أعيد انتخاب الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون لولاية رئاسية ثانية، عقب تصدره الدور الثاني من الانتخابات التي جرت الأحد، حيث حصل على 58 بالمائة من الأصوات المعبر عنها من لدن الناخبين. وحصلت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان على نسبة مهمة من الأصوات الفرنسية رغم الهزيمة السياسية، وهو ما يرجحها للظفر بالانتخابات المقبلة حسب تقديرات الخبراء الدوليين، حيث وعدت بنفسها بمواصلة مسيرتها السياسية. حضور البراغماتية هشام معتضد، الباحث السياسي المغربي المقيم بكندا، أكد أن "انتخاب ماكرون لولاية رئاسية ثانية لا يمكن اعتباره مفاجأة سياسية أو انتصارا انتخابيا متميزا، بل جاء نتيجة غياب فكر انتخابي وثقافة سياسية حقيقية في ظل الاستحقاقات الانتخابية الفرنسية". وأوضح معتضد، في حديث لهسبريس، أن "أغلب المرشحين، في الدور الأول أو الثاني، غلب عليهم الطابع الإيديولوجي أو التكتيك البراغماتي في تدبير الحملات الانتخابية، بعيدا عن روح الفكر السياسي والثقافة الفكرية". وتابع قائلا: "ماكرون، كمنتوج سياسي، اختاره الفرنسيون لعدم المغامرة بالاستقرار السياسي للبلد، خاصة في خضم الأوضاع الداخلية في فرنسا وتحديات الوضع الدولي، الذي تواجهه الخارجية الفرنسية بكثير من الحذر والقلق غير المسبوق". وأردف الخبير في العلاقات الدولية أن "فوز ماكرون لولاية رئاسية ثانية هو رسالة سياسية للشعب الفرنسي، الذي اختار الاستمرارية على النهج السياسي ذي الطابع الإداري والبراغماتي، في إطار الظروف السوسيو-اقتصادية العصيبة التي تمر بها فرنسا، وعدم المغامرة باختيار مرشح جديد ذي توجه إيديولوجي". تحديات خارجية يرى معتضد أن "الساحة السياسية الداخلية وكذا الدولية لا تسمحان بفترة تجريبية سياسية ذات بعد إيديولوجي، قد تعصف باستقرار البلد ومكوناته السياسية"، لافتا الانتباه إلى أن "استمرار ماكرون على رأس الرئاسة الفرنسية ستكون له انعكاسات سياسية إيجابية على مستوى العلاقات المغربية الفرنسية". وأوضح المتحدث ذاته أن "المحور الفكري والفئة المهيمنة في دائرة الرئيس لهما رؤية إيجابية لتطوير العلاقات بين البلدين، والدفع بها إلى أعلى المستويات، رغم المضايقات التي تتعرض لها على حساب التوجهات الدبلوماسية والسياسية من جهات أخرى". وخلص الخبير الدولي إلى أن "المرحلة المقبلة للرئيس الفرنسي لن تكون أسهل من سابقتها، والتحديات التي سيواجهها على مستوى التدبير السياسي الداخلي والتنسيق الدبلوماسي الخارجي ستتطلب منه إرادة سياسية أكثر فعالية وحزما تدبيريا يستجيب للتوافقات المضادة، قصد تجاوز الضغوطات التي تواجهها المؤسسات السياسية والعامة الفرنسية، وكذا تجاوز الأزمات التي ينتظر الفرنسيون حلا لها في أقرب الآجال". ولاية صعبة عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن "الرئيس المنتهية ولايته هو المرشح الأقوى بين المرشحين الحاليين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي أبانت عن ضعفها وتشرذمها في ظل بلقنة المشهد السياسي العام". وأضاف بنخطاب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "اليمين واليسار التقليديين تراجعت قاعدتهما الانتخابية، وهو ما سمح لإيمانويل ماكرون بالاستفادة من الوضع السياسي الراهن لتصدر الانتخابات التشريعية". وأبرز الأستاذ الجامعي أن "الانتخابات كانت أشبه بتصويت عقابي على اليمين واليسار"، مشيرا إلى أن "الولاية الحالية قد تكون صعبة بالنسبة لماكرون على غرار الرؤساء السابقين الذين عاشوا ولاية ثانية مليئة بالمتاعب". وحول مستقبل العلاقات المغربية- الفرنسية، أشار المتحدث ذاته إلى أن "إيمانويل ماكرون تعامل بحذر مع المغرب في ولايته السابقة، وهو ما تجسد في الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية، بخلاف الموقفين الألماني والإسباني، مما سيفرض عليه بذل مجهودات إضافية لتعزيز العلاقات المشتركة".