هوية بريس – الخميس 13 نونبر 2014 وأخيراً بدأت تتسرب بعض الأسرار عن حرب تحالف واشنطن على تنظيم "الدولة الإسلامية"؛ فكثير من الساسة والدبلوماسيين الغربيين محبطين من حال تحالفها الجديد وحربها الجديدة. وسبب إحباطهم من التحالف وحربه على تنظيم "الدولة الإسلامية"، أوجزوه بهذه الأسباب: فبعض دول التحالف يعصف بأنظمتها وحكوماتها ريح من الخوف والقلق والرعب. والإدارة الأميركية يسرها قلق دول التحالف، لأنه يمنحها حرية إضافة أهداف جديدة تخدم مصالحها. ويجعلها الخصم والحكم في كل من يختلف معها حول هذه الحرب. ومحاولة توحيد صفوف أعضاء التحالف صعبة ومعقدة، وتبقى الحقيقة المرة والمؤلمة. والتركيز على تنظيم الدولة الاسلامية يكلف التحالف نحو مليون دولار يومياً. ودول التحالف تكثف من اجتماعاتها، لإيجاد الاجوبة المثلى للأسئلة التالية: ما هي أفضل السبل لتضييق الخناق على تنظيم الدولة الاسلامية؟ وكيف يمكن للتحالف أن يكسب قلوب وعقول المسلمين؟ وكيف يمكن لدول التحالف تحديد هدف محدد، مع إصرار السعودية وتركيا على توسيع الحرب لتشمل إسقاط النظام السوري أو الإطاحة بالرئيس السوري على الأقل؟ وهذه معضلات كما يبدوا ليس لها من حل. وملاحظات واشنطن على التحالف حددها "دايفيد كوهين" مسؤول وحدة استخبارات الإرهاب والتمويل التابعة لوزارة المالية الأمريكية، بقوله: السعودية والإمارات أحرزتا تقدماً في خنق تمويل تنظيم "الدولة الاسلامية" القادم من مجموعات تجارية غنية بالخليج، والتي يشير إليها العديدون باعتبار أنها تقدم دعماً للتنظيم. وأن كلا من قطر والكويت تبقيان متساهلتان بموضوع تمويل الإرهاب. وهذا التصريح انتقاداً للكويت بأنها لم تف بعهودها لواشنطن في محاربتها للإرهاب رغم تأسيسها وحدة للاستخبارات التمويلية. وانتقاداً لقطر بأنها لم تف بعهودها لواشنطن في محاربتها للإرهاب، رغم إصدارها قانون لتنظيم جمع التبرعات من قبل الجمعيات الخيرية. وعدم ارتياح بريطانيا من سياسة قطر. والتي عبر عنها عضو حزب العمال البريطاني "دوغلاس الكساندر" بتصريح، جاء فيه: إن الضغط على قطر يأتي من جانبي المحيط الأطلسي. وأن زيارة أمير قطر إلى لندن تعتبر أفضل فرصة لوضع المزيد من الضغوط على قطر. ومن المفترض أن يلتقي أمير قطر الشيخ تميم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، لتحديد الإجراءات التي تضعف تنظيم الدولة الاسلامية، ولكن قدرة رئيس الوزراء البريطاني على الميل أكثر على قطر في هذا الخصوص تعتبر معقدة، نظراً لحجم انفاق قطر في بريطانيا، وامتلاكها لمحال هارودز ومبنى شاير، وعدد آخر من الممتلكات الرئيسية في المملكة المتحدة. وهذا معناه أن بريطانيا لاحول لها ولا قوة. وعلاقات قطر متوترة مع بعض الدول. والتهم الموجهة لقطر كثيرة، ومن هذه التهم: 1. فالرياض غير راضية عن سياسة قطر. ولا عن نهج وتصرفات فضائية الجزيرة. 2. والإمارات غاضبة من قطر، لأن القرضاوي يهاجم حكام الإمارات من قطر. 3. وعلاقات الدوحة مع القاهرة متوترة، واتهامات القاهرة للدوحة كثيرة ومتنوعة. 4. وليبيا تتهم الدوحة بأنها أرسلت طائرة قطرية إلى مطار مصراتة محملة بذخائر ومعدات حربية. وأن الطائرة عادت إلى الدوحة ف بنفس اليوم. وأنها المرة الخامسة التي يتم فيها نقل أسلحة من قطر لمسلحين في مصراته. كما أن رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني أدلى بتصريح، قال فيه: "إن قطر أرسلت ثلاث طائرات عسكرية محملة بالسلاح والذخيرة إلى مطار بالعاصمة طرابلس خاضع لسيطرة إحدى الجماعات المسلحة المعارضة". 5. وانزعاج بعض الأنظمة والحكومات من قطر لاستضافتها قيادة حركة حماس. ولعدم بذل الدوحة أي جهد لإنجاح الحوار والمصالحة بين السلطة وحماس. 6. ودول في مجلس التعاون الخليجي غاضبون من الانفتاح القطري على إيران وتركيا. ومن التنسيق بين الدوحةوأنقرة لدعم جماعات الإخوان المسلمين. 7. وأنقرة منزعجة من قطر لرضوخها للضغوط بإبعاد جماعة "الإخوان المسلمين". 8. وعدم فوز حركة النهضة بالانتخابات التونسية أزعج وأغضب تركيا وقطر. 9. وقلق قطروأنقرة من نتائج الاستطلاعات التي تتوقع أن الانتخابات الفلسطينية القادمة ستشهد تصويت الفلسطينيين لصالح السلطة الفلسطينية. 10. وتصاعد وتيرة الخلاف بين واشنطن وبعض دول التحالف مع أنقرةوالدوحة بخصوص الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" يقلق تركيا وقطر. والمشهد في الشرق الأوسط بات معقدا. ولذلك فإن مسار الحرب والمعارك في المنطقة لا ينفصل عن سياق التدخلات الإقليمية، وعن خارطة صراع المحاور في أكثر من دولة عربية. ويبدو أن القاهرة قد تدخل بقوة على خط هذه الأزمات في المستقبل. وتصريحات بعض المسؤولين في المنظمات الدولية تنذر بزيادة وتصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية، وثقتهم بحرب واشنطنالجديدة لمكافحة الإرهاب مهزوزة وواهنة. ويعتبرون أن العالم حالياً ومستقبلاً مقبل على مرحلة تتسم بالخطورة على الأمن والاستقرار. وواشنطن ودول التحالف تريد أن تقوم تركيا بالتعاون مع إقليم كردستان بإغلاق المعابر التي تتم منها عمليات توزيع النفط، وخاصة أن الطرفان تعهدا بتنفيذه. وحرب تحالف واشنطن على تنظيم "الدولة الاسلامية" تفتقد للشرعية الدولية. فهذه الحرب لم تستند على قرار من مجلس الأمن الدولي. وهذا ما أثار شكوك وحفيظة قوى دولية فاعلة، حيث اعتبرت أن واشنطن تريد من هذه الحرب تحقيق مآرب أخرى تخدم مصالحها ومصالح حلفائها فقط. ودليلهم على ذلك المعطيات التالية: 1. أن هنالك مستفيدون من هذه الحرب، ومن الخلاف الروسي الأوكراني. وأن أسهم الشركات العاملة بأنظمة الدفاع قد ارتفعت ارتفاعاً غير مسبوق. 2. وهذه الحرب أضافت مفهوماً جديداً للاقتصاد خلال النزاع المسلح. ولذلك فشركات أمريكية مثل Lockheed Martinو RaytheonوGeneral DynamicsوNorthrop Grummanتمتعت بارتفاع مستقر في أسهمها، كما ارتفعت أسهم عملاق أنظمة الدفاع البريطاني BAE Systems. ويعكس هذا الارتفاع ذاته الذي شهدته أنظمة شركات القطاع نفسها بعد حرب الخليج عام 1991م، وبعد أحداث 11 أيلول 2011م، عندما تدفق المستثمرون على الشركات التي اعتقدوا بأنها ستستفيد من تلك النزاعات. ويعتقد بأن الحالة ذاتها، ولأسباب مختلفة تستمر الآن مع نزاعين على مستوى عالمين يجريان في الوقت ذاته، وفقاً للمحلل الاقتصادي من المركز الدولي للبحوث الأمنية والتنموية "تيلمان براك". 3. ويشير الخبراء بأن أسلوب سياسات الحروب الحديثة لا تتطلب بالضرورة الحصول على الذخيرة والقنابل والصواريخ، فواشنطن وحلفاؤها يملكون ما يكفي من الذخيرة. بل أن تركيز الدول ينصب الآن على أنظمة الدفاع. والمستثمرين يركزون الآن على حاجة أوروبا لتحديث أنظمتها الدفاعية، وفقاً لما أشار إليه "تيلمان براك"، والذي يعتبر بأن ارتفاع أسهم شركات الدفاع يدل بأن الغرب مدرك إلى أنه قد يكون مقبل لخوض حرب ضد روسيا وحلفائها. 4. وأن شركات الأنظمة الدفاعية ليست وحدها من يستفيد من هذه الحروب. فعند النظر إلى مصاريف إعادة بناء البنية التحتية في العراق بعد الحرب التي استمرت لشهر عام 2003م، يمكن الاستنتاج بأن الكلفة بلغت 220 مليار دولار، وفق تقرير نشره المحامي الأمريكي ستيوارت بوين، والذي عمل مفتشاً ومشرفاً عاماً على عملية إعادة تعمير العراق. وقد صرف 60 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لإنشاء برامج خلال التسع سنوات التي تلت الحرب، أي ما يعادل 15 مليون دولار يومياً، وقد صبت هذه الأموال في قطاعات الأمن والبنية التحتية والخدمات الأساسية والإدارة والتعليم، وشكل مليار من هذه الأموال دخلاً جيداً للعديد من الشركات. وقد كان أغلى مشروع منها، عقد من دون مناقصة مع شركة Kellogg Brown& Rootبقيمة 7 مليارات دولار، لترميم وإعادة تشغيل منشآت النفط العراقي وفقاً لتقرير بوين. ومما يثير الجدل بأنه ومنذ توقيع العقد وحتى الانفصال عام 2006م، ظلت شركة KBRجزءاً من شركة Halliburtonوالتي كان يرأسها حينها وزير الدفاع حينها ديك تشيني. 5. وهذه الحرب تجلب التفاؤل في الغالب لشركات النفط، إذ ترتفع أسعاره غالباً خلال الحروب. فبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003م زاد سعر برميل النفط الواحد من 25 دولاراً عام 2003م، ليبلغ 140 دولاراً للبرميل عام 2008م. وهذه الحرب لم تؤدي بعد إلى ارتفاع سعر النفط بنظر الخبراء. لأن تنظيم الدولة الاسلامية يعمل على تشغيل عدة مصاف للنفط في العراقوسوريا. كما أنه في هذا الوقت يقل الطلب النفطي للصين وأوروبا، وازدياد الإنتاج الأمريكي له. كما أن قدرة تنظيم الدولة الاسلامية لإنتاج النفط وتوزيعه في السوق السوداء لم يعد كما كان في السابق قبل أشهر قليلة عندما بلغت قدرتهم الإنتاجية 70 ألف برميل من النفط الخام. حيث تراجعت هذه القدرة لتصبح نحو 25 ألف برميل. 6. والإنترنت لم يعد مجرد أداة لنقل أخبار الحروب بل أصبح سلاحاً بحد ذاته، حيث يعمل فيه القراصنة على الترويج لأغراضهم من المناطق الساخنة حول العالم. وبتنامي خطورة هذه المجموعات فإن الحكومات بدأت بصرف الأموال لبناء شبكات حماية أمنية قوية، ويتوقع أن تصرف شركات كبيرة حوالي 788 مليون دولار لشبكات أمن إلكترونية بمراحلها الأولى هذا العام. 7. وهذه الحرب كباقي الحروب تربة خصبة لازدهار عمليات الفساد وتحقيق الأرباح بطرق غير مشروعة. فتهريب النفط يحقق كسباً بما لا يقل عن مليون دولار يومياً. والمحللون يعتبرون أن منع عمليات تهريب النفط يستوجب فكرة تقبل شراء النفط، ودفع الفدية لتحرير الرهائن، واشنطنولندن دفعتا الفدية. وواشنطن تسعى من خلال ضرباتها الجوية على تنظيم "الدولة الاسلامية" وحربها الجديدة تدمير أكبر قدر ممكن من البنى التحية في سورياوالعراق، لفتح أفاق المجال أمام شركاتها بتكرار مشاريع إعادة الاعمار بعد حربي الخليج الثانية والثالثة. وحرب واشنطنالجديدة يرافقها انسحاب أو هروب تحالف واشنطن من أفغانستان. ورضوخ أوباما لضغوط اجهزة الأمن بعدم تسليح وتدريب المعارضة السورية المعتدلة وواشنطن تريد ربط مشاكل الشرق الأوسط ببعضها البعض، كي تحل جميعها في أي مؤتمر كجينيف لا حل أزمة من أزماتها. مع حل بعض تفرعاتها بمؤتمر طائف جديد. والسؤال: هل تسريب الأسرار مقدمة لإطاحة بأوباما وبعض حلفائه بعد تحميلهم المسؤولية؟ (العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم) [email protected] [email protected]