الأربعاء 21 يناير 2015 مشكلتي مع تصريحات د. مرسي ليست في الحقائق التي سردها ولا في سوء إدارته الأزمة فأنا وغيري نعلم ذلك من قبل أن يتكلم مرسي. مشكلتي مع د. مرسي أنه تكلم كلاما سلبيا لا يضمن تعاطف المخدوعين معه من المعسكر المضاد بل يؤدي إلى إضعاف معسكره وانفضاض عدد من مؤيديه من حوله كما نرى الآن على مواقع التواصل وقبل أيام من مظاهرات يُنتظر أن تكون حاشدة. مشكلة الدكتور مرسي دائما في التوقيت. وبعد دراسة متأنية للوضع، أقولها وبكل صراحة: لم تكن المشكلة في أن مرسي لم يعتقل فلانا (ذلك لأن المؤسسات لم تكن ستطيعه) ولا لكونه لم يُقِل فلانا (لأن كل اتصالاته وهمساته في القصر كانت مرصودة ومراقبة ولم يكن بوسعه أن يتحرك خطوة إلا بعلمهم، ولأنني أؤمن أن مرسي لم يطح بطنطاوي، وإنما أطاح المجلس بطنطاوي وعنان لضرورة خلو المشهد الجديد من الوجوه المرتبطة بماسبيرو ومحمد محمود بغرض التهيئة للتحالف الجديد مع ما يسمى بالقوى المدنية في سبيل الإطاحة بمرسي). مشكلة مرسي أنه لم يخرج على الناس منذ الأيام الأولى ليكشف المؤامرات والتجسس الذي يتعرض له وتتعرض له الثورة، معلنًا استقالته على الهواء مباشرة ونزوله ميدان التحرير. لكن هذا لم يكن ليفعله إلا رئيس ثوري. وجماعة الإخوان لا تمتلك هذا الرئيس. جميعكم يعرف موقفي من مقاطعة الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة والتصويت لمرسي مرغما في الجولة الثانية أمام شفيق. جميعكم يعلم أنني صاحب مقال ليس الإسلام وليس الحل في عهد. مرسي والذي انتقدت فيه الجماعة بشدة. بعضكم لا يزال يراني سببا في التحريض ضد. مرسي رغم أنني لم أدع قط للخروج ضده بل قاومت دعوات 30 يونيو. والبعض الآخر ممن كان ينقم عليَّ هجومي القديم اعتبر ذلك إنصافا مني بعد أن رأى موقفي من الانقلاب وأنني لم أبغ سوى إصلاح المسار. أقول هذا لأؤكد أنني لا أزال متمسكا بمطلب عودة مرسي. ليس لأنني أرى أنه رجل طيب وحسن النية، فحسن النية ليس كافيا لتولي مقاليد بلد، وإنما لإيماني بأنه لا بديل في المرحلة الحالية لمرسي وليقيني بأن أحد أسباب فشل ثورة 25 يناير هو عدم اتحاد المتظاهرين على قيادة يستبدلونها بمبارك. لا نريد أن ندخل في دوامة مجلس رئاسي مدني من جديد، ولا ينبغي أن نخوض ثورة لإسقاط مجلس عسكري وتمكين مجلس عسكري آخر. لا ينبغي كذلك أن يعود. مرسي ليحكم. ينبغي أن يعود. مرسي لتنفيذ مطالب هذه الثورة مأمورا غير آمر فتضحيات الشهداء أكبر من أن تُترك هذه المرة لاجتهاد الرجل الذي ثبت فشله. لقد كان مرسي هو الطبيب الذي علم داء المريض متأخرا وترك الحالة تتدهور ظانًا أن بإمكانه التدخل في الوقت المناسب تأسيا بزميله الطبيب التركي، وكان حازم صلاح الطبيب الذي أدرك موطن الداء مبكرا لكنه ارتكب خطأ طبيا فادحا أثناء الجراحة (متمثلا في أزمة الجنسية) والذي أودى بحياة المريض فضلا عن تخلي إدارة المستشفى عن مساعدته. جميل أن تقول أن حازم أنبل وأفضل من تعامل مع العسكر لكن لابد أن تدرك أن حازم لم يستطع رغم دهائه الإعلامي وقوة حجته إدارة أزمة الجنسية وهزيمة المؤسسة الإعلامية التي يحركها العسكر. واثق أن أحدا لم يكن ليستطيع أن ينتصر على العسكر ومن يحركونه في ظل معركة هوية يستحيل التوافق بشأنها. ربما كان حازم قادرا على إدارة الصدام بحاضنة شعبية أكبر لكنه لم يكن قادرا على منع الصدام والعبور بالبلاد إلى بر الأمان. والنتيجة في النهاية واحدة: انقلاب عسكري يحكم بالخوف أو بالإقناع. لا فرق فليس هذا الشعب الذي ينتصر لكرامته بل هي عادة العوام في كل بلد ولم يكن الشعب ليواجه العسكر مهما كان اقتناعه بالزعيم لأنه لا يعي ولا يعرف الفصل بين المجلس العسكري وجيش بلاده.