وإلا كيف تفسرون من يشجع على مخاطبة الطفل بالعامية في سنوات تعلمه الأولى، ونحن نعلم أن هذا الطفل قد أتقن العامية الدارجة قبل ولوجه المدرسة، ومعلمه في ذلك هم والداه وإخوته ومحيطه الأسري.. وإذا كان هذا الطفل يتكلم العامية بإتقان؛ فما الفائدة من الحديث بها معه؟ إن الطفل يحتاج عند ولوجه للمدرسة أن يتعلم لغة جديدة غير لغته الأم التي أتقنها في بيته، وواقعنا التعليمي يشهد أن أغلب مدارس التعليم الأولي تستعمل الدارجة في مخاطبة الأطفال، وكذلك أغلب أساتذة العربية والفرنسية والأمازيغية يستعملون الدارجة في مخاطبة تلامذتهم.. فماذا كانت النتيجة؟ إنها واضحة أمامنا لا تحتاج إلى مزيد بيان.. لقد حصلنا على جيل أغلبه لا يستطيع كتابة جملة سليمة من اللحن بأي لغة من اللغات التي أنفق في تعلمها والتعلم بها ما يزيد على عقد من عمره.. إنني حينما أنادي بضرورة التحدث مع التلميذ في سنوات تعلمه الأولى بالفصحى، لا أقصد العربية فقط، وإنما يجب الحديث معه في حصة العربية باللغة العربية الفصحى، وفي حصة الأمازيغية باللغة الأمازيغية، وفي حصة الفرنسية باللغة الفرنسية، وهكذا في كل لغة يقبل الطفل على تعلمها. وإذا كنت أركز على اللغة العربية فلأنها لغة القرآن والسنة، وليس عندي والحمد لله أي حساسية من تعلم كل لغات العالم لمن استطاع إلى ذلك سبيلا.. ولكنني لست أرضى لأبنائي أن يبدؤوا بتعلم لغة أجنبية قبل إتقانهم لغة قرآن ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.. وكم أحزن لما أجد تلميذا وصل إلى البكالوريا وهو لا يستطيع قراءة القرآن الكريم من المصحف قراءة سليمة.