يستعد الاقتصاد الوطني، لطي صفحة سنة 2013، والتي جاءت حبلى بالتحولات والأحداث الكبرى، وفي مقدمتها إصلاح المقاصة من خلال اعتماد نظام المقايسة، وبداية العمل بالنظام الجبائي على مستوى القطاع الفلاحي. فبعد نحو ثلاثين سنة من الإعفاء الضريبي، تمخضت أشغال المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات عن توافق بخصوص ضرورة إدماج القطاع الفلاحي ضمن النظام الجبائي عبر اعتماد منهجية تدريجية بهدف حماية مصالح صغار الفلاحين. كما فرض إعادة اعتماد نظام المقايسة الجزئية لأسعار المحروقات، والذي يندرج في إطار مشروع ضخم وكبير لإصلاح صندوق المقاصة، نفسه باعتباره ضرورة ملحة وعاجلة للحد من ارتفاع تحملات هذا الصندوق والتحكم في تأثير تقلبات الأسعار الدولية على ميزانية الدولة. وأشار الأستاذ الجامعي عمر الكتاني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إلى أن نظام "المقايسة يعد حلا ومخرجا ماليا في إطار منظور تدريجي للاختلالات المالية المرتبطة بارتفاع نفقات وتحملات صندوق المقاصة". وأضاف أن الأمر يتعلق بإجراء "شجاع"، غير أنه لا يمكن أن يكون بديلا عن الإصلاح، متوقعا أن تكون له تداعيات إيجابية على الصعيد المالي، وسلبية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. ومن جانبه، أبرز الأستاذ الجامعي إدريس العباسي، أن اعتماد نظام المقايسة يعد خطوة نحو "الإصلاح"، مشددا على الطبيعية البيداغوجية لهذا الإجراء بهدف حمل المواطن المغربي على التكيف مع قوانين السوق. واعتبر أن العملية تروم تحسيس وتوعية المواطن المغربي بمبدأ ارتفاع أسعار المواد الأولية وانخفاضها، مضيفا أن نظام المقايسة سيمكن الحكومة من اعتماد تدابير أكثر جرأة، من دون أن يكون لها وقع كبير على المستهلك المغربي. وفي سياق آخر، سلط العباسي الضوء على القرار الخاص بإخضاع القطاع الفلاحي للنظام الجبائي بهدف ضمان الإنصاف ودعم جهود الدولة في مجال النفقات العمومية. ومن جانبه، أبرز رئيس قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جان فرانسوا دوفان، أن سنة 2013 كانت سنة تصحيح الاختلالات الاقتصادية. وقال في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن "نمو الاقتصاد المغربي، والذي يناهز نسبة الأربعة بالمائة، كان موزعا بين محصول زراعي جيد وتباطؤ وتيرة الأنشطة الفلاحية بسبب تداعيات الأزمة العالمية". وأوضح أن الاقتصاد المغربي استفاد من ظرفية داخلية تتميز بالاستقرار على الصعيد السياسي مما مكن السلطات العمومية من التوفر على رؤية واضحة وجلية، وكذا من ظرفية دولية تتسم ببداية تسجيل تحسن وانتعاش مؤشرات الاقتصاد العالمي. ويتوقع صندوق النقد الدولي تحقيق المغرب لنمو اقتصادي تبلغ نسبته الأربعة بالمائة وعجزا في الميزانية بنسبة 9ر4 بالمائة خلال سنة 2014، بفضل سرعة نمو القطاع غير الفلاحي ومحصول فلاحي متوسط يبلغ 70 مليون قنطار. ومن المؤكد أن تحقيق الهدف الخاص بتقليص عجز الميزانية إلى نسبة 9ر4 بالمائة، سيكون في المتناول ولاسيما عبر تقليص الاعفاءات الجبائية للقطاع الفلاحي وتقليص نفقات صندوق المقاصة والتحكم في المالية العمومية وتحديث مجال الميزانية عبر اعتماد القانون التنظيمي للمالية. غير أن الاستاذ العباسي، يبدو أقل تفاؤلا بخصوص مستقبل الاقتصاد الوطني خلال سنة 2014، حيث يؤكد أن أداءه سيكون أقل مما حققه سنة 2013 على مستوى النمو بسبب التغيرات المناخية. *و.م.ع