عرفت الساحة السياسية المغربية عموما ركودا في الأداء السياسي لمختلف الفرقاء السياسيين، حيث عرفت سنة 2013 نمطية في المشهد السياسي، اللهم تلك الأصوات التي تتعالى هنا وهناك تطالب ببعض من الحقوق في واقع يعرف أزمة اقتصادية عالمية أرخت بظلالها وغيومها على الساحة المغربية. رغم كون تلك المطالب لها مصوغاتها القانونية ومبرراتها الموضوعية وإطاراتها المحتضنة، تعامل معها المخزن بحزم ويقظة سريعة مخافة التحام بؤر التوتر الاجتماعي التي تعرفها عدة قطاعات حيوية كالتعليم والصحة...وحتى لا يصبح لها عنوانا سياسيا مخيفا، في واقع يعرف هشاشة في القرارات وارتجالا في التدابير وغياب نظرة إستراتيجية بعيدة المدى. فالمغرب من ضمن الدول الموجودة في درجة الخطر بسبب الاضطرابات المحتملة سنة 2014، حسب دراسة أنجزتها المجلة البريطانية "دي الإيكونوميست". المجلة المذكورة صنفت المغرب في نفس درجة دول عربية أخرى كالجزائر، وأوروبية كإسبانيا لأسباب وصفتها بالسياسية والاقتصادية. في ظل هذا الركود السياسي وغفوة السياسيين، تتطاير في بعض الأحايين "فقاعات" فارغة تصبح حدثا سياسيا في سماء كثير الغيوم، والرؤية غير واضحة في الأفق. فقاعات سياسية تحدث ضجيجا عند فرقعتها إثر التطامها بأول صوت نكرة يتصدى لها. ولعل آخر حدث مستهجن بالطبع، نطوي به صفحة عام 2013 صوت تكفيري يكفر بعض الرموز السياسية في البلاد. لست أدري، هل هو فعلا حدث يستحق منا وقتا للمساءلة والمناقشة، أم هو بصمة أليمة يراد بها تأكيد أن سنة 2013، سنة شؤم لأنها تنتهي ب رقم 13، قياسا على العرف الغربي؟ لست أدري، هل المغاربة اليوم في حاجة لمثل هذه السجالات العقيمة والاتهامات الخطيرة المؤدية إلى التنافر والصراعات المجانية، المستفيد الأكبر منها لوبيات الفساد والاستبداد؟ لست أدري هل مثل هذه الفتاوى المشفرة الموقوتة التي تصدر في أوقات الشدة، كتلك التي أقامت الدنيا ولم تقعدها- زواج بنت التاسع- تخدم فعلا البلاد والعباد؟ أسئلة يمكن أن تتناسل يوما بعد يوم تفاعلا مع الردود وردود الفعل السلبية، لتطوى سنة 2013 الكامنة، وتفتح صفحة سنة جديدة على إيقاع الصراع السياسوي الضيق والفقه المنحبس، في منعطف تاريخي مهم تمد فيه جسور التواصل للحوار البناء الهادف وتأسيس "ميثاق وطني" يضم كل الغيورين في بلدنا الحبيب، حماه الله من شر الفتن المشتعلة في البقاع الأخرى من الأرض. إن ما يعمق الفجوة بين النخب وعموم الناس هو الفهم السطحي للدين وأصوله عند من ينتسب له مبنى ولا معنى، وعند بعض السياسويين الذين يصطادون في الماء العكر ليصبحوا نجوما بعدما أفل نجمهم في زمن الربيع العربي. إن الاستفزاز الايديولوجي والنظرة الضيقة للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا يولد إلا مثل ما نعيشه اليوم من عتمة الرؤية وضيق أفق واستثمار في مواضيع حساسة كانت منذ زمن بعيد حبيسة آراء بعيدة عن فكر تجديدي وعقل يكبح الاجتهاد وإرادة منعدمة تشل حركة المجتمع وتحول دون تطوره.