– هوية بريس قهره المصلون.. وأزعجته أبواق المساجد وعمارتُها.. وفتّت كبده روحانيات رمضان.. وأقضت مضجعه شعائر الأضحية في شهر الله الحرام.. إنه يشعر بالضيق ولا يكاد يتنفس في هذا الجو الإيماني الذي يعلَى فيه اسم الله، ويرتفع فيه منسوب الإيمان.. "عصيد" يكاد يختنق.. ولم يعد يرى سوى "التخلف" يحيط به من كل جانب، و"المتطرفون" يستغلون الوضع ليفرضوا عضلاتهم، والمواطنون انغمسوا في النفاق، والدولة تتواطؤ معهم، وتسمح لهم بالصلاة في الشوارع والطرقات، وتفتح في وجوههم المصليات.. فهي بالنسبة له منافقة ذات وجهين لأنها لم تدخل في العلمانية على الوجه الذي يراه.. وباعتباره غيورا "جدا" على حق المواطن في الكرامة وحرية التنقل والتجوال، فبعد رمضان، وبعد أن تطلق الشياطين من أصفادها، لن تسمع له صوتا حين تقطع جماهير "موازين" الشوارع والطرقات، بل سيشيد بأجواء الفرح والبهجة والسرور التي عمّت الأرجاء، وثقافة الانفتاح والتسامح التي مدّ قنطرتها الفنُّ ومغرب الثقافات.. بكل اختصار "عصيد" شخص كسول لا يقدم للمجتمع خدمة أو مصلحة سوى انتقاد كل جميل وتلميع كل خبيث، بدعوى أنه "مثقف" دوره هو النقد، ولا أدري من خلع عليه هذا اللقب، ومن أعطاه هاته الصفة التي ما فتئ يتفاخر بها، وما هو إلا رجع صدى لأيديولوجية فاشلة وطرح بائد، وببغاء يكرر كلاما ممجوجا، ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب نفسه يحسن صنعا.. لم يفلح حتى في الامتثال للقيم اللادينية التي صدع آذاننا بالدعوة إليها. شخص يعيش على الهامش خارج سياق المجتمع، يعاني الاحتقان وداء كراهية الآخر، مارس العنف والاضطهاد على امرأة من بني فكره، لا لشيء سوى لأنها خالفت رأيه. يحاول البقاء على قيد الحياة بالاقتيات على الدين، والعزف على وتر تعشقه المنابر الإعلامية والجهات المانحة، جل كلامه منصب على مهاجمة العلماء والفقهاء والعبادات والأحكام الشرعية والمساجد والمصلين.. ثم بعد كل هذا يصف العلماء والدعاة بالفشلة والضالين، طيب؛ ماداموا كذلك فلماذا يوليهم كل هذه العناية ويصر في كل مناسبة على مهاجمتهم وتنفيس غيظه اتجاههم؟ العلماء ماضون في طريقهم وأداء رسالتهم، والفشل والضلال لصيقان بدعاة الكراهية ومثيري الفتن المشككين في العقائد والقيم؛ كما سبق وشهد "عصيد" على نفسه بذلك في عقد الإله ياكوش.