أثار مشروع الميزانية لسنة 2009 الذي قدمه وزير الاقتصاد والمالية (الصورة)في جلسة عمومية أمام البرلمان الكثير من ردود الأفعال التي أعربت عن خيبة أملها من المشروع، .سواء فيما يتعلق بالتخفيض الضريبي الذي سيستفيد منه بالأخص ذوو الدخل المرتفع ،أو إسقاط الحكومة من حسبانها لتداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المغربي. "" وبخصوص قطاع الوظيفة العمومية فإن تخفيض عدد المناصب إلى حدود 12700 منصب المقررة في ميزانية 2009 يطرح العديد من الأسئلة بشأن مستقبل الوظيفة العمومية بالمغرب، ومساعي الحكومة نحو تقليص دورها في الاقتصاد تماشيا مع توصيات البنك الدولي، خاصة في ظل عدم تعويض المناصب الناتجة عن التقاعد أو الترقية أو الوفاة، أو عن طريق مخططات التقاعد النسبي و المغادرة الطوعية . يشهد لذلك تحويل جزء هام من وظائف الدولة إلى القطاع الخاص كالتعليم الخاص و العيادات الخاصة وهي قطاعات لا يستطيع أداء فواتيرها ذوو الدخل المحدود و هم الطبقة الأوسع في المجتمع المغربي، و ترجمت هذه الوقائع من خلال تخفيض تكلفة و حجم الخدمات العمومية و تقليص أعداد العاملين في الوظيفة العمومية، فنسمع اليوم ببيانات نقابية تدق ناقوس الخطر بخصوص ما تعرفه المؤسسات التعليمية من تنامي ظاهرة الاكتضاض بسبب الخصاص في الأطر التربوية و الإدارية، وهشاشة البنية التحتية لعدد من المؤسسات، و ملخص الأزمة يحكيه تقرير المجلس الأعلى للتعليم عن حالة المنظومة الوطنية للتربية والتكوين وآفاقها . فبماذا ستفيد 350 درهما التي يقال إن الحكومة تنوي توزيعها على مليون و مائتي ألف أسرة معوزة كدعم مالي مباشر لتشجيع أبناءها على التمدرس مادام التقليص من الأطر سيؤدي لا محالة إلى المزيد من الاكتضاض ؟ وهل يكفي ذلك المبلغ الهزيل في تسهيل الولوج إلى الخدمات الطبية في ظل الخصاص الكبير في المستشفيات، لاسيما المستشفيات المتعددة الاختصاصات، و الفقر في المستوصفات و المراكز الصحية، و النقص الحاد في عدد الأطباء و مهنيي الصحة حيث تتحدث الإحصائيات عن طبيب لكل 3137 نسمة ، فدعم الدولة للأسر المعوزة من المفروض أن يكون نتاجا لرؤية شمولية تدعم القطاع العمومي و تحسن جودته وإلا سيفهم الأمر على أنه استهداف مباشر لصندوق المقاصة, و أن 350 درهما هي ذر للرماد في العيون، و يبدو أن الحكومة ماضية في سياستها بعد الحديث عن نواياها الدفع بمؤسسات ضخمة كالعمران و الخطوط الملكية المغربية إلى القطاع الخاص مما يهدد طابعهما الاجتماعي، حيث يبدأ المسلسل بتقديم تطمينات للموظفين بعدم المساس بوضعيتهم مرورا بإعادة الهيكلة وانتهاء بتخفيض نسبة الشغيلة وعدم تعويض المناصب المحالة على التقاعد . إن التقليص من مناصب الوظيفة العمومية لا يشكل نكسة للمعطلين فحسب، بل يمس جوهر السياسة الرامية إلى توسيع الطبقة الوسطى التي أكد جلالة الملك على أهمية دعمها بالقول :" لذا، نؤكد إرادتنا الراسخة، في ضرورة أن يكون الهدف الاستراتيجي لكافة السياسات العمومية، هو توسيع الطبقة الوسطى ، لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإ نتاج والإ بداع ". ضفيري محمد عزالدين عضو التنسيقية الوطنية للأطر العليا المعطلة مدونة حوار الأطر العليا المعطلة