رغم الجدل الذي رافق الموسم الرمضاني، تمكنت الدراما المغربية من جذب اهتمام المشاهدين والنقاد، وتحقيق مصالحة بين الجمهور والقنوات الوطنية. في مقابل ذلك، لاقت "برامج المقالب" و"السيتكومات" انتقادات واسعة من طرف الجمهور، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لما تستخدمه من "فبركة فجة" و"استهتار بذكاء المشاهد". جدل وجذب للجمهور حظي مسلسل "لمكتوب" باهتمام متصاعد من الجمهور، رغم بعض الجدل الذي أثير بسبب مضمونه، ولقي تفاعلا كبيرا منذ بدايته، محققا رقما قياسيا في نسب المشاهدات، إذ جذب ما يقارب 7.5 ملايين مشاهد خلال اليوم الأول من بثه، ليصنف بذلك الأعلى مشاهدة في تاريخ المسلسلات التي أنتجها التلفزيون المغربي. مخرج العمل، علاء أكعبون، عزا هذا النجاح إلى تحقيق نوع من التكامل بين فريق العمل، من سيناريست، وممثلين، وتقنيين، وأضاف في حديث لهسبريس: "كان همي أثناء تصوير أحداث 'لمكتوب' هو الهم الذي أحمله عند الاشتغال على أي عمل فني؛ تفويت أي تفصيل في العمل، وفقدان الجمهور". وفي تعليقه على تحضير دنيا بوطازوت لشخصية "الشيخة"، يقول المخرج المغربي: "أثناء التحضير للمشروع تحدثت مع دنيا كثيرا حول الشخصية، وقبل الشروع في تصوير أحداث المسلسل تدربت بوطازوت على يد 'شيخات' حقيقيات متمرسات". من جهته، اعتبر الناقد الفني محمد الإبراهيمي أن المسلسل خاطب وجدان الجمهور وكيانه النفسي، رغم الأصوات الرافضة لتيمة العمل الفني، بدعوى مسه بثوابت المنظومة الأخلاقية، وأضاف: "تناول تيمة الشيخة دراميا في المسلسل يعتبر تجديدا وابتعادا عن التيمات المكررة، من خلال الغوص في هم شريحة من المجتمع". وأبرز الإبراهيمي أن "عيوب المسلسل ظهرت مع توالي الحلقات، خصوصا من ناحية الكتابة؛ في حين أن تشخيص الممثلين غطى على هذه الأخطاء"، مشيدا بأداء الممثل أمين الناجي الذي يجمع بين الموهبة والاجتهاد والطموح. مصالحة مع الجمهور ولكسب ود الجمهور، قدمت قناة الأولى برمجة درامية متنوعة، استطاعت من خلالها حصد نسب مشاهدة مهمة، في مقدمتها "نصف قمر"، و"بيا ولا بيك"، و"مول لمليح"، للمخرج الشاب أيوب لهنود، الذي نجح في تصدر قائمة الفيديوهات الأكثر مشاهدة على منصة "يوتيوب"؛ فيما اكتسحت مقاطعه مواقع التواصل الاجتماعي. وتدور أحداث المسلسل حول قصة كفاح ونجاح شقيقين يعيشان في حي فقير، كان أكبرهما يبيع وجبات خفيفة على عربة متنقلة في أحياء مراكش، للحصول على لقمة العيش وأداء واجبات الكراء لعمه المستبد، ثم أصبح شقيقه يساعده بعدما اكتشفا بالصدفة خلطة أعشاب صنعها رجل مسن تضيف لذة للطعام، وكانت بداية طريقهما إلى الثراء. وعن تفوق الدراما خلال هذا الموسم، يرى الناقد الإبراهيمي أن "الدراما الاجتماعية تعرف اجتهادا مقارنة بالسنوات الماضية، وتسير على خطى التألق وتحقيق الصلح مع المشاهد المغربي"، وأضاف: "من الطبيعي أن تتفوق الدراما الاجتماعية على الكوميديا، لأنها تستوفي شروط البناء على مستوى السيناريو". كما قال المتحدث ذاته، في حديثه للجريدة، إن "الجمهور المغربي أصبح واعيا ومنفتحا على الإنتاجات العالمية"، وزاد: جمهور اليوم ليس هو جمهور الأمس، بحكم الاختيارات والعروض، لكن تظل للقنوات الوطنية نكهة خاصة في رمضان، فيما يبحث المشاهدون عن أعمال تمثل واقعهم المغربي". تكريس ل"الحموضة" في مقابل ذلك، لم تحقق الكوميديا المغربية أي تقدم إبداعي خلال الموسم الحالي، بل زادت من سخط المتلقي، وعن هذا يقول الناقد المغربي ذاته: "سواء تحدثتنا عن السيتكوم أو الكاميرا الخفية فلم يبتعدا عن العادة، وهي تكريس منطق 'الحموضة' والتشبث بالضحك على الجمهور من خلال مقالب مفبركة، والسقوط في فخ الاجترار، وتكرار الأسماء نفسها كل سنة". وأضاف: "كل هذه الأعمال اعتمدت على الصخب غير المبرر في المواقف الكوميدية".