المشاهدات: 1٬099 هوية بريس – إبراهيم بيدون الأحد 29 مارس 2015 احتضنت مؤسسة محمد السادس للتربية والتكوين بالرباط يوم الأربعاء 25 مارس 2015، ندوة علمية تحت عنوان: «حق الجنين في الحياة: أية مقاربة»، نظمتها «الجمعية المغربية للدفاع عن الحق في الحياة». في أول الندوة تم عرض فيلم مؤثر لطبيب أمريكي كان يدافع بقوة عن تقنين الإجهاض في بلاده، ثم سرعان ما سار انقلب رأسا على عقب وصار من أشرس مناهضي الإجهاض، والمدافعين عن حق الجنين في الحياة، وذلك بعد أن رأى بعينيه مشهد هروب الجنين داخل الكيس السلوي من الآلة التي يشفط بها في عملية الإجهاض. بعده نبهت الدكتورة عائشة فضلي رئيسة الجمعية المنظمة في كلمتها الافتتاحية، إلى أن الندوة تأتي في سياق النقاش الدائر حول قضية «تقنين الإجهاض»، وأن هناك فريقا يدعو لتقنين الإجهاض في حالة الضرورة القصوى، وفريق آخر يدعو إلى تحريره مطلقا باستغلال حالات شاذة، والاعتماد عليها. وفي نظر القائمين على الجمعية فتقنين الإجهاض يخالف حماية حق الجنين في الحياة، وأنه سيتسبب في توسيع دائرة المقبلات على عمليات الإجهاض كما أنه سيشجع على ارتكاب فاحشة الزنا. ثم مثلت بعدد من الدول التي قننته ما تسبب في ارتفاع خطير في معدلاته مثل فرنسا. وأشارت دة. فضلي إلى أن الغرب ينطلق من منظومته اللادينية بخلاف الدول الإسلامية، فإن للجنين والأم الحامل أحكاما في الشريعة الإسلامية. وحذرت الأطباء الذين يقومون بعمليات الإجهاض، لأنهم حسب قولها: «يشاركون في جرائم قتل، ويسهمون في عملية تطهير للعرق البشري». كما خطأت مقولة: «الإجهاض الآمن»، واعتبرتها مقولة مغررة، لأنه «لم يكن يوما ما الإجهاض عملية آمنة». وأكدت عائشة فضلي أن الدول التي قننت الإجهاض سابقا بدأت تعاني من فوضاه، وأن عقلاءها صاروا يؤسسون الجمعيات من أجل تقديم مشاريع قوانين للمطالبة بمنعه، وأما بعض دول أمريكا اللاتينية التي كانت تبيحه فقد تراجعت عن ذلك. وعن محاور الندوة الكبرى قالت فضلي؛ أن الندوة ستتناول المحور الطبي، بالإضافة إلى المحور الشرعي والقانوني. بعدها أخذ الكلمة الدكتور محمد الصاوي، أخصائي في طب وجراحة الأجنة بفرنسا، ومن خلال موضوع: «الإجهاض، القضايا المفتعلة والخطر القادم»، تطرق إلى مختلف التشوهات الجنينية، منبها إلى أن أغلب التشوهات الجنينية لها علاج في وقتنا ولا داعي للإجهاض، أو إيقاف الحمل، وقد يكون هناك خطأ في التشخيص. وعن توافق العلم الحديث مع كلام الله عز وجل، ذكر قوله سبحانه وتعالى: «هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء» وعلق عليها بأن الله قال التصوير هنا ولم يقل فقط الخلق، وأشار إلى آيات الأطوار التي يمر بها الجنين. ومن جانبها، تحدثت الدكتورة عائشة وداع (طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة)، عن أن البويضة قبل أن تخصب فيها حياة، ونموها قبل أن ينضج يحتاج سنوات، وأن من الوسائل التقليدية التي يتم قتل الجنين بها: استنشاق الكحول واستعمال وسائل طبيعية لإسقاط الجنين، وقالت إن أي إجهاض له مضاعفاته كيفما كان. وذكرت بأن الحكم الشرعي للإجهاض بالنسبة إليها معلوم وهو الحرمة، ولا اجتهاد مع النص، وعن ذلك عرضت على الحضور شريطا مصورا يقرأ فيه المقرئ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله، قوله تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» (المؤمنون)؛ مع عرض صور لنمو الجنين طورا طورا. كما أنها وبحكم عملها احتكت بالعديد من حالات حمل غير شرعية، أخبرتها فيها الحامل بأنها ترغب بالاحتفاظ بجنينها، كما أن نساء متزوجات يردن الخضوع للإجهاض، وأضافت متأسفة: «تراجع عدد الولادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وهو ما يهدد النمو الديمغرافي لبلدنا». ومن جانبها، قالت الدكتورة منى خرماش، طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة للحضور: «نحن أطباء نرفض أن نكون قتلة بالأجرة»، مؤكدة أن الإجهاض قضية طبية أريد لها أن تصير قضية مجتمعية. وأضافت أن 205 مليون حمل في العالم يقع سنويا وأن ثلثه غير مرغوب فيه، و20% ينتهي بإجهاض محض. ثم ذكرت أنواعا من الأعراض العضوية الخطيرة التي تتعرض لها المرأة التي تخضع للإجهاض، بالإضافة إلى النفسية، قبل أن تتكلم عن الطرق الطبية المستعملة في عمليات الإجهاض كالتسميم عن طريق الملح أو بشفطه بعدة آلات كلها تسبب آلاما للأم، وكذلك للجنين. ومن مضاعفات الإجهاض على صحة المرأة: مضاعفات التخدير، والنزيف، وثقب في الرحم، وثقب في المتانة والأمعاء، بالإضافة إلى تمزيق عنق الرحم، وسرطانات عنق الرحم والمبايض والكبد، وسرطان الثدي، وتعفن الرحم، وارتفاع نسبة العقم، ومضاعفات نفسية عقلية كتعاطي المخدرات، والانتحار. وعن مقولة أن تقنين الإجهاض يخفض من عدد حالات وفيات الأمهات، قالت الدكتورة حنان الإدريسي أن السبب الحقيقي في ذلك هو تحسن الخدمات الطبية، وليس تقنين الإجهاض. واعتبرت أن الإجهاض جريمة في حق الأجنة، وأن الإجهاض عنف جسدي ونفسي ضد المرأة. كما وصفت تقنين الإجهاض بالتجارة المربحة، وأنه سيوفر الغطاء القانوني للأطباء وللوبيات عديمي الضمير، كما سيزيد من العلاقات غير الشرعية. ودعت الدولة إلى معاقبة الشرايبي الذي يروج لأرقام خيالية للإجهاض في المغرب، معتبرة ذلك تحريضا على الإجهاض. ورفضت التلاعب بمشاعر الناس من خلال الحديث عن حالات شاذة واستثنائية. وفي عرضها ذكرت بعض الإحصائيات الدولية التي تبين خطر تقنين الإجهاض، وأن أطباء كانوا مع الإجهاض، وهم الآن من أشرس المحاربين له. وركزت دة. الإدريسي في مداخلتها على التذكير بأن التحديات التي ينبغي الاهتمام بها هي تحسين جودة الخدمات الصحية من خلال تحسين لبنيات التحتية للمجال الصحي (خصاص 3000 طبيب و7000 ممرض) خصوصا في البوادي. كما أنه علينا الاهتمام بمشاكل يعيشها المجتمع أخطر من الإجهاض، مثل آفة الإدمان، وظاهرة انتشار العلاقات المحرمة.. وأما الدكتور سعد الدين العثماني فقد ذهب إلى ضرورة إيجاد حل لبعض الحالات المعروضة للنقاش، وذلك عن طريق إيجاد توازن بين الاجتهادات الفقهية وحاجات الواقع والتطور القانوني، مع ضرورة «السماح قانونا بما هو مسموح به فقها». وركز التهامي القايدي الأستاذ الجامعي ومدير مجلة البحوث الفقهية والقانونية على الجانب القانوني، وأكد على أن إجهاض الجنين في بطن أمه جريمة قتل قائمة والطبيب هو القاتل الذي يعاقب جنائيا. وتساءل القايدي لماذا يحدث الفصل 453 كل هذه الضجة المفتعلة في العالمين العربي والإسلامي فقط؟ وطالب القايدي بإعادة النظر في الفصل الذي لا يقر متابعة الطبيب جنائيا متى ما ثبت أن الإجهاض الذي قام به لا يضر صحة المرأة، لأنه وفق ذ. القايدي فإن: «الطبيب ليس معالجا للوضعية الاجتماعية، فهو منقذ للحياة ولا يمكنه أن يكون قاتلا». وقال القايدي إن المتحدثين اليوم عن الإجهاض اكتفوا بالحديث على زنا المحارم والاغتصاب وتم السكوت عن حمل السفاح، متسائلا عن عدد حالات الحمل بالمغرب التي يتسبب بها الاغتصاب وزنا المحارم، حتى تتم معالجة الفصل الجنائي علاجا سليما مع بعض الحالات الشاذة التي قد تكون مقبولة.