله العزيز، بإلقاء كلمات كل من الدكتور محمد الروكي رئيس جامعة القرويين التي عبر فيها عن سعادته بالمشاركة في هذه الدورة العلمية التي ستتدارس موضوعا في غاية الأهمية والخطورة، مركزا على ضرورة الرجوع إلى التراث واستلهام لغته ومدارسه، والدكتور أحمد السرار نيابة عن الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الذي أشار إلى أن الخلاف الأصولي يعتبر إثراء للدرس الأصولي، وسببا في التواصل بين العلماء والباحثين وطلبة العلم، منوها بجهود السيد رئيس جامعة القرويين والسيد عميد الكلية والسيد رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي لتنظيم هذه الأيام الجامعية، أما الدكتور محمد التمسماني عميد كلية أصول الدين بتطوان فرحب في كلمته بالمناسبة بضيوف الكلية من الأساتذة والعلماء والطلبة، معبرا عن سعادته البالغة بحدث احتضان كلية أصول الدين لهذه الأيام الدراسية مبينا أن مناهج التعامل مع التراث تقتضي الحياد والتجرد والأمانة، وأن هذه الأيام الجامعية مناسبة لفتح أسباب الاختلاف الأصولي مع السادة العلماء شاكرا كل من ساهم في تنظيم هذه الدورة، وموضحا أنه تقديرا للانتماء لهذه الكلية بالحفاظ على ثوابت الأمة والوطن قررت كلية أصول الدين أن تكون شخصية هذه الدورة متمثلة في العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة لمساهمته في خدمة الدين والوطن، ولترؤسه كرسي الإمام الإمام القرافي، كما وجه ترحيبا خاصا للدكتور محمد إدعمار رئيس الجماعة الحضرية لتطوان، مشيرا إلى اتفاقية الشراكة والتعاون التي صادقت عليها الكلية مع الجماعة الحضرية، وحضور السيد رئيس الجماعة الحضرية لتطوان افتتاح هذه الدورة -يقول السيد العميد- هو دليل على تفعيلها. أما الدكتور محمد العلمي رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي التابع للرابطة المحمدية للعلماء فعبر في مداخلته بمناسبة افتتاح الدورة عن سعادته البالغة للتنظيم المشترك لهذه الدورة التي ولا شك ستكون مناسبة لفتح أسباب الاختلاف الأصولي مع السادة العلماء داعيا إلى السير على نهج العلماء والابتعاد عن كل أشكال الزيغ والانحراف، أما السيد رئيس المجلس الحضري لتطوان، فعبر عن سروره لحضور مثل هذا اللقاء، مشيرا إلى أن المصادقة على اتفاقية الشراكة والتعاون بين مجلسه وكلية أصول الدين قد تمت بالإجماع، وهذه إشارة على أن تنمية البلاد لا تتم فقط بتشييد وإصلاح الطرقات العامة، بل أيضا بالانخراط في تنمية الإنسان وتغيير سلوكه بإقامة مثل هذه اللقاءات العلمية المتخصصة شاكرا ومرحبا بالجميع. عقب ذلك تدخل الأستاذ زين العابدين الحسيني فأشار إلى أن كلية أصول الدين بتوقيعها لاتفاقية الشراكة والتعاون مع الجماعة الحضرية تكون قد ساهمت في ترسيخ دولة القانون، مشيرا إلى أن العلاقة بين كلية أصول الدين والمجلس البلدي بتطوان هي علاقة قديمة، وأن الكلية حريصة على دور الجماعة الهادف إلى الانفتاح والتواصل على المحيط الخارجي في مجال البحث العلمي. وفي آخر هذه الفترة الصباحية تمت مراسيم تسليم اتفاقية الشراكة والتعاون بين السيد عميد الكلية ورئيس الجماعة الحضرية لتطوان، كما تم تكريم العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة وتسليمه مجموعة من الهدايا التذكارية. الفترة المسائية انطلقت أشغال الفترة المسائية من هذا الملتقى العلمي المتميز "الخلاف الأصولي: أسبابه ومبانيه"، بتكريم الفقيه الأصولي الدكتور مصطفى بنحمزة، وبمناسبة هذا التكريم تفضل السيد رئيس جامعة القرويين الدكتور محمد الروكي بإلقاء شهادته في حق المحتفى به حيث وسم الرجل بالعالم من علماء المغرب الكبار. عقبه تدخل الدكتور مصطفى بنحمزة في موضوع: "تأملات في أصول الفقه المالكي"، حيث ركز في مداخلته على ما يلي: – أهمية المذاهب الفقهية في استقرار الإسلام وحفظ البلدان، فالإسلام بلا مذاهب إسلام بكل المذاهب يقول المتدخل. – ظهور الفقه بظهور الاختلاف بين الأصوليين. – مذهب الإمام مالك هو خلاصة علم من سبقوه من الصحابة والفقهاء السبعة وعلماء المدينة الذين جاء بعدهم. – فقه المغاربة وبعد نظرهم في الأخذ بمذهب الإمام مالك رحمه الله. – دور المذهب المالكي في حفظ رقعة الوطن من التشرذم والتقسيم. الورشة العلمية الأولى: المداخلة الأولى للأستاذ محمد الحناط خريج كلية أصول الدين وأستاذ الثانوي التأهيلي بعنوان: " الأثر الكلامي في الخلاف الأصولي " الذي أشار إلى أربعة مسائل تأسس عليها علم الخلاف الأصولي وهي: التصورات، التكليف، الأدلة والاجتهاد. حيث بدأ بتعريف العلم، فهو بحسب القاضي أبي بكر الباقلاني " معرفة المعلوم على ما هو به "، مشيرا إلى اعتناء الأصوليين بتعريفه لأنه أخذ جنسا في تعريف الفقه والأصول. وركز المتدخل في مداخلته على مسألة جوهرية مفادها أنه بالرغم من الاختلاف الحاصل في حد العلم إلا أن المعرفين له يتفقون على فصل: " القطع و " الجزم "، وعليه فعلم أصول الفقه جزي من كلي العلم، فلا بد إذن من حمل الكلي على جزئيه، فالقطع مراعى في علم أصول الفقه كذلك -يقول المتدخل- مع أن قضاياه فيها القطعي والظني. أيضا فإن هذه المعرفة الجازمة لا بد أن تكون عن دليل. المداخلة الثانية للدكتور عبد القادر بيطار أستاذ التعليم العالي بوجدة، جاءت بعنوان: "أثر القضايا الكلامية في أصول الفقه التأويل والتعليل نموذجا "، حيث أشار الأستاذ الكريم إلى مجموعة مسائل يشترك فيها علم أصول الفقه وعلم أصول الكلام وهي: التأويل والتعليل والتحسين والتقبيح والتكليف بما لا يطاق. العرض الموالي للدكتور جمال علال البختي رئيس مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية في موضوع: "أثر القضايا الكلامية في أصول الفقه: التكليف بما لا يطاق نموذجا"، حيث أشار المتدخل إلى كون الموضوع يرجع إلى علم الكلام وعلم الأصول، وأن النظر فيه يكون من خلال زاويتين: زاوية النظر الميتافيزيقي وزاوية النظر المرتبط بالعمل التطبيقي، مركزا على ثلاثة أنواع مما لا يطاق من التكاليف وهي: المحال الممتنع لذاته والمحال الممتنع لغيره والممتنع العادي. منهيا مداخلته بالحديث عن الخلاف الكلامي بين مدرسة الأشاعرة والمدرسة الماتريدية. عقب ذلك تدخل الأستاذ يوسف احنانة المتخصص في الفكر الأشعري في موضوع: "أثر القضايا الكلامية في أصول الفقه: التحسين والتقبيح نموذجا"، حيث تطرق إلى تعريف الحسن والقبح، مشيرا إلى أنهما تطلقان على الأفعال. ثم تفضل بالإجابة على التساؤل التالي: ما الذي يقبح ويحسن هل الشرع أم العقل؟ مبرزا الخلاف الكلامي بين المعتزلة والأشاعرة في المسألة. أشغال اليوم الثاني انطلقت أشغال اليوم الثاني من الدورة التكوينية "الخلاف الأصولي: أسبابه ومبانيه" بكلمة رئيس الجلسة الدكتور عبد العزيز بلاوي عميد كلية الشريعة بأكادير التي شكر فيها الساهرين على حسن تنظيم هذا الملتقى منبها على أهمية الموضوع وحاجة الناس إلى ذاك العالم الملم والمتبحر في العلوم الإسلامية فاسحا المجال للدكتور محمد جميل أستاذ بكلية الشريعة بأكادير لتقديم عرضه في موضوع: "الدلالات عند الأصوليين: أهميتها ومجالاتها وثمرات الاختلاف فيها"، حيث أشار إلى بعض السيمات الواجب توفرها في طالب العلم منها: تصحيح النية لخدمة العلم، المضي في تحصيل العلم، الدأب في صلة رحم اللسان العربي وإحياء النبل الخلقي الذي كان سائدا عند السلف الصالح، مبينا مفهوم الدلالة باعتبارها الخيط الرابط بين المعاني ومباني الألفاظ، وموضحا أن اختلاف الأصوليين وقع في كثير من المباحث منها: أ- هل اللغة تثبت بالقياس أم لا؟ ب- هل العموم له صيغة، أم لا صيغة له؟ ج- هل العام بعد تخصيصه يعتبر حجة أم لا؟ منهيا عرضه بخاتمة مفادها أن علم الدلالات يختزل في مباحثه الكثير من الخلافات تحتاج إلى مزيد من التحرير والبحث والتحقيق والتدقيق، ومدخلات ذلك تقوى الله والحرص على تحصيل المزيد من العلم. العرض الموالي القاه عميد كلية أصول الدين بتطوان الدكتور محمد التمسماني في موضوع: "الخلاف الأصولي في المذهب المالكي أسبابه وآثاره". استهل السيد العميد عرضه بالإشارة إلى النقط التالية: أهمية الموضوع منهج المالكية في تقرير الخلاف الأصولي منهج المالكية في تدبير الخلاف الأصولي دراسة جملة من المسائل الخلافية في المذهب آثار الخلاف الأصولي في المذهب المالكي بعد ذلك عرج السيد العميد إلى ذكر زبدة مصنفات المالكية في أصول المذهب المالكي، وبعض المصادر المعتمدة في أصول المالكية وكتب الخلاف عندهم، ليدخل في صلب الموضوع بالتطرق إلى منهج علماء أصول المذهب المالكي في تقرير الأحكام ولخصه في التالي: الاستقراء، الترجيح، إرجاع المسألة الأصولية إلى أصلها، ذكر أقوال الغير، الانتصار إلى القول المتبنى. مركزا على جهود علماء المالكية الأصوليين في تدبير الخلاف الأصولي، مشيرا إلى أن الخلاف لا يرفع وإنما يدبر عن طريق: إرجاع المسالك إلى أصولها، تحرير محل النزاع والترجيح. منهيا عرضه بالتطرق إلى أهم أسباب الخلاف الأصولي وهي: تفسير المصطلح، الاختلاف في القياس والإلحاق، الحكاية عن الإمام والتخريج على فروعه، ما يرجع إلى اللغة، ما يرجع إلى فهم النصوص، ما يرجع إلى أصول الدين، ما يرجع إلى الفروع الفقهية. بعد فترة استراحة، بدأت أشغال الورشة العامة الثانية: "أسباب الخلاف الأصولي العائدة إلى علم المنطق ومبحث الدليل"، بعرض الدكتور عبد الحميد العلمي أستاذ بدار الحديث الحسنية بعنوان: "مسالك الدلالة وأثرها في توجيه الخلاف الأصولي"، الذي أكد على أن استدرار المعاني الشرعية من دوالها الفقهية من آكد ما تتطلبه العملية الاجتهادية، لذا بات لزاما على الناظرين في شرع الله أن يستفرغوا الوسع لضبط طرائق العلم بالوحي، ولما كانت معظم التكاليف الشرعية لها استمداد من علم اللغة العربية، فقد أولى حذاق هذه الشريعة ذلك العلم ما يستحق من العناية، واستعانوا على ما هم فيه بالقواعد الخادمة لقضايا المعاني والألفاظ، وعملوا على نشد الأهداف الدلالية باعتماد الأصول السماعية والقياسية القاضية بتوجيه المعاني الإفرادية والتركيبية، وفق ما جرى به العمل عند العرب في عرف لسانها، وطرق تصريف أساليبها، بناء على أن القرآن والسنة لما كانا عربيين لم يكن ينظر فيهما إلا عربي. وركز المتدخل الكريم عرضه بالإشارة إلى مسمى الدلالة ومتعلقاتها عند أهل الأصول والميزان والعربية، ومسألتين الأولى لها تعلق بأثر الدرس الدلالي في توجيه الخلاف الأصولي، والثانية لها ارتباط بتجلية ذلك التوجيه بما يناسب من الشواهد الفقهية. العرض الموالي ألقاه الدكتور محمد المصلح أستاذ الفقه وأصوله بجامعة محمد الأول بوجدة في موضوع: "الخلاف الأصولي وأسبابه في مجال الاجتهاد البياني والتنزيلي". الذي أشار في مقدمة عرضه إلى أن مبحث الاجتهاد بنوعيه البياني والتنزيلي لم تتمخض مقرراته لليقين والقطع، بل يمثل الظن فيها مساحة واسعة، ومن شأن ذلك أن يتيح التفاوت في النظر والاختلاف في الإعمال والتطبيق. ولعل من أهم الحوافز التي تشجع على ركوب متن الاجتهاد رفع المؤاخذة الشرعية عن ممارسة المستجمع لشروطه ووسائله، فللمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد، ومن ثم لم يجد أئمة الإسلام حرجا في الاجتهاد في الشريعة فهما وتنزيلا. وركز الأستاذ الكريم حديثه أيضا على: اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم، اجتهاد الصحابة في عهده رضي الله عنهم، الخطأ والصواب في الاجتهاد، تجزؤ الاجتهاد، تكافؤ الاجتهاد، الترخص بالخلاف، الخروج عن المذهب والتلفيق. عقب ذلك تدخل الدكتور خالد زهري أستاذ باحث بالخزانة الحسنية بالرباط بعرض في موضوع: "المنطق وتجلياته في الدرس الأصولي". الذي قرر في بداية عرضه على أن "فن المنطق" يعد من المبادئ التي يجب الإلمام بها قبل خوض غمار مؤلفات "علم أصول الفقه"، ولهذا افتتحت به كثير من أمهات هذا العلم، ككتاب "المستصفى من علم الأصول" الذي استهله أبو حامد الغزالي ب"مقدمة في الحد والبرهان"، اعتبرها مقدمة ضرورية لفهم مباحث الكتاب ومطالبه، بل قرر فيها أن "من لا يحيط بعلم المنطق، فلا ثقة بعلومه أصلا". بعد ذلك تحدث الأستاذ الكريم عن أهم تجليات الحضور المنطقي في الدرس الأصولي وعد منها ما يلي: الحضور البارز للمعجم المنطقي، اعتماد الضوابط التي وضعها المناطقة في مبحث "القول الشارح" لصناعة التعريفات الأصولية، التوسل بالقواعد المنطقية في تقرير المسائل والقواعد الأصولية، التوسل بالصناعة المنطقية في مناقشة القضايا الخلافية والرد على الخصوم والمخالفين للرأي المعتمد. منهيا كلامه بعرض بعض النماذج التطبيقية للمنطق في الدرس الأصولي مأخوذة من بعض أمهات كتب "أصول الفقه". الفترة المسائية منسق الجلسة الدكتور رشيد كهوس أستاذ السيرة بكلية أصول الدين العرض الأول ألقاه الدكتور محمد اوالسو أستاذ بكلية الشريعة بفاس في موضوع بعنوان: "أسباب الخلاف الأصولي العائدة إلى الألفاظ"، حيث أشار إلى أن الأصوليين عنوا بمباحث الألفاظ أيما عناية ن فحققوا في الدلالات ودققوا في المصطلحات، لذلك تنوعت آراؤهم تبعا لطبيعة الألفاظ اللغوية وذلك وفق الثلاثية التالية: الوضع والحمل والاستعمال. والتي اتصلت بها المصطلحات العشرة – (النسخ، التقديم والتأخير، الإعراب، التعريف، المعارض العقلي، الاشتراك، المجاز، النقل، الاضمار ن التخصيص) – المخلة بقطعية الدلالة، أو بالفهم عند تعارضها، وهي الغمرة العظمى والمغاصة الجلي. وختم الأستاذ الكريم مداخلته بالحديث على المحاور التالية: الخلاف المرتبط بقواعد درء التعارض بين المقدمات العشر. أسباب الخلاف في قواعد العموم والخصوص. الإطلاق والتقييد وبناؤهما على الاعتبار الإضافي. ارتباط الإجمال والبيان بمراتب الدلالات وضوحا وخفاء. الخلاف في الأمر والنهي، وارتباط ذلك بمسمى كل منهما، وصيغة "افعل" أو "لا تفعل" وصلة ذلك بقضية النفسي واللساني. العرض الموالي للدكتور العربي البوهالي عميد كلية العلوم الشرعية بالسمارة، في موضوع بعنوان: "اللبس في المفهوم الاصطلاحي وأثره في الخلاف"، حيث ابتدأ كلامه بالحديث عن علم أصول الفقه الذي يعتبر قانونا يتم بواسطته ضبط عملية الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية للقضايا والمستجدات، وهو ابتكار إسلامي أصيل نشأ عبر تراكمات معرفية ومنهجية مرجعها بالأساس: الكتاب والسنة وما بني عليهما من التصورات والنظريات. لكن بالرغم مما ذكر فهذا العلم يعتريه الخلاف لأسباب كثيرة ذكر منها: اختلاف المرجعيات والمدارس الفكرية للأصوليين، وهي ترجع إما إلى التعدد الدلالي للألفاظ أو ما يؤول إلى اللبس والخلاف في ضبط بعض المفاهيم والمصطلحات. منهيا كلامه بالحديث عن بعض المصطلحات التي كانت سببا في ظهور الخلاف الأصولي من قبيل لفظ "الدليل" و"القطع" و"ظن" و"الواجب" و"الفرض" و"الإجماع" و"إجماع أهل المدينة" و"الاستحسان". الورشة العامة الرابعة: أسباب الخلاف الأصولي العائدة إلى الحكم ومتعلقاته منسق الجلسة الدكتور عبد الله السفياني أستاذ بكلية أصول الدين بتطوان العرض الأول ألقاه الدكتور عبد المجيد محيب أستاذ بدار الحديث الحسنية بالرباط في موضوع: "أسباب الخلاف الأصولي: محور الأحكام الوضعية"، أجمل الأستاذ الكريم أسباب الخلاف الأصولي في مباحث الحكم الوضعي إلى ما يلي: أولا: الخلاف في تحديد المصطلحات والمفاهيم، ومن أمثلة ذلك الخلاف في إدخال الحكم الوضعي ضمن مشمولات الحكم الشرعي، الخلاف في أنواع الحكم الوضعي بناء على الاختلاف في دلالته ومشمولاته، الخلاف في تحديد مفهوم السبب وعلاقته بالعلة والحكمة والخلاف في تحديد مفهوم الصحة والبطلان. ثانيا: من أسباب الخلاف الأصولي: الخلاف الكلامي ثالثا: الخلاف المذهبي وأثره في الخلاف الأصولي رابعا: الخلاف الناتج عن الإغراق في الجانب التنظيري لينهي عرضه بالتنصيص على خلاصات واستنتاجات تبين أهم أسباب الخلاف الأصولي في مباحث الحكم الوضعي ذكرها كالتالي: الخلاف في تحديد المصطلحات والمفاهيم أثر الاستمداد الأصولي في مبحث الحكم الوضعي مدى قوة حضور المذهبية الفقهية أثناء الحديث عن الخلاف الأصولي في مبحث الحكم الوضعي الخلاف الناتج عن الإغراق في الجانب الافتراضي والتنظيري. العرض الثاني ألقاه الدكتور محمد الشنتوف نائب عميد كلية أصول الدين بتطوان في موضوع: "أسباب الخلاف الأصولي العائدة إلى الحكم والحاكم والمحكوم به "، حيث تطرق بالشرح والتحليل إلى مجموعة أمور اعتبرها أسبابا في الخلاف الأصولي من قبيل: الاختلاف بين الأصوليين في تعريف الحكم، الاختلاف بين الأصوليين من المعتزلة والأشاعرة في تقسيم الحكم باعتبار ذاته، الاختلاف بين الأصوليين في رعاية مصالح الناس عند تشريع الأحكام، والاختلاف بين الأصوليين في معرف الحكم ومظهره. العرض الثالث والأخير في هذه الأمسية العلمية المتخصصة ألقاه الدكتور محمد بلحسان أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة في موضوع: "أسباب الخلاف في الحكم التكليفي"، الذي أشار في البداية إلى أهمية الموضوع، باعتبار علم أصول الفقه تأثر بعدة علوم، كعلم الكلام، وعلم اللغة وعلم الحديث وعلم الفقه، حتى إن بعضهم قال فيه: "هو نبذ جمعت من علوم متفرقة". عارضا لمجموعة من القضايا الخلافية منها: هل الحكم خطاب الله تعالى أم هو كلامه القديم الأزلي؟ الواجب المخير وهو مرتبط بالتحسين والتقبيح العقليين هل المباح مأمور به أم لا؟ هل الفرض هو الواجب هل الحكم الشرعي هو خطاب الله أم لا؟ وعقب ذلك تم فتح باب المناقشة أمام السادة الحاضرين من أساتذة وطلبة، فأبانت تساؤلاتهم واستفساراتهم عن إلمام عميق ومتبصر بمبحث من أهم مباحث الدراسات الأصولية. أشغال اليوم الثالث الورشة العامة الخامسة: "أسباب الخلاف الأصولي العائدة للنص الشرعي رواية وأداء وإجماعا". منسق الجلسة الدكتور الأمين اقريوار أستاذ بكلية أصول الدين بتطوان العرض الأول ألقاه الدكتور الجيلالي المريني أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، في موضوع: "أسباب الخلاف الأصولي العائدة إلى النص الشرعي رواية وأداء". حيث تطرق إلى أحد عشر مبنى لخلاف الأصوليين في مباحث الكتاب وهي: البسملة ما نقل آحادا القراءة الشاذة المتشابهات الواردة في القرآن لا يجوز أن يرد في الكتاب والسنة ما يعني به غير ظاهره إلا بدليل يبين المراد كما في العام المخصوص بمتأخر خلافا للمرجئة هل بقي المجمل في الكتاب والسنة غير مبين الأوضاع اللغوية هل تفيد الظن فقط، أو يمكن أن تفيد القطع أيضا؟ نسخ السنة بالكتاب لا يخرج السنة عن كونها بيانا الزيادة على النص هل تقتضي زوال أمر أم لا؟ إثبات النسخ بخبر الواحد إذا أخبر به صحابي مسألة الخبر من الشارع، هل يدخله النسخ أم لا؟ المداخلة الموالية للدكتور محمد السرار أستاذ بكلية الشريعة بفاس في موضوع: " أسباب الخلاف الأصولي العائدة للنص الشرعي رواية وأداء: السنة الشريفة " الذي أشار إلى أن مباحث أصول الفقه تنقسم إلى قسمين: قسم تضمن مباحث استبد بها وانفرد ببحث قضاياها وتقرير مسائلها كغالب مسائل الإجماع والقياس وقسم توارد فيها هذا العلم مع علوم أخرى ككثير من المباحث المتعلقة بأصل "الكتاب العزيز"، بعد ذلك أشار المتدخل الكريم إلى قسم المباحث التي اشترك في تناولها الأصوليون والمحدثون وهي على قسمين: قسم يتعلق بنقل الخبر وطرائق تحمله وأدائه ورواته وما يعرض لهم من جرح وتعديل وأقسام المروي باعتبار عدد نقلته ونحو هذا. وقسم يتعلق بدلالة السنة. عقب ذلك تدخل الدكتور محمد العلمي رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي في موضوع: "جملة من مباني الخلاف في قواعد الإجماع عند الأصوليين" الذي ركز في عرضه على أهم مباني الخلاف في مسائل الإجماع مصنفة كالتالي: ما بني على معنى الإجماع، ما بني على الخلاف في أهل الإجماع، ما بني على الدليل العقلي والشرعي وعوارضه، ما يدل على الحكم الذي يحصل الإجماع باتفاق أهله، ما ينبني على الخلاف في مسند الإجماع، ما بني على مسائل الإجماع، ما بني على مسائل الاجتهاد و ما بني على التعارض والترجيح. الفترة المسائية الورشة العامة السادسة: "أسباب الخلاف الأصولي في مباحث الاستدلال والاجتهاد". منسق الورشة الدكتور إبراهيم إمونن أستاذ بكلية أصول الدين بتطوان العرض الأول ألقاه الدكتور عبد الرحيم الأمين أستاذ بكلية الحقوق، جامعة محمد الخامس اكدال الرباط في موضوع: "أسباب الخلاف الأصولي في مباحث القياس". حيث حدد في البداية مفهوم القياس الأصولي، فهو حسب تعريف القاضي أبي بكر الباقلاني: "حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما في حكم أو صفة"، مما يعني أن القياس الأصولي هو الاستدلال بجزئي ثابت الحكم، على جزئي غير ثابت الحكم وهو المصطلح عليه بالقياس الشرعي ويسميه المناطقة بالقياس التمثيلي وهو عندهم ظني شأنه شأن الاستقراء الذي هو الاستدلال بالجزئي على الكلي. وناقش المتدخل الكريم في عرضه أهم القواعد الأصولية الخلافية ذات العلاقة بمبحث القياس سواء من حيث أسباب هذا الاختلاف أو آثاره بداية بحجية القياس ثم صحته فعلاقته بالأدلة الشرعية الأخرى. بعد ذلك تدخل الدكتور أحمد مونة أستاذ علم أصول الفقه بكلية أصول الدين بتطوان بعرض بعنوان: "أسباب الخلاف الأصولي العائدة إلى المنطق"، الذي أشار إلى أنه بالرغم من تباين المنهجية المنطقية وتعددها لدى علماء الإسلام التي تتراوح عموما بين التأييد التام "الإمام الغزالي"، وموقف الاعتراض المطلق "الإمام ابن الصلاح والإمام النووي" وموقف التوسط بين الموقفين الذي يمثله الشيخ عبد الرحمن الأخضري، فإن ذلك لم يحل دون تغلغل هذه المنهجية في ثنايا العلوم الإسلامية وعلى وجه الخصوص في علم الأصول. وقد عمل المتدخل المحترم في عرضه على بيان أنماط حضور المنهجية المنطقية في ثنايا الدرس الأصولي في بناء المواقف العلمية لدى فئة من علماء الأصول، أخذت بأسباب هذه المنهجية، كما حاول في سياق عرضه على التدليل على دعوى استناد النظر الفقهي في بعض مجاريه على نظر أصولي متشبع بالروح المنطقية على شرط البرهان، وذلك من خلال التوسل بأمثلة دالة على هذا الضرب من التناول في مجال الدرس الأصولي. أما الدكتور عبد الرحمان القاطي أستاذ علم المقاصد بكلية أصول الدين فتضمن عرضه الذي جاء بعنوان " الخلاف الأصولي الراجع إلى مقاصد الشريعة " الإشارة إلى المحاور التالية: المقدمات ذات الصلة بالموضوع. اشتراط المقاصد في الاجتهاد مركزا على خمسة أوجه للاختلاف الراجعة إلى مقاصد الشريعة وهي: 1/ الاختلاف الراجع إلى فهم مقاصد الخطاب. 2/ الاختلاف الراجع إلى فهم مقاصد الحكم. 3/ الاختلاف الراجع إلى تبين الكليات القطعية وترتيبها وحصرها. 4/ الاختلاف الراجع إلى تبين طرق المقاصد. 5/ الاختلاف الراجع إلى اضطراد المقاصد في الاجتهاد. العرض الموالي ألقاه الدكتور مولود السريري فقيه وأصولي من ورثة العلوم الشرعية واللغوية بسوس في موضوع: "الاستدلال وأسباب الاختلاف في حجيته". حيث ابتدأ عرضه بتعريف الاستدلال فهو دليل شرعي ليس بنص ولا إجماع ولا قياس ن فهو بذلك دليل ملحق بالأصول الفقهية المتفق عليها، وذلك لخصوصية قامت به، فاقتضت ذلك، وهي كونه "معنى مشعرا بالحكم الشرعي مناسبا له فيما يقتضيه الفكر العقلي". بعذ ذلك عرض لمسائل الخلاف الأصولي في مباحث الاستدلال والاجتهاد وأسبابه مبرزا أنها على ضربين: أحدهما أسباب عامة وأهمها اثنان أحدهما الاختلاف في مسائل الأدلة من حيث التوسيع لها والتضييق، وثانيهما الاختلاف في ثبوت الاتصال والاستناد غلى الدليل العقلي الذي هو العمدة فيما يؤتى أو يدر من الأمور الشرعية. بعد ذلك تقدم الدكتور زيد بوشعراء أستاذ بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة في موضوع: "البحث المقاصدي: مرتكزات وأنواع"، حيث تضمنت مداخلته العناصر التالية العنصر الأول وتضمن الإشارة إلى علمية مقاصد الشريعة، مقاصد الشريعة وحاجتها إلى العلوم الأخرى، حاجة الباحث إلى العلوم ذات الصلة حساسية البحث المقاصدي والتحفظ العلمي. العنصر الثاني: أنواع البحث المقاصدي الذي تناول الحديث عن البحث المقاصدي المصطلحي، البحث المقاصدي الاستنباطي، البحث المقاصدي التقعيدي، البحث المقاصدي التأصيلي، البحث المقاصدي الإعمالي. العصر الثالث نظرات في الدراسات المقاصدية المعاصرة، وتطرق بالحديث إلى الدراسات الإفتائية والدراسات الأكاديمية والدراسات التدافعية. العرض الأخير في هذه الأمسية للدكتور ناجي لمين أستاذ بدار الحديث الحسنية بالرباط في موضوع: "استقراء أصول الأئمة ومصادرها الأولى"، حيث ابتدأ عرضه بالإشارة إلى كون أئمة المذاهب لم يدونوا أصولهم في كتاب، ولا حرصوا على إملائها على تلامذتهم والمأثور عنهم أراء في الفقه قد يذكرونها بدليلها وقد يذكرونها مجرة عن الدليل، وما هو موجود في بعض المؤلفات الأصولية من الحديث عن أصول مالك وأبي حنيفة وغيرهما معظمه مستنبط من آرائهم الفقهية. عارضا لمجموعة من المصادر الأولى التي من خلالها تم التعرف على أصول أصحاب المذاهب الفقهية وهي كتب تحتوي على نتف من أصول الفقه. وقبل رفع أشغال اليوم الختامي لهذه الدورة العلمية المتخصصة، ألقيت مجموعة من الكلمات في حق الدورة والأهداف التي حققتها ونسجل هنا كلمة كل من الدكتور محمد الشنتوف نائب عميد الكلية ن وكلمة الطالب الباحث محمد شابون وكلمة محمد العلمي عن الرابطة المحمدية للعلماء وكلمة زين العابدين الحسيني الأستاذ بكلية أصول الدين. وقد أجمعت جميعها على تحقيق هذه الدورة للنتائج المرجوة. تكريم شخصية الدورة: العالم الفقيه الأصولي صاحب كرسي الإمام القرافي الدكتور مصطفى بنحمزة تميز حفل تكريم شخصية الدورة العلمية: "الخلاف الأصولي: أسبابه ومبانيه"، بكلمة مؤثرة ألقاها فضيلة العلامة الدكتور محمد الروكي رئيس جامعة القرويين في حق الأستاذ مصطفى بنحمزة، حيث وسمه بالرجل المتخصص في الأصول والمجاز في اللغة العربية وآدابها، فهو قد جمع سؤدد العلم من طرفين: علوم الشريعة وعلوم اللغة العربية. وأضاف أيضا أنه يعرفه منذ بداية السبعينات حيث تشاركا تحصيل العلم والدراسة بكلية الشريعة، ومنذ ذلك الوقت لم يعرف عنه سوى الجد والإقبال على ما ينفع دون المضي إلى العبث أو اللهو، حيث ارتسمت في مخيلته منذ ذلك الوقت صورة طيبة عن هذا الرجل الذي إذا تكلم فإنما يتكلم بصدق وإذا ناقش أو عقب فإنما يتكلم عن غيرة على الدين والوطن وهو الذي قال يضيف السيد الرئيس قبل تكريمه في جامعة القرويين: "لولا القرويين لما وجدت من يقول لا إله إلا الله في هذا الوطن". أما شهادة الدكتور محمد التمسماني عميد كلية أصول الدين بتطوان في حق هذه الشخصية العلمية المرموقة التي تحظى بشرف التكريم والاحتفاء في هذا اليوم المبارك، فجاء فيها أن احتفاء الأمة بتراثها وتكريمها لعلمائها وصلحائها إنما هو دليل على وفاء الأمة وتقدمها، "فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله" كما في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلية أصول الدين لتسعد اليوم بمناسبة هذه الدورة العلمية المتخصصة بتكريم علم من أعلام الأمة في هذا العصر، وأحد أعلامها ورجالاتها الكبار. وتكريم هذا العالم الرباني المعروف بأرائه ومواقفه النيرة هو تكريم لثقافة الوسطية والاعتدال وثقافة الحوار واحترام الآخر عقب ذلك تسلم المحتفى به مجموعة من الهدايا الرمزية أولاها ذرع كلية أصول الدين. (المصدر: موقع كلية الدين بتطوان)