بعد رفض هيئة تحرير مجلة "تيل كيل" نشر رسالته التي يوضح فيها سبب انسحابه، عمم كريم التازي، رجل الأعمال المساهم في "تيل كيل"، بيانا يوضح فيه أسباب تفويته لحصة أسهمه من شركة "بريس ديريكت" التي تصدر الأسبوعية الفرنكفونية. التازي صرح في اتصال بهسبريس أن الحريري، شريكه السابق، التزم بنشر البيان غير أنه فوجئ بمدير النشر يعترض على الموضوع بحجة "أن نشر البيان اتفاق بيني بين مساهمين لا يلزم هيئة التحرير في شيء". التازي أضاف أنه لا يعرف الأسباب الواقفة وراء حجب بيانه في العدد الأخير و لكنه اعتبره قرارا مؤسفا و من شأنه أن يحرم الرأي العام من معلومات حول أسباب القرار. وكشف التازي أن الأشهر الثمانية من العمل المكثف والمواجهات الفكرية أظهرت وجود اختلافات فلسفية بين بينه وبين الحريري حول بعض من المواضيع، وهي "اختلافات تحمل في طياتها خطراً حقيقياً بظهور احتدام لاحق". رجل الاعمال الذي عرف عنه مساندته لحراك 2011 قال إنه لايجب تغيير الربان في مرحلة الاقلاع وهو ما جعله ينسحب من مشروع يعتبر واحدا مؤسسيه. فيما يلي بيان الانسحاب: بتاريخ 4 أبريل 2013، أعلن السيد الحريري وأنا عن اقتنائنا مجموع أسهم«شركة بريس ديريكت»التي تصدر مجلة تيل كيل (T.Q). وفي «كلمة المساهمين»، الصادرة بتاريخ 8 أبريل من الأسبوعية فسرنا أسباب هذا الاستثمار الذي وصفناه آنذاك بأنه استثمار نضالي. خلال ثمانية شهور، تم إنجاز العديد من الأمور التي تشكل نتيجة لانخراط المساهمين في عملية إعادة هيكلة الأسبوعية. وبعض هذه الأمور ليست جلية بالنسبة للقارئ لكونها تتعلق بعمل مُضْنِ،غير أنه أساسي، للتطهير المالي الذي كانت المجلة في أمس الحاجة إليه. والجزء الآخر من هذا العمل، وهو أكثر جلاء، يوجد بين أيدي القراء منذ أسبوعين. ذلك أن تيل كيل اكتست حُلة جديدة بتوفرها على تصميم (ماكيت) عصري ومُخفَّف يُشكل قطيعة حقيقية مع الصيغة السابقة للمجلة المُصوّرة ومنعطفاً هاماً في حياتها. وأخيرا، ونظرا لكون مستقبل جزء كبير من الصحافة سيكون من الآن فصاعدا على الخط مباشرة، سيتم تشغيل موقع إلكتروني عصري للغاية ويتجدد مضمونه يوميا وهو ما سيُشكل مُنعطفا هاما آخر. ما هو مهم، فضلا عن هذه المنجزات، هو أن دينامية التغيير التي انطلقت بدأت تُؤتي ثمارها الأولى، سواء من حيث المبيعات أو من حيث الإشهار. ويُمكن القول أن مرحلة أولى من المهمة قد تم إنجازها ويعود الفضل في ذلك إلى المؤسسة كلها، أجراء ومساهمين. ومع ذلك، ما يزال من الضروري القيام بالكثير من الأمور للوفاء بالالتزامات الطموحة التي تم عقدها أمام القراء، وهي التزامات عدَّدها تصريح المساهمين سالف الذكر. ولنذكِّر هنا أن تلك الالتزامات كانت تخص جودة المضامين وتنوعها وبتوازن الخط التحريري واستقلاليته التي تعهد المساهمون بضمانها. لقد كشفت هذه الأشهر الثمانية من العمل المكثف والمواجهات الفكرية وجود اختلافات فلسفية بين المساهمين حول بعض من هذه المواضيع، وهي اختلافات تحمل في طياتها خطراً حقيقياً بظهور احتدام لاحق. في المجال التحريري بصفة خاصة، ليس هناك تعريف علمي لمفاهيم الجودة والاستقلالية أو التوازن وبالتالي يمكن لأي شخص، وبحسن نية، تكوين تصور شخصي عن تلك المفاهيم. وأعتبر، شخصيا، أنه يتعيّن على تيل كيل في هذه المرحلة المتميّزة بانحصار هام لفضاءات الحرية - أن تحافظ على تميُّزها بل وعلى طابعها الفريد من خلال السماح بمعالجة مواضيع تُثير حفيظة البعض وإعطاء الكلمة لكافة زعماء الرأي في البلد وخاصة منهم أولئك الذين لا يُقرؤون ولا يُسمعون في أماكن أخرى. ويجب أن تقوم المجلة بذلك مع بقاءها مستقلة ونقدية إزاء كافة الممارسات والمقاربات والتحاليل. من البديهي أن ينطوي هذا الموقف على مخاطر وخاصة منها المخاطرة بإزعاج بعض أصحاب القرار والساسة والمستشهرين؛ وهو الأمر الذي أثار، لدى أعضاء مجلس إدارة تيل كيل، بعض التخوفات المفهومة.ذلك أن تقدير هذه المخاطر وأيضا تقدير هوامش المناورات الحقيقية الموجودة رغم كل شيء هي التي شكلت موضوع تقييم مختلف من طرف المساهمين. ولقد اعتبرت، بما أن هدفي الوحيد منذ البداية لم يكن سوى المحافظة على استمرارية تيل كيل، أن المراحل القادمة لمسلسل التحول الذي تشهده المجلة لا يجب إرباكه بمثل تلك الاختلافات. اعتبارا لكل هذه الأسباب و حيث أنه لا ينبغي تغيير القائد خلال عملية الإقلاع، فقد فضلت تفويت حصصي في رأسمال شركة «بريس ديريكت» للسيد خالد الحريري الذي كان مكلفا بالإدارة الإجرائية للمؤسسة ليكون وحده صاحب القرار. وإلى كل الذين قد يغريهم الخوض في تخمينات حول أسباب هذا الانسحاب المبكر، أود توضيح ما يلي:إن المسألة الحقيقية الكامنة وراء هذا الانسحاب ليست مسألة خلاف بين مساهمين في صحيفة بقدر ما تتمثل في الصعوبة القصوى التي يُشكلها إنتاج جريدة مستقلة استقلالا حقيقيا في المغرب. وبين الانتظارات الكبرى للقراء وتخوف بعض المستشهرين والضغوط الحقيقية أو المرتقبة للعديد من مراكز النفوذ المختلفة فإن إدارة أسبوعية كبرى تشبه أحيانا خوض سباق في حقل من الألغام. ومن جانبي سأظل قارئ وفيا لتيل كيل. أتمنى عمرا مديدا لتيل كيل ولكل الصحافة المغربية المستقلة.