في خطوة هي الأولى من نوعها، بعث نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، الخميس، رسالة إلى السلطات المصرية، عبر السفارة المصرية في لندن بالمملكة المتحدة، مطالبا إيّاها برفع يديها عن البلاد، وأن تتراجع عما وصفه باغتصابها للشرعية المهدرة، وأن تعيد الحقوق لأصحابها. وقال: "أمام الأوضاع المتردية، والتعامل غير الإنساني والديني، والمخالف للدستور والقوانين الدولية والمصرية في التعامل مع الأسرى والأسيرات في سجون مصر، الذين يرفضون الانقلاب العسكري الذي سلب الشعب المصري حقوقه، وانقلب على الحكم الشرعي الذي اختاره بكامل حريته وإرادته، وما يتم بحق هؤلاء المختطفين والمختطفات من ممارسات وسياسات تؤدي إلى القتل البطيء المتعمد، والتي لم تعد خافية على أحد داخل مصر وخارجها". وأضاف: "إننا لا نتحدث الآن دفاعا عن تاريخ مصر وحضارتها التي سبقت كل العالم، ونبكي الآن على أطلالها، ولا عن شعب مصر الذي استعصى سابقا ولاحقا على كل جيوش الغزاة قبل أن يأتي الزمان الذي تفتح له أياد مصرية الثغرات لينفذ منها إليه، ولا عن وحدة هذا الشعب الذي تعايش بكل طوائفه في حب وتعاون وتقدير قبل أن تعمل سياسة جنرالات الانقلاب وآلته الأمنية والإعلامية على ضرب هذه الوحدة وتفتيتها". وأكمل نائب المرشد العام: "ولا عن التذكير بأحكام الله سبحانه وتعالى في الأمر بالعدل والنهي عن الظلم، الذي حرمه عز وجل على نفسه وجعله بين الناس محرما، وكذلك خيانة الأمانة ومخالفة تعليمات الأديان السماوية كافة بإعطاء كل ذي حق حقه". وتابع: "لقد قست القلوب، وران عليها حب الدنيا وزخارف الأضواء التي أنستها وحشة القبور ورهبة الوقوف أمام الملك العدل سبحانه وتعالى، يوم تأتي الصاخة، ويفر المرء من أخيه وأمه وأبية وصاحبته وبنيه، ويكون لكل أمرئ يومئذ شأن يغنيه، وساعتئذ ستكون هناك وجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة، ووجوه عليها غبرة ترهقها قترة". وأردف: "إننا نذكر الجميع من خلالكم، وفي مقدمتهم المختطفون لحكم مصر، والمهيمنون بالقوة والإكراه على مؤسسات دولتها العريقة عبر الانقلاب العسكري، الذي تم في 3 تموز/ يوليو 2013، على السلطة الشرعية في البلاد، فإن هذا الوضع لن يستمر مهما طالت الأيام، والوقائع العديدة من قديم وحديث خير دليل على ذلك". واستدرك "منير" بقوله: "نحن لا نقصد الإساءة لكم (في إشارة للسفير المصري ببريطانيا)، ولما تمثلونه من غالبية الشعب المصري وليس زمرة النظام الحاكم، ولكن نصيحة مخلصة من مواطن لا يحب لبلده إلا كل خير، رغم ما وقع ويقع عليه مثل غيره من المصريين الأبرياء من مظالم وإفك مستمر منذ بدء أول الانقلابات العسكرية في مصرنا العزيزة". وقال: "ثم هي رسالة أرجو منكم إيصالها للقائمين على الوضع الآخذ في السوء والتدهور في كنانة الله في أرضه بأن ارفعوا أيديكم عن البلاد، وارجعوا عن اغتصابكم للشرعية المهدرة، وأعيدوا الحقوق لأصحابها، وأعيدوا ميزان العدل، قبل أن يأتي الطوفان الذي نخشاه على مصرنا العزيزة، ثم قبل أن يأتي يوم الحساب الذي قد يكون أقرب من كل ما يتخيله أو يتوقعه إنسان". واستطرد قائلا: "فساعة الأجل آتية بلا ريب، ولا يعلم بموعدها كبير ولا صغير، كما أن ساعة استرداد الشعب لحقه المغتصب أقرب للطاغية من باب غرفة نومه أو إطلالته من نافذة قلعته، بالرغم من أن كل الطغاة يظنون أنهم قادرون على ردها". واختتم الرسالة بقوله: "هدانا الله وإياكم لما فيه خير الدنيا والآخرة والفوز بالجنة والنجاة من نار الآخرة ولهيبها، وتذكيرا بنار هبة الشعب الآتية لاسترداد حقوقه المغتصبة بعيدا عن زيف ما نراه اليوم من الزور والبهتان والظلم والطغيان الذي تمارسه سلطة الانقلاب في حقه، واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون". من جهته، قال "منير" إنه "ينبغي عدم تحميل الرسالة أكثر مما تحتمل، ويجب عدم تفسيرها في أي سياق آخر قد يتجه إليه البعض بشأن مزاعم بداية تواصل الإخوان مع سلطة الانقلاب أو شيء من هذا القبيل"، داعيا الجميع إلى قراءة مضمون الرسالة، والاطلاع عليها جيدا قبل الحكم عليها وتأويلها. وذكر أن "تلك الخطوة تأتي ضمن توجه من جماعة الإخوان في ظل تصاعد الانتهاكات داخل سجون الانقلاب وخارجها، خاصة بعدما جرى مع المرشد العام، محمد بديع، ومن معه في سجن العقرب وباقي السجون من انتهاكات غير مسبوقة؛ لذلك ارتأت الجماعة أن تقوم بحملة للتواصل مع جميع الجهات في الداخل والخارج؛ للتأكيد على أن تلك الممارسات الإجرامية لم تعد مقبولة، وأن عواقبها ستكون وخيمة على الجميع". وأشار نائب المرشد العام للإخوان -في تصريح خاص ل"عربي21″- إلى أن "هذه الرسالة قد تُسبب له بعض المشاكل مع النظام المصري، وقد يتم وضع اسمه مجددا على قوائم الإرهاب الجديدة"، مستنكرا بشدة "التقارير الخاطئة التي تبعث بها السفارة المصرية في لندن إلى سلطة الانقلاب". ورغم أن "منير"، المقيم ببريطانيا، توقع أن نظام السيسي لن يقبل برسالته، إلا أنه قال: "حتى لو رفُضت، لكنها إعذار إلى الله، وأخذا بالأسباب، وحتى لا يشعر أحد أننا نائمون لا حركة لنا، كما أنها تأتي من باب الاجتهاد، ليس إلا". وبسؤاله عما إذا كان على تواصل مع السفارة المصرية بلندن أم لا، نفى وجود أي تواصل بينه وبين السفارة منذ الانقلاب العسكري، لافتا إلى أنه كان بينهم تواصل في السابق، خاصة خلال فترة حكم الرئيس مرسي، حيث لبّى أكثر من مرة دعوة السفارة لحضور فعاليات بعينها في حينه. وشدّد "منير" على أن صلته بالسفارة المصرية في لندن انقطعت تماما، ولم يعد لها أي وجود، إلا من خلال مشاركته في بعض الوقفات الاحتجاجية الرافضة لسياسات سلطة الانقلاب.