الخميس 20 نونبر 2014 انطلقت، صباح اليوم الخميس بفاس، أشغال المؤتمر العالمي الثاني للباحثين في السيرة النبوية، الذي تنظمه مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) حول موضوع "آفاق خدمة السيرة النبوية"، بمشاركة العديد من العلماء والباحثين والأكاديميين المختصين في السيرة النبوية من المغرب وعدة دول إسلامية. ويبحث هذا المؤتمر، الذي ينظم بشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجلس العلمي الأعلى، مختلف التصورات والمقاربات التي يجب اعتمادها من أجل تسريع إخراج السيرة النبوية الصحيحة الشاملة، مع تنسيق الجهود لخدمة هذه السيرة وترشيد البحث فيها. وقال عبد الله غازي، وزير الشؤون الدينية بجمهورية غينيا كوناكري، إن تنظيم المؤتمر العالمي الثاني حول السيرة النبوية الشريفة يأتي في وقت اشتدت فيه حاجة الأمة الإسلامية للاستفادة مما تتضمنه هذه السيرة العطرة، باعتبارها تشكل دستورا ومنطلقا لاقتباس العبر والدروس في الأخلاق والصدق والأمانة. وأضاف وزير الشؤون الدينية بغينيا كوناكري أن سيرة الرسول الكريم هي نموذج للمحبة والحكمة والقيم الرفيعة للعدل ومحاربة الظلم وللتسامح والإخاء، مشيرا إلى أنه لو اعتمدت هذه السيرة النبوية كمنهاج لحياة الإنسان لانتفت الصراعات بين الشعوب وبين الأفراد ولتحققت العدالة. وأكد أن السيرة النبوية هي حقائق ثابتة وموسوعة علمية وأخلاقية واقتصادية واجتماعية وسياسية تستحق أن تدرس وتكون نموذجا لمجتمع متكامل، منوها باحتضان مدينة فاس لهذا المؤتمر العالمي باعتبارها العاصمة الروحية للمملكة، التي تحتضن أعظم جامعة في العالم الإسلامي وهي جامعة القرويين التي عمل علماؤها على مر العصور على الدفاع عن القيم الحضارية للإسلام وثوابت الأمة . ومن جهته أكد السيد سعيد شبار ممثل المجلس العلمي الأعلى على الأهمية التي يكتسيها تنظيم هذا المؤتمر الذي يستهدف تجميع جهود الأمة الإسلامية من أجل خدمة السيرة الكريمة للرسول صلى الله عليه وسلم، مشدا على ضرورة انتظام هذه الجهود في خيط ناظم ووفق مقاربات علمية حتى تكون أكثر فاعلية وإجرائية في النهوض بقضايا الأمة الإسلامية. وقال إن من أهداف هذا المؤتمر، الذي تحضره نخبة من المفكرين والباحثين والأكاديميين فسح المجال للنظر في السيرة النبوية الشريفة ككل مع تيسير وتقريب النموذج الأكمل لهذه السيرة، مشيرا إلى أنه وبعد جهود التجميع والتدوين التي استغرقت جهود السلف سيقوم الخلف بتقديم هذه السيرة بشكل شمولي ومتكامل. وبدوره، اعتبر محمد الروكي، رئيس جامعة القرويين، أن تنظيم هذا الملتقى الدولي يشكل حلقة ضمن جهود الباحثين والمفكرين في تجميع وتدقيق السيرة النبوية التي تعد سجلا حافلا بحياة الرسول الكريم قبل البيعة وبعدها كما تعد مدونة عظمى لأخلاقه وصفاته وتصرفاته وأقواله. وأضاف أن السيرة النبوية هي النموذج الأمثل لبناء مجتمع متكامل ومتضامن مؤكدا حاجة الأمة الإسلامية اليوم للعودة الراشدة لهذه السيرة والاقتباس منها واستخلاص الدروس والعبر، مشيرا إلى أن على الباحثين والمفكرين أن يعتمدوا البحث العلمي الرصين من أجل العمل على إخراج النص الكامل والصحيح لهذه السيرة النبوية حتى تتيسر الاستفادة منها. وأجمعت باقي الكلمات على التأكيد على الأهمية والراهنية التي يكتسيها موضوع هذا الملتقى العلمي الدولي خاصة في هذه الظروف التي تعيش فيها الأمة الإسلامية تحديات كثيرة ومتنوعة وما أحوجها إلى الاسترشاد بسيرة سيد الكون النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. وأكد المتدخلون أن السيرة النبوية غنية بما يفيد قيم الرحمة والتضامن والتسامح والصدق والإخلاص والموعظة والاستقامة وكلها قيم تجد مكانها في صدارة حاجيات الميثاق الأخلاقي المجتمعي، مضيفين أن المحاور التي سيناقشها المؤتمر تؤكد على عزم الباحثين والمفكرين على مناقشة البعد المستقبلي للعمل في السيرة النبوية انطلاقا من واقع الحال. وستتواصل أشغال هذا المؤتمر، الذي ينظم بتعاون مع مركز القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة (المغرب)، ومركز السيرة النبوية للدراسات والبحوث بإسطنبول، بتقديم عدة عروض ومداخلات ستبحث مجموعة من القضايا التي لها ارتباط بالسيرة النبوية من خلال العديد من المحاور من بينها "أفق خدمة مصادر السيرة" و"أفق خدمة متن السيرة" و"أفق خدمة فقه السيرة" و"أفق خدمة التيسير والتقريب للسيرة". ومن بين العروض والمداخلات التي سيقدمها المشاركون في هذا المؤتمر (الاعتماد على القرآن الكريم مصدرا للسيرة) و(الاعتماد على كتب الحديث مصدرا للسيرة) و(تطبيق منهج أهل الحديث على كتب السيرة والتاريخ) إلى جانب قضايا من قبيل جمع نصوص السيرة النبوية وترتيب حوادثها وتركيبها تركيبا صحيحا شاملا وفقه التربية وفقه الاجتماع والسياسة وفقه الإصلاح وغيرها.