تشكل ذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة مملكتنا المغربية الشريفة التي يخلدها الشعب المغربي العظيم في الرابع عشر غشت من كل عام مناسبة لاستحضار محطة وطنية تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة وتكريس المسار التنموي الشامل الفعال والمتواصل الممتد على مدى قرابة اربعة عقود. ويعد الاحتفاء بهذا الحدث المهم من تاريخ النضال الوطني ، الذي خاضه الشعب المغربي الوفي في ملحمة تحقيق الوحدة بقيادة العرش العلوي المجاهد، مناسبة لإبراز قيم الروح الوطنية المتوارثة ابا عن جد الذي يتحلى بها المواطن المغربي الحر، دفاعا عن مقدساته الدينية والوطنية وإعلاء كلمة الحق بقيادة الحكيم الرشيد مولانا امير المؤمنين صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وأيده في سبيل صيانة الوحدة الترابية، وصد مناورات المتربصين ببلدنا، الذي انعم الله عليه بالأمن والسلم والسلام وتثبيت مكاسبه ومنجزاته الكبرى الرائدة التي عرفها مع العهد المحمدي الزاخر بالأمجاد والمكرمات ومواصلة الاوراش الكبرى المفتوحة على جميع المجالات والأصعدة عبر ترابه وعلى امتداد اقاليمه الجنوبية التي تشهد طفرة نوعية ومتميزة في سياق التنمية الشاملة والمستدامة بكل أبعادها. واستحضارا لهذه المناسبة، تعود بنا الذاكرة مباشرة إلى الرابع عشر من شهر غشت لسنة 1979م، حين وفدت على عاصمة المملكة الرباط وفود من علماء وفقهاء وشيوخ القبائل وأعيان إقليمي كل من أوسرد ووادي الذهب، القت بين يدي جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه نص البيعة، بيعة الرضى والرضوان، مؤكدين للرأي المحلي والوطني، الاقليمي والدولي تشبثهم الواثق بمغربيتهم وبوحدة التراب الوطني من طنجة إلى الكويرة مجددين بيعتهم الشرعية لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، ومعبرين على تعلقهم بأهداب العرش العلوي المجيد وإخلاصهم على هدي أسلافهم واصلين الماضي بالحاضر، محبطين بذلك كل مناورات ومخططات التكالب للأعداء والخونة والعملاء وورثة الاستعمار الاسباني والكيانات المصطنعة للنيل من الوحدة الترابية للمملكة الشريفة. والذكرى هذه، كانت بحق حدثا مهما في تاريخ النضال الوطني ، التي حمل مشعلها بعزيمة وقوة وإيمان مبدع المسيرة الخضراء المشمول بعفو الله المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، قدس الله روحه، عندما خاطب رعاياه أبناء هذا الوطن قائلا آنذاك: "إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة، فمنذ اليوم بيعتنا في أعناقكم، ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا، فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر". وأكثر ما ميز هذا اللقاء الوطني من التاريخ المغربي المشرق، توزيع جلالة المغفور له الحسن الثاني السلاح على وفود القبائل في إشارة رمزية إلى استمرار الكفاح من أجل الدفاع عن مقدسات الوطن وعن استتباب الأمن والأمان والاستقرار بالأقاليم الجنوبية المسترجعة، ليتجدد اللقاء مباشرة بعد مرور بضعة اشهر بين مبدع المسيرة الخضراء وأبناء إقليمي اوسرد ووادي الذهب في زيارة رسمية لجلالة المغفور له الى المناطق الجنوبية بمناسبة الذكرى الوطنية لعيد العرش المجيد، حيث تجددت البيعة تعبيرا عن الارتباط القويم بين العرش العلوي المجيد وأبناء هذه الربوع من الوطن، وكانت بحق رسالة قوية في وجه العدو أحبطت كل مناوراته ومخططاته العدائية للنيل من وطننا الغالي. ومنذ ذلك الحين والمغرب سائرا في درب البناء والنماء والارتقاء بأقاليمه الجنوبية وبكافة اقاليم المملكة إلى مدارج الرقي والتقدم والازدهار، مدافعا عن الوحدة الترابية للوطن، مبرزا في كل المناسبات الدينية والوطنية وفي كل المحافل الدولية مشروعية حقوقه وإجماع الشعب المغربي الراقي على الدفاع والذود عنها بالغالي والنفيس.