هوية بريس – قاسم اكحيلات الإشهاد عند مالك شرط، لكن عند الدخول، بمعنى (إلى خرجتي من عند لالة العدول مباشرة لدارك، ودخلتي بها). فزواجك فاسد، لأن الإشهاد عند العقد مستحب وعند الدخول واجب شرط. فالقول أنه (لا يرى المالكية وجوب الشهادة وركنيتها) خطأ، لأن المالكية لا يرون ركينته لكن يرونه وجوب شرط. والقول أن المالكية لم يشترطوا الإشهاد مطلقا خطأ، قال وهبة:"هذا هو المعتمد في مذهب المالكية، بخلاف ما تنقله بعض الكتب القديمة والحديثة من أنه لا يشترط الإشهاد عند مالك".(الفقه الاسلامي). وقال وهبة:"اتفقت المذاهب الأربعة على أن الشهادة شرط في صحة الزواج، فلا يصح بلا شهادة اثنين غير الولي".(الفقه الاسلامي). وقال وهبة:"يرى المالكية: أن الشهادة شرط لصحة الزواج، سواء أكانت عند إبرام العقد، أم بعد العقد وقبل الدخول، ويستحب فقط كونها عند العقد، فإن لم تصح الشهادة وقت العقد أو قبل الدخول، كان العقد فاسداً، والدخول بالمرأة معصية، ويتعين فسخه كما بينت، فالشهادة عندهم شرط في جواز الدخول بالمرأة، لا في صحة العقد، وهذا محل الخلاف بين المالكية وغيرهم".(الفقه الإسلامي). وأهل المذهب أدرى بقول صاحب المذهب، قال أبو الوليد الباجي:"وإذا عقد النكاح ولم يحضره شهود ثم أقر وأشهدا عليه قبل البناء لم يفسخ النكاح وإن بنى ولم يشهدا فقد روى محمد عن أشهب عن مالك يفرق بينهما ورواه ابن حبيب عن مالك ووجه ذلك أن تعري عقد النكاح من الشهادة لا ذريعة فيه إلى الفساد، وتعري الوطء والبناء من الشهادة فيه الذريعة إلى الفساد، فمنع منه لذلك، ولو جاز لكل من وجد مع امرأة في خلوة أو أقر بجماعها أن يدعي النكاح لارتفع حد الزنا عن كل زان والتعزير في الخلوة فمنع من ذلك ليرتفع هذا المعنى فمتى وقع البناء على الوجه الممنوع فسخ ما ادعي من النكاح قال ابن القاسم إن دخل ولم يشهد إلا شاهدا واحدا فسخ النكاح ويتزوجها بعد أن تستبرئ بثلاث حيضات إن أحب".(المنتقى.3313/3). قال القاضي:"وهذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأن الارتجاع من ناحية النكاح، وشهادتهن في النكاح لا تجوز".(البيان والتحصبل). قال أشهب:"ومن السنة التي لا اختلاف فيها: ألا تجوز شهادة النساء في نكاح أو عتق أو طلاق أو قتل أو قصاص أو حد. ولا يجوز في ذلك إلا عدلان، إلا الزنا ففيه أربعة".(النوادر والزيادات391/8). وفيها:"ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: ولا تجوز شهادة النساء في الإحصان، كما لا تجوز في النكاح".(403/8). أما قول الدردير:"لم يعد الشهود من الأركان لأن ماهية العقد لا تتوقف عليه" فهو ليس ركنا لكن واجب يترتب عليه فسخ، فهو نفسه -أي الدردير- قال:" وأما الإشهاد عند البناء فواجب شرط (وفسخ) النكاح (إن دخلا بلاه) أي بلا إشهاد".(الشرح الكبير.216/2). فهو واجب عند البناء لا العقد، جاء في حاشية الصاوي:"أصل الإشهاد على النكاح واجب، وإحضارهما عند العقد مندوب. فإن حصل عند العقد فقد وجد الأمران الوجوب والندب. وإن فقد وقت العقد ووجد عند الدخول فقد حصل الواجب وفات المندوب. وإن لم يوجد إشهاد عند الدخول والعقد ولكن وجدت الشهود عند واحد منهما فالصحة قطعا. ويأثم أولياء النكاح لعدم طلب الشهود، وإن لم يوجد شهود أصلا فالفساد قطعا".( 339/2). وفي منح الجليل:"(وفسخ) بضم فكسر النكاح (إن دخلا) أي الزوجان خلوة بناء (بلاه) أي الإشهاد بطلقة لأنه صحيح بائنة لأنها جبرية سدا للذريعة إذ لا يشاء اثنان الاجتماع على فساد في خلوة إلا فعلا وادعيا سبق عقد بلا إشهاد فيرتفع حد الزنا والتعزير، فإن أراد معاشرتها فلا بد له من عقد جديد شرعي وتبقى له طلقتان. ومحل الفسخ إذا لم يحكم بعدمه من يراه فإن لم يشهدا أحدا عند العقد ولقيا معا رجلين قبل البناء وأشهداهما على وقوع العقد بينهما كفى في الواجب وفات المندوب لأنه كحضورهما العقد في الجملة".(258/3) فالإشهاد ليس ركنا لكن شرط لصحته عند المالكية، على أن الراجح أنه ركن وهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل".(صحيح رواه البيهقي). قال ابن فرحون المالكي: "القضاء بشاهدين لا يجزئ غيرهما، وذلك في النكاح والرجعة والطلاق والخلع..".(تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام.322/1). والإشهاد كما قالوا هو لحفظ الحقوق، وعلى قول مالك، إذا طلب من (العدولة) الاشهاد عند النزاع لا يقبل منها، ولو وقع الزوجان، لأن عند النزاع يطالب بالشهود لا بأطراف النزاع فقط، وعلى القول أنها مجرد موثقة، فقد وثقت عقدا من غير إشهاد، وبالتالي لا شهود في النكاح عند النزاع، لأنها مجرد كاتبة على هذا القول. فلا فرق بين شهادتها لفظا أو كتابة. وأنبه أن حقيقة المسألة ليست مسألة اجتهادية، هي مسألة علمنة والناس تدافع وتلوي نصوص الفقه لتلائم أهواء بعضهم فهذا منزلق خطير. والله الموفق.