أجمع عدد من أطباء أمراض النساء والتوليد المغاربة، أن المدافعين عن حق المرأة في الإجهاض يمارسون في حقها إجراما شنيعا، مؤكدين أن دورهم متجَلٍّ في إنقاذ الأرواح والحفاظ على الحياة، وليسوا مسخرين للقتل باسم القانون ومقابل دريهمات معدودة. " لا تطلبوا منا حل مشاكل المجتمع مقابل حفنة من المال، نحن أطباء أقسمنا على حماية الحياة ولسنا قتلة"، يقول الأطباء المشاركون في ندوة علمية من تنظيم الجمعية المغربية للدفاع عن الحق في الحياة، مساء يوم الأربعاء بالرباط، مشددين على أن القول بكون تقنين الإجهاض يساهم في خفض وفيات الأمهات "ضرب من العبث". وأن سبب انخفاض الوفيات هو توفير الخدمات الطبية المتقدمة وليس التقنين. تمزيق وأمراض وأفصحت الدكتورة منى خرماش المتخصصة في أمراض النساء والتوليد بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، أن حالات الحمل المرصودة سنويا تقدر ب 205 مليون حمل ثلثها غير مرغوب فيه وأن 20 بالمئة منها ينتهي بإجهاض محرض، وأن 90بالمئة من حالات الإجهاض تتم في الأثلوث الأول من الحمل. وأوضحت الدكتورة التي كانت تتحدث خلال الندوة العلمية حول " حق الجنين في الحياة : أية مقاربة"، أن الإجهاض يتم عبر " شفط الجنين من داخل الرحم عبر استعمال أنبوب حاد حيث يتم تمزيق الجنين الحي إلى أجزاء ويكشط ثم يرمى في الأزبال" وفق تعبير المتحدثة، أو عبر استعمال الملح المسمم الذي يحقن داخل الرحم ويسبب حروق الطبقة الخارجية للجلد والأعضاء الداخلية ويقتل الجنين بعد ساعات من العذاب. وأبرزت المتحدثة أن الإجهاض يتسبب في مضاعفات بعيدة المدى كسرطان عنق الرحم والمبايض والكبد حيث ترتفع نسبة الإصابة بالسرطان إلى ثلاثة أضعاف بعد الإجهاض، زيادة على ارتفاع نسبة العقم والحمل خارج الرحم، مبرزة أن الإجهاض المقنن خامس مسبب لوفيات الأمهات في الولاياتالمتحدة وكذلك في السويد وفق أرقام ومعطيات دراسات طبية. نفس الرأي سارت إليه الطبيبة حنان الإدريسي التي اعتبرت أن الإجهاض جريمة في حق الأجنة الإجهاض وعنف جسدي ونفسي ضد المرأة. واصفة الإجهاض بالتجارة المربحة يعمل تقنينها على توفير الغطاء القانوني للأطباء واللوبيات عديمي الضمير كما سيزيد من العلاقات غير الشرعية. من جهتها، ترى الدكتورة عائشة وداع، أن تجربتها المهنية داخل مصحة ابن مسيك للولادة بالبيضاء، مكنتها من الاحتكاك مع أمهات عازبات يؤكدن رغبتهن في الاحتفاظ بأجنتهن مقابل زوجات مغربيات يرغبن بالإجهاض بسبب الحمل غير المرغوب، موضحة أن عددا من المشاكل الصحية الكبيرة تتسبب فيها عمليات الإجهاض باعتبارها عمليات غير آمنة واصفة إياها بالخطيرة والمتسببة بمآس صحية ومضاعفات على المدى القريب والبعيد. حاجات الواقع إلى ذلك، حرص الدكتور سعد الدين العثماني، على طمأنة المتدخلين والمحاضرين إلى أن تعديلات القانون الجنائي المرتبطة بالإجهاض ستتم في إطار الشريعة الإسلامية وبمشاركة المجلس العلمي الأعلى، موضحا أن الهدف من النقاش هو إيجاد توازن بين الاجتهادات الفقهية وحاجات الواقع والتطور القانوني، ومعتقدا بضرورة السماح قانونا بما هو مسموح به فقها. وأبرز المتحدث خلال الندوة التي تم تسييرها من طرف رئيسة الجمعية الدكتورة عائشة فضلي، آراء الفقهاء المالكية والأحناف والشافعية والحنابلة قبل نفخ الروح، مشيرا إلى حق بعض الحالات القليلة الشاذة داخل المجتمع في فتح النقاش من أجلها، مستعرضا الحالات التي يعتقد بإمكانية إباحة إجهاضها متمثلة في الاغتصاب وزنا المحارم والمرض العقلي الشديد والتشوهات الخلقية والأمراض الجينية. ضجة الفصل453 ومن وجهة نظر قانونية، قال التهامي القايدي إن القانون الجنائي عبر العالم يقر بأن إجهاض الجنين في بطن أمه جريمة قتل قائمة والطبيب هو القاتل الذي يعاقب جنائيا. ويرى المتحدث أن الفصل 453 الذي أحدث ضجة مفتعلة لا يرى لها صدى في العالمين العربي والإسلامي، مطالبا بإعادة النظر في الفصل الذي لا يقر متابعة الطبيب جنائيا متى ما تبت أن الإجهاض الذي قام به لا يضر صحة المرأة " الطبيب ليس معالجا للوضعية الاجتماعية، هو منقذ للحياة ولا يمكنه أن يكون قاتلا" يقول الأستاذ الجامعي ومدير مجلة البحوث الفقهية والقانونية. واعتبر القايدي أن تحرير الإجهاض كفيل بتكريس الصورة النمطية الملتصقة بالمغربيات بالبلدان العربية، معربا عن احترامه الكبير للمغربيات العفيفات، وذهب إلى القول بأن المغربيات ببعض الدول سيتمادين في أفعالهن بسبب تعديل قانون الإجهاض، هذا الأخير الذي سيبقى سريا لدي بعض الأسر المحافظة بالمغرب. وقال القايدي إن المتحدثين اليوم عن الإجهاض اكتفوا بالحديث على زنا المحارم والاغتصاب وتم السكوت عن الحمل بالسفاح، متسائلا عن عدد حالات الحمل بالمغرب التي يتسبب بها الاغتصاب وزنا المحارم، حتى تتم معالجة الفصل الجنائي علاجا سليما مع بعض الحالات الشاذة التي قد تكون مقبولة. كما يرى المتحدث أن هذا الموضوع لا تقرر فيها الأحزاب ولا الحكومة ولكنه من تخصص المجلس العلمي الأعلى المفروض بحثه عن فتوى وجواب بطريقته الخاصة. مشددا على أن المنظومة الصحية لا علاقة لها بالتقنين بل الإنقاذ والعلاج.