قال البنك الدولي إن الحرب في أوكرانيا ستكون لها آثار حادة على المالية العمومية في عدد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، على رأسها المغرب وتونس ومصر. جاء ذلك على لسان فريد بلحاج، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي أكد أن المجموعة على استعداد لزيادة مساندتها للإنتاج المحلي والتسويق التجاري للأغذية الزراعية، وإدارة المخاطر الزراعية والاحتياطيات الغذائية. وأورد المسؤول ذاته، في مقال نشره على موقع المؤسسة المالية الدولية، أن هذه الأخيرة ملتزمة بالاستمرار في تقديم مساعدات فنية وتحليلية وثيقة ومُوجَّهة، لاسيما للبلدان التي ستكون أشد تضرراً في مجالات استدامة المالية العامة، وإصلاح أنظمة الدعم، والأمن الغذائي، ورصد المعاملات التجارية، وإدارة المخاطر الزراعية. وتفيد معطيات البنك الدولي بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مُعرَّضة لتداعيات التطورات السريعة للحرب في أوكرانيا؛ إذ إن بعض هذه الدول تتخذ من روسياوأوكرانيا شريكين تجاريين، ولذلك ستكون آثار الأزمة ملموسة. وقدرت المؤسسة أن يكون التأثير بدرجات متفاوتة على اقتصادات المنطقة، وستكون له تبعات سلبية مضاعفة على مستويات الأمن الغذائي والرفاه عبر أرجاء المنطقة، فضلاً عن جائحة كورونا، وتعطُّل سلاسل الإمداد، ومشكلات داخلية تخص كل بلد من بلدان المنطقة. وينتج عن الأزمة الحالية في أوكرانيا خمسة تداعيات كبرى، أولها صدمات أسعار الغذاء، ولاسيما القمح، وزيادات أسعار النفط والغاز، وعزوف المستثمرين عن المخاطر وجنوحهم إلى الاستثمارات الآمنة، وتحويلات المغتربين، وتأثر السياحة. وأكد البنك الدولي أن البلدان المصدرة للمواد الهيدروكربونية مثل قطر والسعودية والكويت وليبيا والجزائر، قد تشهد تحسناً في أرصدة المالية العامة وميزان المدفوعات الخارجية وتعزيز معدلات النمو، ومن المحتمل أيضاً أن تشهد البلدان المصدرة للغاز، على وجه الخصوص، زيادة هيكلية في الطلب من أوروبا، حيث أعلنت سلطات الاتحاد الأوروبي عن اهتمامها بتنويع مصادر إمداداتها من منتجات الطاقة. في حين ستتعرض البلدان غير المنتجة للنفط لتداعيات سلبية قد تقود إلى توترات اجتماعية إضافية مثل الأردن ومصر، وتعتبر هذه الأخيرة من البلدان الأكثر تأثراً بحركة السياحة حيث يُشكِّل الروس والأوكرانيون على الأقل ثلث السياح الوافدين إليها. وشددت مجموعة البنك الدولي على أن الصراع في أوكرانيا سيكون له تأثير ملموس وسلبي على عدة اقتصادات في المنطقة مثل لبنان وسوريا وتونس واليمن، لأنها تعتمد اعتماداً أساسياً على أوكرانياوروسيا في الحصول على وارداتها الغذائية، ولاسيما القمح والحبوب. ومن المتوقع أن تؤدي الأزمة إلى تعطل سلاسل توريد الحبوب والبذور الزيتية، وزيادة أسعار الأغذية، وارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج المحلية في قطاع الزراعة، وستكون لانخفاض غلات المحاصيل والدخول، لاسيما لصغار المزارعين، آثار سلبية على سبل كسب العيش، وقد يؤثر ذلك على المنتمين إلى الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً الذين يعتمدون على الزراعة في كسب أرزاقهم أكثر من غيرهم.